الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 519 ] قصة مصحف عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، وتحريقه عن فتيا الشيخ أبي حامد الإسفراييني ، مما ذكره ابن الجوزي في " المنتظم "

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي عاشر رجب جرت فتنة بين الرافضة والسنة ، سببها أن بعض الهاشميين قصد أبا عبد الله محمد بن النعمان ، المعروف بابن المعلم - وكان فقيه الشيعة - في مسجده بدرب رياح ، فعرض له بالسب ، فثار أصحابه له ، واستنفر أصحاب الكرخ ، وصاروا إلى دار القاضي أبي محمد بن الأكفاني والشيخ أبي حامد الإسفراييني ، وجرت فتنة طويلة ، وأحضرت الشيعة مصحفا ذكروا أنه مصحف عبد الله بن مسعود وهو يخالف المصاحف كلها ، فجمع الأشراف والقضاة والفقهاء في يوم الجمعة لليلة بقيت من رجب ، وعرض المصحف عليهم ، فأشار الشيخ أبو حامد الإسفراييني والفقهاء بتحريقه ، ففعل ذلك بمحضر منهم ، فغضب الشيعة من ذلك غضبا شديدا ، وجعلوا يدعون ليلة النصف من شعبان على من فعل ذلك ويسبونه ، وقصد جماعة من أحداثهم دار الشيخ أبي حامد ليؤذوه ، فانتقل منها إلى دار القطن ، وصاحوا : يا حاكم يا منصور ، وبلغ ذلك الخليفة ، فغضب وبعث أعوانه لنصرة أهل السنة ، فحرقت [ ص: 520 ] دور كثيرة من دور الشيعة ، وجرت خطوب شديدة ، وبعث عميد الجيوش إلى بغداد لينفي عنها ابن المعلم فأخرج منها ، ثم شفع فيه ، ومنعت القصاص من التعرض للفتن والسؤال باسم أحد من الصحابة ، وعاد الشيخ أبو حامد إلى داره على عادته .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفي شعبان زلزلت الدينور زلزالا شديدا ، سقطت منها دور كثيرة ، وهلك تحت الهدم ستة عشر ألفا غير من ساخت به الأرض ، وهلك للناس شيء كثير من الأثاث والأمتعة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وهبت ريح سوداء بدقوقاء وتكريت وشيراز ، فقلعت كثيرا من المنازل والنخيل والزيتون ، وقتلت خلقا كثيرا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وسقط بعض شيراز ووقعت رجفة بشيراز ، غرق بسببها مراكب كثيرة في البحر ، ووقع بواسط برد زنة الواحدة مائة درهم وستة دراهم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ووقع ببغداد في رمضان - وذلك في أيار - مطر عظيم سالت منه المزاريب .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية