فصل .
وأما في
nindex.php?page=treesubj&link=29575_28964كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح في فتاويه : وجدت عن
الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر ، أنه قال : صنف
nindex.php?page=showalam&ids=14510أبو عبد الرحمن السلمي " حقائق التفسير " فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : وأنا أقول : الظن بمن يوثق به منهم - إذا قال شيئا من ذلك - أنه
[ ص: 458 ] لم يذكره تفسيرا ، ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة ، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية ، وإنما ذلك منهم لنظير ما ورد به القرآن ، فإن النظير يذكر بالنظير ، ومع ذلك فيا ليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإيهام والإلباس .
وقال
النسفي في عقائده : النصوص على ظاهرها ، والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحاد .
قال
التفتازاني في شرحه :
nindex.php?page=treesubj&link=28840سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها ، بل لها معان باطنية لا يعرفها إلا المعلم ، وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية .
قال : وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها ، ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك ، يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة ، فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان .
وسئل شيخ الإسلام
سراج الدين البقليني عن رجل قال في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه [ البقرة : 255 ] . إن معناه : من ذل أي من الذل . ذي : إشارة إلى النفس يشف ، من الشفاء جواب ( من ) ع : أمر من الوعي ، فأفتى بأنه ملحد ، وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا [ فصلت : 40 ] . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : هو أن يضع الكلام على غير موضعه . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم .
فإن قلت : فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14906الفريابي : حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد ، عن
الحسن ، قال :
[ ص: 459 ] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لكل آية ظهر وبطن ، ولكل حرف حد ، ولكل حد مطلع .
وأخرج
الديلمي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف مرفوعا :
القرآن تحت العرش ، له ظهر وبطن يحاج العباد .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار وغيرهم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود موقوفا . إن هذا القرآن ليس منه حرف إلا له حد ، ولكل حد مطلع .
قلت : أما الظهر والبطن ففي معناه أوجه .
أحدها : أنك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقفت على معناها .
والثاني : أن ما من آية إلا عمل بها قوم ، ولها قوم سيعملون بها ، كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فيما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم .
الثالث : أن ظاهرها لفظها ، وباطنها تأويلها .
الرابع : قال
أبو عبيد : وهو أشبهها بالصواب : إن القصص التي قصها الله تعالى عن الأمم الماضية وما عاقبهم به ، ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين ، إنما هو حديث حدث به عن قوم ، وباطنها وعظ الآخرين ، وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم ، فيحل بهم مثل ما حل بهم .
وحكى
ابن النقيب قولا خامسا : أن ظهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر ، وبطنها ما تضمنته من الأسرار التي أطلع الله عليها أرباب الحقائق .
ومعنى قوله : ولكل حرف حد أي : منتهى فيما أراد الله من معناه .
وقيل : لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب .
[ ص: 460 ] ومعنى قوله : ولكل حد مطلع . لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل به إلى معرفته ، ويوقف على المراد به .
وقيل : كل ما يستحقه من الثواب والعقاب يطلع عليه في الآخرة عند المجازاة .
وقال بعضهم : الظاهر التلاوة ، والباطن الفهم ، والحد أحكام الحلال والحرام ، والمطلع الإشراف على الوعد الوعيد .
قلت : يؤيد هذا ما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم من طريق
الضحاك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : إن القرآن ذو شجون وفنون ، وظهور وبطون ، لا تنقضي عجائبه ، ولا تبلغ غايته ، فمن أوغل فيه برفق نجا ، ومن أوغل فيه بعنف هوى . أخبار وأمثال ، وحلال وحرام ، وناسخ ومنسوخ ، ومحكم ومتشابه ، وظهر وبطن ، فظهره التلاوة ، وبطنه التأويل ، فجالسوا به العلماء ، وجانبوا به السفهاء .
وقال
ابن سبع في شفاء الصدور : ورد عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء أنه قال : لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يجعل للقرآن وجوها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن . قال : وهذا الذي قالاه لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر .
وقال بعض العلماء : لكل آية ستون ألف فهم ، فهذا يدل على أن فهم معاني القرآن مجالا رحبا ، ومتسعا بالغا ، وأن المنقول من ظاهر التفسير ، ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل ، والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير ليتقي به مواضع الغلط ، ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط ، ولا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر ، بل لا بد منه أولا ، إذ لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر ، ومن ادعى فهم أسرار القرآن ، ولم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن ادعى البلوغ إلى صدر البيت ، قبل أن يجاوز الباب . انتهى .
[ ص: 461 ] وقال الشيخ
تاج الدين ابن عطاء الله في كتابه لطائف المنن :
اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله وكلام رسوله بالمعاني العربية ليس إحالة للظاهر عن ظاهره ، ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له ودلت عليه في عرف اللسان ، وثم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث ، لمن فتح الله قلبه ، وقد جاء في الحديث :
لكل آية ظهر وبطن فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم وأن يقول لك ذو جدل ومعارضة : هذا إحالة لكلام الله وكلام رسوله ، فليس ذلك بإحالة ، وإنما يكون إحالة لو قالوا : لا معنى للآية إلا هذا ، وهم لم يقولوا ذلك ، بل يقرءون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها ، ويفهمون عن الله تعالى ما أفهمهم .
فَصْلٌ .
وَأَمَّا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29575_28964كَلَامِ الصُّوفِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ فَلَيْسَ بِتَفْسِيرٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ : وَجَدْتُ عَنِ
الْإِمَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْوَاحِدِيِّ الْمُفَسِّرِ ، أَنَّهُ قَالَ : صَنَّفَ
nindex.php?page=showalam&ids=14510أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ " حَقَائِقَ التَّفْسِيرِ " فَإِنْ كَانَ قَدِ اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ تَفْسِيرٌ فَقَدْ كَفَرَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ : وَأَنَا أَقُولُ : الظَّنُّ بِمَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْهُمْ - إِذَا قَالَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ - أَنَّهُ
[ ص: 458 ] لَمْ يَذْكُرْهُ تَفْسِيرًا ، وَلَا ذَهَبَ بِهِ مَذْهَبَ الشَّرْحِ لِلْكَلِمَةِ ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانُوا قَدْ سَلَكُوا مَسْلَكَ الْبَاطِنِيَّةِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْهُمْ لِنَظِيرِ مَا وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ ، فَإِنَّ النَّظِيرَ يُذْكَرُ بِالنَّظِيرِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَيَا لَيْتَهُمْ لَمْ يَتَسَاهَلُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِيهَامِ وَالْإِلْبَاسِ .
وَقَالَ
النَّسَفِيُّ فِي عَقَائِدِهِ : النُّصُوصُ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَالْعُدُولُ عَنْهَا إِلَى مَعَانٍ يَدَّعِيهَا أَهْلُ الْبَاطِنِ إِلْحَادٌ .
قَالَ
التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِهِ :
nindex.php?page=treesubj&link=28840سُمِّيَتِ الْمَلَاحِدَةُ بَاطِنِيَّةً لِادِّعَائِهِمْ أَنَّ النُّصُوصَ لَيْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا ، بَلْ لَهَا مَعَانٍ بَاطِنِيَّةٌ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا الْمُعَلِّمُ ، وَقَصْدُهُمْ بِذَلِكَ نَفْيُ الشَّرِيعَةِ بِالْكُلِيَّةِ .
قَالَ : وَأَمَّا مَا يَذْهَبُ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَنَّ النُّصُوصَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا ، وَمَعَ ذَلِكَ فِيهَا إِشَارَاتٌ خَفِيَّةٌ إِلَى دَقَائِقَ تَنْكَشِفُ عَلَى أَرْبَابِ السُّلُوكِ ، يُمْكِنُ التَّطْبِيقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الظَّوَاهِرِ الْمُرَادَّةِ ، فَهُوَ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ وَمَحْضِ الْعِرْفَانِ .
وَسُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ
سِرَاجُ الدِّينِ الْبَقْلِينِيُّ عَنْ رَجُلٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [ الْبَقَرَةِ : 255 ] . إِنَّ مَعْنَاهُ : مَنْ ذَلَّ أَيْ مِنَ الذُّلِّ . ذِي : إِشَارَةٌ إِلَى النَّفْسِ يَشْفِ ، مِنَ الشِّفَاءِ جَوَابُ ( مَنْ ) عِ : أَمُرُّ مِنَ الْوَعْيِ ، فَأَفْتَى بِأَنَّهُ مُلْحِدٌ ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا [ فُصِّلَتْ : 40 ] . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : هُوَ أَنْ يَضَعَ الْكَلَامَ عَلَى غَيْرِ مَوْضِعِهِ . أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
فِإِنْ قُلْتَ : فَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14906الْفِرْيَابِيُّ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17419يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ ، قَالَ :
[ ص: 459 ] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لِكُلِّ آيَةٍ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ .
وَأَخْرَجَ
الدَّيْلَمِيُّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَرْفُوعًا :
الْقُرْآنُ تَحْتَ الْعَرْشِ ، لَهُ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ يُحَاجُّ الْعِبَادَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى nindex.php?page=showalam&ids=13863وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا . إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ لَيْسَ مِنْهُ حَرْفٌ إِلَّا لَهُ حَدٌّ ، وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ .
قُلْتُ : أَمَّا الظَّهْرُ وَالْبَطْنُ فَفِي مَعْنَاهُ أَوْجُهٌ .
أَحَدُهَا : أَنَّكَ إِذَا بَحَثْتَ عَنْ بَاطِنِهَا وَقِسْتَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا وَقَفْتَ عَلَى مَعْنَاهَا .
وَالثَّانِي : أَنَّ مَا مِنْ آيَةٍ إِلَّا عَمِلَ بِهَا قَوْمٌ ، وَلَهَا قَوْمٌ سَيَعْمَلُونَ بِهَا ، كَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .
الثَّالِثُ : أَنَّ ظَاهِرَهَا لَفْظُهَا ، وَبَاطِنَهَا تَأْوِيلُهَا .
الرَّابِعُ : قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَهُوَ أَشْبَهُهَا بِالصَّوَابِ : إِنَّ الْقِصَصَ الَّتِي قَصَّهَا اللَّهُ تَعَالَى عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَمَا عَاقَبَهُمْ بِهِ ، ظَاهِرُهَا الْإِخْبَارُ بِهَلَاكِ الْأَوَّلِينَ ، إِنَّمَا هُوَ حَدِيثٌ حَدَّثَ بِهِ عَنْ قَوْمِ ، وَبَاطِنُهَا وَعْظُ الْآخَرِينَ ، وَتَحْذِيرُهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِهِمْ ، فَيَحِلُّ بِهِمْ مِثْلَ مَا حَلَّ بِهِمْ .
وَحَكَى
ابْنُ النَّقِيبِ قَوْلًا خَامِسًا : أَنَّ ظَهْرَهَا مَا ظَهَرَ مِنْ مَعَانِيهَا لِأَهْلِ الْعِلْمِ بِالظَّاهِرِ ، وَبَطْنَهَا مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْأَسْرَارِ الَّتِي أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا أَرْبَابَ الْحَقَائِقِ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ : وَلِكُلِّ حَرْفٍ حَدٌّ أَيْ : مُنْتَهًى فِيمَا أَرَادَ اللَّهُ مِنْ مَعْنَاهُ .
وَقِيلَ : لِكُلِّ حُكْمٍ مِقْدَارٌ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ .
[ ص: 460 ] وَمَعْنَى قَوْلِهِ : وَلِكُلِّ حَدٍّ مَطْلَعٌ . لِكُلِّ غَامِضٍ مِنَ الْمَعَانِي وَالْأَحْكَامِ مَطْلَعٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ ، وَيُوقَفُ عَلَى الْمُرَادِ بِهِ .
وَقِيلَ : كُلُّ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ يَطَّلِعُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ عِنْدَ الْمُجَازَاةِ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الظَّاهِرُ التِّلَاوَةُ ، وَالْبَاطِنُ الْفَهْمُ ، وَالْحَدُّ أَحْكَامُ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَالْمَطْلَعُ الْإِشْرَافُ عَلَى الْوَعْدِ الْوَعِيدِ .
قُلْتُ : يُؤَيِّدُ هَذَا مَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ
الضَّحَّاكِ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِنَّ الْقُرْآنَ ذُو شُجُونٍ وَفُنُونٍ ، وَظُهُورٍ وَبُطُونٍ ، لَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ، وَلَا تُبْلَغُ غَايَتُهُ ، فَمَنْ أَوْغَلَ فِيهِ بِرِفْقٍ نَجَا ، وَمَنْ أَوْغَلَ فِيهِ بِعُنْفٍ هَوَى . أَخْبَارٌ وَأَمْثَالٌ ، وَحَلَالٌ وَحَرَامٌ ، وَنَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ ، وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ ، وَظَهْرٌ وَبَطْنٌ ، فَظَهْرُهُ التِّلَاوَةُ ، وَبَطْنُهُ التَّأْوِيلُ ، فَجَالِسُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ ، وَجَانِبُوا بِهِ السُّفَهَاءَ .
وَقَالَ
ابْنُ سَبُعٍ فِي شِفَاءِ الصُّدُورِ : وَرَدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ قَالَ : لَا يَفْقُهُ الرَّجُلُ كُلَّ الْفِقْهِ حَتَّى يَجْعَلَ لِلْقُرْآنِ وُجُوهًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ : مَنْ أَرَادَ عِلْمَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ فَلْيُثَوِّرَ الْقُرْآنَ . قَالَ : وَهَذَا الَّذِي قَالَاهُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَفْسِيرِ الظَّاهِرِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : لِكُلِّ آيَةٍ سِتُّونَ أَلْفَ فَهْمٍ ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَهْمَ مَعَانِي الْقُرْآنِ مَجَالًا رُحْبًا ، وَمُتَّسَعًا بَالِغًا ، وَأَنَّ الْمَنْقُولَ مِنْ ظَاهِرِ التَّفْسِيرِ ، لَيْسَ يَنْتَهِي الْإِدْرَاكُ فِيهِ بِالنَّقْلِ ، وَالسَّمَاعَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي ظَاهِرِ التَّفْسِيرِ لِيَتَّقِيَ بِهِ مَوَاضِعَ الْغَلَطِ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَّسِعُ الْفَهْمُ وَالِاسْتِنْبَاطُ ، وَلَا يَجُوزُ التَّهَاوُنُ فِي حِفْظِ التَّفْسِيرِ الظَّاهِرِ ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْهُ أَوَّلًا ، إِذْ لَا يَطْمَعُ فِي الْوُصُولِ إِلَى الْبَاطِنِ قَبْلَ إِحْكَامِ الظَّاهِرِ ، وَمَنِ ادَّعَى فَهْمَ أَسْرَارِ الْقُرْآنِ ، وَلَمْ يَحْكُمِ التَّفْسِيرَ الظَّاهِرَ فَهُوَ كَمَنِ ادَّعَى الْبُلُوغَ إِلَى صَدْرِ الْبَيْتِ ، قَبْلَ أَنْ يُجَاوِزَ الْبَابَ . انْتَهَى .
[ ص: 461 ] وَقَالَ الشَّيْخُ
تَاجُ الدِّينِ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ لَطَائِفِ الْمِنِنِ :
اعْلَمْ أَنَّ تَفْسِيرَ هَذِهِ الطَّائِفَةِ لِكَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ بِالْمَعَانِي الْعَرَبِيَّةِ لَيْسَ إِحَالَةً لِلظَّاهِرِ عَنْ ظَاهِرِهِ ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةَ مَفْهُومٌ مِنْهُ مَا جَلَبَتِ الْآيَةَ لَهُ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ فِي عُرْفِ اللِّسَانِ ، وَثَمَّ أَفْهَامٌ بَاطِنَةٌ تُفْهَمُ عِنْدَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ ، لِمَنْ فَتَحَ اللَّهُ قَلْبَهُ ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ :
لِكُلِّ آيَةٍ ظَهْرٌ وَبَطْنٌ فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنْ تَلَقِّي هَذِهِ الْمَعَانِي مِنْهُمْ وَأَنْ يَقُولَ لَكَ ذُو جَدَلٍ وَمُعَارِضَةٍ : هَذَا إِحَالَةٌ لِكَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِإِحَالَةٍ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إِحَالَةً لَوْ قَالُوا : لَا مَعْنَى لِلْآيَةِ إِلَّا هَذَا ، وَهُمْ لَمْ يَقُولُوا ذَلِكَ ، بَلْ يَقْرَءُونَ الظَّوَاهِرَ عَلَى ظَوَاهِرِهَا مُرَادًا بِهَا مَوْضُوعَاتُهَا ، وَيَفْهَمُونَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى مَا أَفْهَمَهُمْ .