الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين

مرتضى الزبيدي - محمد بن محمد الحسيني الزبيدي

صفحة جزء
وكان يلبس المنطقة من الأدم فيها ثلاث حلق من فضة وكان اسم قوسه الكتوم وجعبته الكافور وكان اسم ناقته القصوى ، وهي التي يقال لها العضبا ، واسم بغلته الدلدل ، وكان اسم حماره يعفور ، واسم شاته التي يشرب لبنها عينة وكان له مطهرة من فخار يتوضأ فيها ويشرب منها ، فيرسل الناس أولادهم الصغار ، الذين قد عقلوا فيدخلون على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدفعون عنه ، فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا على وجوههم ، وأجسادهم يبتغون بذلك البركة .

التالي السابق


(وكان) صلى الله عليه وسلم (يلبس المنطقة) بكسر الميم (من الأدم) محركة الجلد المدبوغ أو الأحمر أو مطلقا أقوال (فيها ثلاث حلق من الفضة) قال العراقي : لم أقف له على أصل، ولابن [ ص: 133 ] سعد في الطبقات، وأبي الشيخ من رواية علي بن الحسين مرسلا، "كان في درع النبي ـ صلى الله عليه وسلم- حلقتان من فضة، عند موضع الثدي وحلقتان خلف ظهره من فضة.

(وكان اسم قوسه) صلى الله عليه وسلم (الكتوم و) اسم (جعبته الكافور) قال العراقي : لم أجد له أصلا، وفي حديث ابن عباس، عند الطبراني أنه كان له قوس، يسمى السداد، وكانت له كنانة تسمى الجمع، وقال ابن أبي خيثمة في تاريخه أخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم أحد من سلاح بني قينقاع ثلاثة قسي، اسمها: الروحاء، وقوس شوحط، تدعى البيضاء، وقوس صفراء تدعى الصفراء من نبع اهـ .

قلت: يقال: قوس كتوم ، أي لا ترن إذا قبضت، أو التي لا شق فيها، أو التي لا صدع في نبعها، وأنشد الجوهري لأوس:


كتوم طلاع الكف لا دون ملئها ولا عجسها في موضع الكف أفضلا

وأما الكافور فهو وعاء كل شيء من النبات .

(وكان اسم ناقته) صلى الله عليه وسلم (القصوى، وهي التي يقال لها: العضباء، واسم بغلته الدلدل، وكان اسم حماره يعفور، واسم شاته التي يشرب لبنها عينة) ، قال العراقي : بعضه مذكور في حديث ابن عباس ، أي الآتي ذكره، وروى البخاري من حديث أنس : "كان للنبي ـ صلى الله عليه وسلم- ناقة يقال لها: العضباء"، ولمسلم من حديث جابر في حجة الوداع، "ثم ركب القصوى"، وللحاكم من حديث علي "ناقته القصوى وبغلته دلدل، وحماره عفيرا"، الحديث، ورويناه في فوائد أبي الدحداح فقال: "حماره يعفور، وفيه شاته بركة"، وللبخاري من حديث معاذ: "كنت أردف النبي ـ صلى الله عليه وسلم- على حمار يقال له: عفير" ، ولابن سعد في الطبقات من رواية إبراهيم بن عبد الله، من ولد عتبة بن غزوان " كانت منائح رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- من الغنم سبعا: عجوة، وزمزم، وشقباء، وبركة، ودرسة، وأطلال، وأطراف" ، وفي سنده الواقدي، وله من رواية مكحول مرسلا : "كانت له شاة تسمى قمرا اهـ .

قلت: حديث الحاكم الذي أخرجه عن علي قد أخرجه أيضا البيهقي ولفظه: كان فرسه، يقال له المرتجز، وناقته القصوى وبغلته الدلدل وحماره عفير ،ودرعه ذات الفضول، وسيفه ذو الفقار، وروى أحمد من حديث علي، والطبراني في الكبير والأوسط، من حديث ابن مسعود بسند حسن ، كان له حمار اسمه عفير.

(وكانت له) صلى الله عليه وسلم (مطهرة من فخار يتوضأ فيها ويشرب منها، فيرسل الناس أولادهم الصغار، الذين قد عقلوا فيدخلون على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- فلا يدفعون عنه، فإذا وجدوا في المطهرة ماء شربوا منه ومسحوا على وجوههم، وأجسادهم يبتغون بذلك البركة) .

قال العراقي : لم أقف له على أصل اهـ .

ولنذكر حديث ابن عباس الموعود بذكره، وهو جامع لما تقدم مع زيادة ساقه العراقي، فقال: روى الطبراني من حديث ابن عباس، "كان لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- سيف قائمته من فضة وقبيعته من فضة، وكان يسمى ذا الفقار، وكان له قوس يسمى السداد وكانت له كنانة تسمى الجمع، وكانت له درع موشحة بنحاس تسمى ذات الفضول، وكانت له حربة تسمى النبعة، وكانت له مجن تسمى الذفن، وكان له ترس أبيض يسمى الموجز، وكان له فرس أدهم يسمى السكب، وكان له سرج يسمى الداج الموجز، وكانت له بغلة شهباء يقال لها دلدل، وكانت له ناقة تسمى القصوى وكان له حمار يسمى يعفور ، وكان له بساط يسمى الكز، وكانت له عنزة تسمى النمر، وكانت له ركوة، تسمى الصادر وكانت له مرآة تسمى المدلة، وكان له مقراض يسمى الجامع، وكان له قضيب شوحط يسمى الممشوق، وفيه علي بن عذرة الدمشقي نسب إلى وضع ،الحديث اهـ .

قلت: ورواه من طريق عثمان بن عبد الرحمن، عن علي بن عذرة، عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء وعمرو بن دينار، كلاهما عن ابن عباس، وعلي بن عذرة، قال الهيثمي: متروك، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وقال عبد الملك، وعلي، وعثمان متروكون، ونوزع في عبد الملك، فإن الجماعة سوى البخاري، رووا له، وفي بعض ألفاظ هذا الحديث، كان له سيف ملحي قائمته من فضة، ونصله من فضة، وفيه حلق من فضة، وفيه، "وكان له قوس يسمى ذا السداد"، قال ابن القيم : كانت له ست قسي هذا أحدها وفيه: وكان له كنانة تسمى ذا الجمع ، وهو بضم الجيم، وسكون الميم ،والكنانة جعبة السهام، والدرع المسماة ذات الفضول [ ص: 134 ] هي التي رهنها عند أبي الشحم اليهودي، وكان له سبعة دروع هذه أحدها ، والنبعاء بتقديم النون على الموحدة، ممدودة كذا في بعض ألفاظه، قال ابن القيم : وكانت له حربة أخرى كبيرة تدعى البيضاء والمجن بالكسر، الذي يتستر به في الحرب، وهو الترس والذفن، بفتح الذال، وسكون الفاء، وفي بعض النسخ، بالقاف، بدل الفاء، وليس في بعض رواياته ذكر الترس ، بل زاد بعده، وكان له فرس أشقر، يقال له: المرتجز والسكب المذكور كان أغر محجلا طلق اليمين، وهو أول فرس غزا عليه، قاله النووي في التهذيب، ودلدل كقنفذ أهداها له يوحنا ، ملك أيلة، وظاهر البخاري، أنه أهداها في غزوة حنين، وقد كانت هذه البغلة عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- قبل ذلك .

قال القاضي: ولم يرد أنه كانت له بغلة غيرها، نقله النووي عنه ، وتعقبه الجلال البلقيني فإن البغلة التي كان عليها يوم حنين غير هذه ففي مسلم أنه "كان على بغلة بيضاء أهداها له الجذامي"، قال: وفيما قاله القاضي نظر، فقد قيل: "كان له دلدل، وفضة، والتي أهداها ابن العلماء والأيلية، وأخرى أهداها له كسرى، وأخرى من دومة الجندل، وأخرى من النجاشي" ، كذا في سيرة مغلطاي .

وقال ابن القيم : " كان له من البغال دلدل، وكانت شهباء أهداها له المقوقس، وأخرى اسمها فضة أهداها له فروة الجذامي، وأخرى شهباء أهداها له صاحب أيلة، وأخرى أهداها له صاحب دومة الجندل"، وقوله: القصوى هي التي قطع طرف أذنها، فإذا جاوز القطع فهي العضباء، قال ابن الأثير : ولم تكن ناقته ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذلك، بل هو لقب لها، وجاء في خبر أن له ناقة تسمى العضباء، وأخرى تسمى الجدعاء فيحتمل أن كل واحدة صفة ناقة مفردة ، ويحتمل كون الكل صفة ناقة واحدة، فيسمى كل واحد منها بما تخيل فيها، وقوله: يعفور، أو عفير هو بضم العين المهملة، تصغير أعفر أخرجوه عن بناء أصله، كسويد تصغير أسود، من العفرة، بالضم، وهي حمرة يخالطها بياض، ذكره جمع ووهموا عياضا في ضبطه، بإعجام الغين .

قال الحافظ ابن حجر : وهو غير الذي يقال له: يعفور، وزعم ابن عبدوس أنهما واحد، رده الدمياطي، فقال: عفير أهداه له المقوقس، ويعفور أهداه له فروة بن عمرو، وقيل: بالعكس، قال الواقدي: نغف يعفور منصرف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم- من حجة الوداع ، وقيل: طرح نفسه في بئر يوم موته صلى الله عليه وسلم ، وقوله: "وكان له بساط" كذا في نسخ الطبراني، ووقع في بعض النسخ بدله فسطاط، وهو تصحيف، والكز بالزاي المعجمة، هكذا ضبطه بعض، قوله: "وكانت له عنزة"، هو بالتحريك، أي: حربة ، وقوله: تسمى الصادر سميت به; لأنه يصدر عنها بالري، ذكره ابن الأثير، وقوله: قضيب شوحط، أي: غصن مقطوع من شوحط، وهو من أشجار الجبال، تعمل منها القسي والسهام، قيل: هو الذي كان الخلفاء يتداولونه، وروى البخاري من حديث سهل بن سعد قال: "كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- في حائطنا فرس يقال له : اللحيف"، وروى البيهقي عنه بلفظ: "كان له فرس يقال له: الظرب، وآخر يقال له: اللزاز"، وجملة أفراسه صلى الله عليه وسلم ـ سبعة ، متفق عليه، جمعها ابن جماعة في بيت فقال:


والخيل سكب لحيف ظرب لزاز مرتجز ورد لها أسرار

وقيل: كان له أفراس خمسة عشر، والله أعلم .




الخدمات العلمية