الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحمد بن محمد بن أبي موسى ، أبو بكر الهاشمي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الفقيه المالكي ، القاضي بالمدائن وغيرها ، وخطب بجامع المنصور ، وسمع الكثير ، وروى عنه [ ص: 486 ] الجم الغفير بانتخاب أبي الحسن الدارقطني الحافظ الكبير ، وكان عفيفا نزها ثقة دينا . توفي في محرم هذه السنة عن خمس وسبعين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبيد الله بن عثمان بن يحيى ، أبو القاسم الدقاق

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ويعرف بابن جنيقا
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      . قال العلامة القاضي أبو يعلى بن الفراء - وهذا جده - : والصواب جليقا باللام ، لا بالنون . وقد سمع الحديث سماعا صحيحا ، وروى عنه الأزهري والعتيقي ، قال ابن أبي الفوارس : وكان ثقة مأمونا حسن الخلق ، ما رأينا مثله في معناه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      والد القاضي أبي يعلى ، وكان صالحا فقيها على مذهب أبي حنيفة ، أسند الحديث ، وروى عنه ابنه أبو خازم [ ص: 487 ] محمد بن الحسين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عبد الله بن أحمد بن علي بن أبي طالب البغدادي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      نزيل مصر ، حدث بها ، فسمع منه الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عمر بن إبراهيم بن أحمد ، أبو حفص ، المعروف بالكتاني المقرئ

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ولد سنة ثلاثمائة . روى عن البغوي وابن مجاهد وابن صاعد ، وعنه الأزهري وغيره ، وكان ثقة صالحا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن هارون ، أبو الحسين الدقاق

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      المعروف بابن أخي ميمي
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ، سمع البغوي وغيره ، وعنه جماعة ، ولم يزل على كبر سنه يكتب الحديث إلى أن توفي وله تسعون سنة ، وكان ثقة مأمونا دينا فاضلا ، حسن الأخلاق ، وكانت وفاته ليلة الجمعة لثمان وعشرين من شعبان من هذه السنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 488 ] محمد بن عمر بن يحيى بن الحسين بن أحمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، الشريف أبو الحسن العلوي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الكوفي ، ولد سنة خمس عشرة ، وسمع من أبي العباس بن عقدة وغيره ، وسكن بغداد وكانت له أموال كثيرة وضياع ، ودخل عظيم ، وحشمة وافرة ، وهمة عالية ، وكان مقدما على الطالبيين في وقته ، وقد صادره عضد الدولة في وقت ، واستحوذ على جمهور أمواله وسجنه ، ثم أطلقه شرف الدولة بن عضد الدولة ، ثم صادره بهاء الدولة بألف ألف دينار وأكثر ، ثم سجنه ، ثم أطلقه واستنابه على بغداد ويقال : إن غلاله كانت تساوي في كل سنة ألفي ألف دينار ، وله وجاهة كبيرة جدا ورياسة باذخة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الأستاذ أبو الفتوح برجوان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الناظر في الأمور بالديار المصرية في الدولة الحاكمية ، وإليه تنسب حارة برجوان بالقاهرة المعزية ، كان أولا من غلمان العزيز بن المعز ، ثم صار عند الحاكم نافذ الأمر مطاعا كبيرا في الدولة ، ثم أمر بقتله في القصر ، فضربه الأمير ريدان - الذي تنسب إليه الريدانية خارج باب الفتوح - بسكين في بطنه فقتله ، وقد ترك شيئا كثيرا من الأثاث والثياب ، من ذلك ألف [ ص: 489 ] سراويل دبيقي بألف تكة من حرير ، قاله ابن خلكان في كتابه . وولى الحاكم بعده في منصبه الأمير حسين بن القائد جوهر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الجريري المعروف بابن طرارا

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      اسمه المعافى بن زكريا بن يحيى بن حميد بن حماد بن داود ، أبو الفرج النهرواني القاضي ; لأنه ناب في الحكم ، المعروف بابن طرارا الجريري ; لاشتغاله على ابن جرير الطبري ، وسلوكه وراءه في مذهبه ، سمع الحديث من البغوي وابن صاعد وخلق ، وروى عنه جماعة ، وكان ثقة عالما فاضلا ، كثير الآداب والتفنن في أصناف العلوم ، وله المصنفات الكثيرة ، منها كتابه المسمى ب " الجليس والأنيس " فيه فوائد جمة كثيرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكان الشيخ أبو محمد البافي أحد أئمة الشافعية ، يقول : إذا حضر المعافى فقد حضرت العلوم كلها ، ولو أوصى رجل بثلث ماله لأعلم الناس لوجب [ ص: 490 ] أن يصرف إليه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال غيره : اجتمع جماعة من الفضلاء في دار بعض الرؤساء ، وفيهم المعافى فقالوا : هلم نتذاكر في فن من العلوم ، فقال المعافى لصاحب المنزل - وكانت عنده كتب كثيرة في خزانة عظيمة - : مر غلامك أن يأتي بكتاب من هذه الكتب أي كتاب ، فنتذاكر فيه ، فتعجب الحاضرون من هذا التمكن والتبحر .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال الخطيب البغدادي : أنشدنا الشيخ أبو الطيب الطبري قال : أنشدنا المعافى بن زكريا لنفسه :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ألا قل لمن كان لي حاسدا أتدري على من أسأت الأدب     أسأت على الله في فعله
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      لأنك لم ترض لي ما وهب     فجازاك عني بأن زادني
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وسد عليك وجوه الطلب

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكانت وفاته في ذي الحجة من هذه السنة عن خمس وثمانين سنة ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن فارس

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب " المجمل " ، وقيل : إنه توفي في سنة خمس وتسعين ، كما سيأتي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 491 ] أمة السلام بنت القاضي أبي بكر بن أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة أم الفتح

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      سمعت من محمد بن إسماعيل البصلاني وغيره ، وعنها الأزهري والتنوخي وأبو يعلى بن الفراء وغيرهم ، وأثنى عليها غير واحد في دينها وفضلها وسيادتها ، وكان مولدها في رجب من سنة ثمان وتسعين ، وتوفيت في رجب أيضا من هذه السنة عن ثنتين وتسعين سنة ، رحمها الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية