الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1621 1619 - قال مالك عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، أن رجلا من الأنصار يقال له : أحيحة بن الجلاح ، كان له عم صغير ، هو أصغر من [ ص: 203 ] أحيحة ، وكان عند أخواله ، فأخذه أحيحة فقتله ، فقال أخواله : كنا أهل ثمه ورمه ، حتى إذا استوى على عممه ، غلبنا حق امرئ في عمه .
37708 - قال أبو عمر : أما قول عروة : إن رجلا من الأنصار ، يقال له : أحيحة ، فإنما أراد أن أحيحة من القبيلة والقوم الذين يقال لهم : الأنصار ، في زمنه وهم الأوس والخزرج ، لأن الأنصار اسم إسلامي .
37709 - قيل nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس بن مالك : أرأيت قول الناس لكم nindex.php?page=treesubj&link=29296 " الأنصار " ، اسم سماكم الله به ، أم كنتم تدعون به في الجاهلية ؟ فقال : بل اسم سمانا الله - عز وجل - به في القرآن .
37710 - وأحيحة لم يدرك الإسلام ، إنه في محل هاشم بن عبد مناف ، وهو الذي خلف على سلمى بنت عمرو بن زيد من بني عدي بن النجار ، بعد موت هاشم عنها ، فولدت له أحيحة ، فهو أخو عبد المطلب بن هشام لأمه ، وقد غلط في أحيحة هذا غلطا بينا بعض من ألف في رجال " الموطأ " فظنه صاحبا ، وهو أحيحة بن الجلاح بن الحريسن بن حجب بن خلفة بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك ابن الأوس ، وزوجته سلمى بنت عمرو بن زيد بن لبيد بن خراش بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار .
37711 - وإنما فائدة حديث عروة هذا ، أن nindex.php?page=treesubj&link=30578أهل الجاهلية كان منهم من يقتل [ ص: 204 ] قريبه ، ليرثه . . وإنما ذلك كان منهم معروفا ، وعنهم مشهورا ، فأبطل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنته ، وسن لأمته ألا يرث القاتل من قتل ، وهي سنة مجتمع عليها في القاتل عمدا .
37712 - وروى nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير أنه قال : ما ورث قاتل ممن قتل بعد أحيحة بن الجلاح .
37713 - وسفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16536عبيدة السلماني ، قال : لم يرث قاتل من قتل بعد صاحب البقرة .
37714 - وذكر nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال : حدثني بندار ، قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، قال : حدثني عوف ، عن محمد ، عن عبيدة ، أن nindex.php?page=treesubj&link=31942صاحب البقرة ، التي كانت في بني إسرائيل كان رجلا ليس له ولد ، وإنما وارثه قتله يريد ميراثه ، فلما ضرب القتيل ببعضها ، أحياه الله - عز وجل - فقيل له : من قتلك ؟ قال : فلان . فلم يورث منه ، ولا ورث قاتل بعده من مقتوله .
37715 - قال عبيدة : وكان الذي قتله ابن أخيه .
37716 - قال الساجي ، قال : وحدثني عبد الجبار ، قال : حدثني سفيان ، عن nindex.php?page=showalam&ids=16971محمد بن سوقة ، يقول : سمع عكرمة يقول : كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا ، لكل باب قوم يدخلون منه ، فوجدوا قتيلا في سبط من الأسباط ، فادعى . [ ص: 205 ] هؤلاء على هؤلاء ، وهؤلاء على هؤلاء ، ثم أتوا موسى ، يختصمون إليه فقال لهم : " إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة فتضربوه ببعضها ، فذكر الخبر بطوله في ابتياعهم البقرة وتشددهم فيها ، والتشديد عليهم ، حتى اشتروها وذبحوها ، وضربوه بفخذها ، قالوا : من قتلك ؟ قال : ابن أخي فلان ، وهو وارثي ، فلم يورث منه ، ولم يعط من ماله شيئا .
37717 - ولم يورث قاتل بعده .
37718 - قال أبو عمر : أجمع العلماء ، على أن nindex.php?page=treesubj&link=14243القاتل عمدا لا يرث من مقتوله ، إلا فرقة شذت عن الجمهور ، كلهم أهل بدع .
37719 - واختلف العلماء ، في ميراث القاتل خطأ ، على ما نذكره بعد إن شاء الله - عز وجل .
37720 - وقول عروة في ذلك : لا يرث قاتل من قتل يعني أن القاتل منع من الميراث ، عقوبة له ، لاستعجاله الميراث من غير وجهه ، لئلا يتطرق الناس إلى الميراث بالقتل ، فكان سبب ذلك قتل أحيحة عمدا ليرثه ، وكان ذا مال كثير ، فكان ما كان من قتل أحيحة لعمه قصدا ، لأخذ ميراثه في الجاهلية سببا إلى منع القاتل من الميراث في الإسلام .