الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ما يكره من الكلام في الخطبة وغيرها .

( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى أخبرنا إبراهيم قال : حدثني عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم قال : { خطب رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسكت فبئس الخطيب أنت ، ثم قال : النبي صلى الله عليه وسلم من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ، ولا تقل ومن يعصهما } ، ( قال : الشافعي ) : فبهذا نقول فيجوز أن تقول ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ; لأنك أفردت معصية الله وقلت " ورسوله " استئناف كلام وقد قال : الله تبارك وتعالى { : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وهذا وإن كان في سياق الكلام استئناف كلام ( قال ) : ومن أطاع الله فقد أطاع رسوله ومن عصى الله فقد عصى رسوله ومن أطاع رسوله فقد أطاع الله ، ومن عصى رسوله فقد عصى الله ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد من عباده قام في خلق الله بطاعة الله وفرض الله تبارك وتعالى على عباده طاعته لما وفقه الله تعالى من رشده ومن قال : " ومن يعصهما " كرهت ذلك القول له حتى يفرد اسم الله عز وجل ، ثم يذكر بعده اسم رسوله صلى الله عليه وسلم لا يذكره إلا منفردا .

( قال : الشافعي ) : { وقال رجل يا رسول الله : ما شاء الله وشئت ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثلان ؟ قل ما شاء الله ثم شئت } ( قال : الشافعي ) : وابتداء المشيئة مخالفة للمعصية ; لأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعصيته تبع لطاعة الله تبارك وتعالى ومعصيته ; لأن الطاعة والمعصية منصوصتان بفرض الطاعة من الله عز وجل فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاز أن يقال فيه من يطع الله ورسوله ومن يعص الله ورسوله لما وصفت ، والمشيئة إرادة الله تعالى ( قال : الشافعي ) : قال : الله عز وجل { : وما [ ص: 233 ] تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين } فأعلم خلقه أن المشيئة له دون خلقه وأن مشيئتهم لا تكون إلا أن يشاء الله عز وجل فيقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله ، ثم شئت ، ويقال من يطع الله ورسوله على ما وصفت من أن الله تبارك وتعالى تعبد الخلق بأن فرض طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أطيع الله بطاعة رسوله .

( قال : الشافعي ) : وأحب أن يخلص الإمام ابتداء الخطبة بحمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم والعظة والقراءة ولا يزيد على ذلك ، ( قال الشافعي ) : أخبرنا عبد المجيد عن ابن جريج قال : قلت لعطاء ما الذي أرى الناس يدعون به في الخطبة يومئذ أبلغك عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عمن بعد النبي عليه الصلاة والسلام ؟ قال لا إنما أحدث إنما كانت الخطبة تذكيرا ( قال الشافعي ) : فإن دعا لأحد بعينه ، أو على أحد كرهته ولم تكن عليه إعادة .

التالي السابق


الخدمات العلمية