الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو الحسن الكرخي ، عبيد الله بن الحسين بن دلال بن دلهم ، أبو الحسن الكرخي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أحد أئمة الحنفية المشهورين ، ولد سنة ستين ومائتين ، وسكن بغداد ودرس بها فقه أبي حنيفة ، وانتهت إليه رئاسة أصحابه ، وانتشر أصحابه ببغداد ، وكان متعبدا ، كثير الصلاة والصوم ، صبورا على الفقر ، عزوفا عما في أيدي الناس ، وكان مع ذلك رأسا في الاعتزال ، وقد سمع الحديث من إسماعيل بن إسحاق القاضي ، وروى عنه ابن حيويه وابن شاهين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وأصابه الفالج في آخر عمره ، فاجتمع عنده بعض أصحابه ، واشتوروا فيما بينهم أن يكتبوا إلى سيف الدولة بن حمدان ; ليساعده بشيء يستعين به في مرضه ، فلما علم بذلك رفع رأسه إلى السماء ، وقال : اللهم لا تجعل [ ص: 210 ] رزقي إلا من حيث عودتني . فمات عقب ذلك قبل أن يصل إليه ما أرسل به سيف الدولة ، وهو عشرة آلاف درهم ، فتصدق بها بعد وفاته ، وكانت وفاته في شعبان من هذه السنة عن ثمانين سنة ، وصلى عليه أبو تمام الحسن بن محمد الزينبي ، وكان صاحبه ، ودفن في درب أبي زيد على نهر الواسطيين .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      محمد بن صالح بن زيد ، أبو جعفر الوراق ، سمع الكثير ، وكان يفهم ويحفظ ، وكان ثقة زاهدا ، لا يأكل إلا من كسب يده ، ولا يقطع صلاة الليل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال بعضهم : صحبته سنين كثيرة ، فما رأيته فعل إلا ما يرضي الله عز وجل ، ولا قال إلا ما يسأل عنه ، وكان يقوم أكثر الليل .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كانت وفاة منصور بن قراتكين

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صاحب الجيوش الخراسانية من جهة الأمير نوح الساماني وكانت وفاته لمرض حصل له ، وقيل : لأنه أدمن شرب الخمر أياما متتابعة ، فهلك بسبب ذلك ، فأقيم بعده في الجيوش أبو علي بن محتاج .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الزجاجي مصنف " الجمل " ، وهو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق النحوي البغدادي الأصل ، ثم الدمشقي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      مصنف " الجمل " في النحو ، وهو كتاب نافع ، كثير الفائدة ، صنفه بمكة ، وكان يطوف بعد كل باب منه ، ويدعو الله تعالى أن ينفع به .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 211 ] أخذ النحو أولا عن محمد بن العباس اليزيدي ، وأبي بكر بن دريد ، وابن الأنباري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وكانت وفاته في رجب سنة سبع ، وقيل : سنة تسع وثلاثين . وقيل : سنة أربعين . توفي في دمشق وقيل : بطبرية . وقد شرحت " الجمل " بشروح كثيرة ، من أحسنها وأجمعها ما وضعه ابن عصفور . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية