الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
غسل الميت أخبرنا الربيع بن سليمان قال : لم أسمع هذا الكتاب من الشافعي وإنما أقرؤه على المعرفة ( قال الشافعي ) : أول ما يبدأ به من يحضر الميت من أوليائه أن يتولى أرفقهم به إغماض عينيه بأسهل ما يقدر عليه ، وأن يشد تحت لحييه عصابة عريضة ، وتربط من فوق رأسه كي لا يسترخي لحيه الأسفل فينفتح فوه ثم يجسو بعد الموت ، ولا ينطبق ، ويرد يديه حتى يلصقهما بعضديه ثم يبسطهما ثم يردهما ثم يبسطهما مرات ليبقى لينهما فلا يجسو ، وهما إذا لينا عند خروج الروح تباقى لينهما إلى وقت دفنه ففكتا ، وهما لينتان ، ويلين كذلك أصابعه ، ويرد رجليه من باطن حتى يلصقهما ببطون فخذيه كما وصفت فيما يصنع في يديه ويضع على بطنه شيئا من طين أو لبنة أو حديدة ، سيف أو غيره ، فإن بعض أهل التجربة يزعمون أن ذلك يمنع بطنه أن تربو ، ويخرج من تحته الوطء كله ، ويفضي به إلى لوح إن قدر عليه أو سرير ألواح مستو فإن بعض أهل التجربة يزعم أنه يسرع انتفاخه على الوطء ، ويسلب ثيابا إن كانت عليه ، ويسجي ثوبا يغطي به جميع جسده ، ويجعل من تحت رجله ورأسه وجنبيه لئلا ينكشف فإذا أحضروا له غسله ، وكفنه ، وفرغوا من جهازه فإن كان على يديه ، وفي عانته شعر فمن الناس من كره أخذه عنه ، ومنهم من أرخص فيه ، فمن أرخص فيه لم ير بأسا أن يحلقه بالنورة أو يجزه بالجلم ، ويأخذ من شاربيه ، ويقلم من أظفاره ، ويصنع به بعد الموت ما كان فطرة في الحياة ، ولا يأخذ من شعر رأسه ولا لحيته شيئا لأن ذلك إنما يؤخذ زينة أو نسكا ، وما وصفت مما يؤخذ فطرة فإن نوره أنقاه من نورة ، وإن لم ينوره اتخذ قبل ذلك عيدانا طوالا من شجر لين لا يجرح ثم استخرج جميع ما تحت أظفار يديه ، ورجليه من الوسخ ثم أفضى به إلى مغتسله مستورا ، وإن غسله في قميص فهو أحب إلي ، وأن يكون القميص سخيفا رقيقا أحب إلي ، وإن ضاق ذلك عليه كان أقل ما يستره به ما يواري ما بين سرته إلى ركبته لأن هذا هو العورة من الرجل في الحياة ، ويستر البيت الذي يغسله فيه بستر ولا يشركه في النظر إلى الميت إلا من لا غنى له عنه ممن يمسكه أو يقلبه أو يصب عليه ، ويغضون كلهم ، وهو عنه الطرف ، وإلا فيما لا يجزيه فيه إلا النظر إليه ليعرف ما يغسل منه ، وما بلغ الغسل ، وما يحتاج إليه من الزيادة في الغسل ، ويجعل السرير الذي يغسله عليه كالمنحدر قليلا ، وينفذ موضع مائه الذي يغسله به من البيت فإنه أحرز له أن ينضح فيه شيء انصب عليه ، ولو انتضح لم يضره إن شاء الله تعالى ، ولكن هذا أطيب للنفس ويتخذ إناءين إناء يغرف به من الماء المجموع لغسله ، وإناء يصب فيه ذلك الإناء ثم يصب الإناء الثاني عليه ليكون إناء الماء غير قريب من الصب على الميت ، ويغسله بالماء غير . [ ص: 320 ] السخن لا يعجبني أن يغسل بالماء المسخن ، ولو غسل به أجزأه إن شاء الله تعالى فإن كان عليه وسخ ، وكان ببلد بارد أو كانت به علة لا يبلغ الماء غير المسخن أن ينقي جسده غاية الإنقاء ، ولو لصق بجسده ما لا يخرجه إلا الدهن دهن ثم غسل حتى يتنظف ، وكذلك إن طلي بنورة ، ولا يفضي غاسل الميت بيده إلى شيء من عورته ولو توقى سائر جسده كان أحب إلي ، ويعد خرقتين نظيفتين قبل غسله فيلف على يده إحداهما ثم يغسل بها أعلى جسده ، وأسفله فإذا أفضى إلى ما بين رجليه ، ومذاكيره فغسل ذلك ألقاها فغسلت ، ولف الأخرى ، وكلما عاد على المذاكير ، وما بين الأليتين ألقى الخرقة التي على يده ، وأخذ الأخرى المغسولة لئلا يعود بما مر على المذاكير ، وبما بين الأليتين على سائر جسده إن شاء الله

التالي السابق


الخدمات العلمية