فصل (
nindex.php?page=treesubj&link=30349كيفية الحشر )
قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=86ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا [ مريم : 85 ، 86 ] . ورد في حديث سيأتي أنهم يؤتون بنجائب من الجنة يركبونها ، وأنهم يؤتون بها عند قيامهم من قبورهم . وفي صحته نظر ، إذ قد تقدم في الحديث أن
nindex.php?page=treesubj&link=30349الناس كلهم يحشرون مشاة حفاة عراة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر راكبا وحده ناقة حمراء ،
وبلال ينادي بالأذان بين يديه ، فإذا قال : أشهد أن
محمدا رسول الله . صدقه الأولون والآخرون .
فإذا كان هذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما يكون إتيانهم بالنجائب بعد جواز الصراط ، وهو الأشبه ، والله أعلم .
وقد روي في حديث الصور أن المتقين يضرب لهم حياض يردونها بعد مجاوزة الصراط ، وأنهم إذا وصلوا إلى باب الجنة ، يستشفعون
بآدم ، ثم
بنوح ، ثم
بإبراهيم ، ثم
بموسى ، ثم
بعيسى ، ثم
بمحمد ، صلى الله عليهم جميعا
[ ص: 103 ] وسلم ، فيكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يشفع لهم في دخول الجنة ، والله أعلم ، كما ثبت في " صحيح
مسلم " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11920أبي النضر هاشم بن القاسم ، ورواه
أحمد عنه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة ، عن
ثابت ، عن
أنس بن مالك ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513722آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح ، فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : محمد . فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك " .
وقال
مسلم : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12137أبو كريب محمد بن العلاء ، حدثنا
معاوية بن هشام ، عن
سفيان ، عن
المختار بن فلفل ، عن
أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513723أنا أكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة " .
وفي " صحيح
مسلم " : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513724يجمع الله تعالى الناس ، فيقوم المؤمنون ، حين تزلف لهم الجنة ، فيأتون آدم فيقولون : يا أبانا ، استفتح لنا الجنة . فيقول : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم آدم ، لست بصاحب ذلك " . وذكر تمام الحديث كما تقدم " ، وهو شاهد قوي لما ذكر في حديث الصور من
nindex.php?page=treesubj&link=30348ذهاب الناس إلى الأنبياء مرة ثانية يستشفعون إلى الله بهم في دخولهم الجنة ، فتنحصر القسمة أيضا ويتعين لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما تعين للشفاعة الأولى العظمى في الفصل بين الخلائق ، كما تقدم .
[ ص: 104 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد ، أنا
علي بن مسهر ، عن
عبد الرحمن بن إسحاق ، حدثنا
النعمان بن سعد ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513725كنا جلوسا عند علي ، فقرأ هذه الآية : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا [ مريم : 85 ] . قال : لا والله ، ما على أرجلهم يحشرون ، ولا يحشر الوفد على أرجلهم ، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها ، عليها رحائل من ذهب ، فيركبون عليها ، حتى يضربوا أبواب الجنة .
ورواه
ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، من حديث
عبد الرحمن بن إسحاق ، وزاد : عليها رحائل من ذهب ، وأزمتها الزبرجد . والباقي مثله .
وقال
ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12125أبو غسان مالك بن إسماعيل النهدي ، حدثنا
مسلمة بن جعفر البجلي ، سمعت
أبا معاذ البصري ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513726كان علي بن أبي طالب يوما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علي هذه الآية : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا . فقال : ما أظن الوفد إلا الركب يا رسول الله . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، إنهم إذا خرجوا من قبورهم يستقبلون - أو يؤتون - بنوق بيض لها أجنحة وعليها رحال الذهب ، شراك نعالهم نور يتلألأ ، كل خطوة منها مد البصر ، فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان ، فيشربون من إحداهما ، فتغسل ما في بطونهم من دنس ، ويغتسلون من الأخرى ، فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها أبدا ، وتجري عليهم نضرة النعيم ، فينتهون - أو قال : يأتون - باب الجنة ، فإذا حلقة من ياقوتة حمراء ، على [ ص: 105 ] صفائح الذهب ، فيضربون بالحلقة على الصفيحة ، فيسمع لها طنين يا علي ، لم يسمع الخلائق مثله ، فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل ، فتبعث قيمها فيفتح له ، فإذا رآه خر له - قال مسلمة : أراه قال : ساجدا - فيقول : ارفع رأسك ، إنما أنا قيمك ، وكلت بأمرك . فيتبعه ويقفو أثره ، فتستخف الحوراء العجلة ، فتخرج من خيام الدر والياقوت ، حتى تعتنقه ، ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك ، وأنا الخالدة التي لا أموت ، وأنا الناعمة التي لا أبأس ، وأنا الراضية التي لا أسخط ، وأنا المقيمة التي لا أظعن . فيدخل بيتا من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع ، بني على جندل اللؤلؤ والياقوت ، طرائق حمر وخضر وصفر ، ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها ، وفي البيت سبعون سريرا ، على كل سرير سبعون حشية ، على كل حشية سبعون زوجة ، على كل زوجة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الحلل ، يقضي جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه ، الأنهار من تحتهم تطرد ، أنهار من ماء غير آسن - قال : صاف لا كدر فيه - وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، لم يخرج من ضروع الماشية ، وأنهار من خمر لذة للشاريين ، لم تعصرها الرجال بأقدامها ، وأنهار من عسل مصفى ، لم يخرج من بطون النحل ، فيستحلي الثمار ، فإن شاء أكل قائما ، وإن شاء قاعدا ، وإن شاء متكئا " . ثم تلا : " nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا [ الإنسان : 14 ] . فيشتهي الطعام ، فيأتيه طير أبيض - قال : وربما قال : أخضر - فترفع أجنحتها ، فيأكل من جنوبها أي الألوان شاء ، ثم تطير فتذهب ، فيدخل الملك ، فيقول : سلام عليكم ، تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون . ولو أن شعرة من شعر الحوراء وقعت إلى الأرض لأضاءت الأرض منها ، ولكانت الشمس معها سوادا [ ص: 106 ] في نور "
. وقد رويناه في " الجعديات " من كلام
علي بن أبي طالب موقوفا عليه ، وهو أشبه بالصحة ، والله سبحانه أعلم ، فقال
أبو القاسم البغوي : حدثنا
علي بن الجعد ، أخبرنا
زهير ، عن
أبي إسحاق ، عن
عاصم ، عن
علي ، قال : ذكر النار فعظم أمرها ، ذكرا لا أحفظه . قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين [ الزمر : 73 ] . حتى إذا انتهوا إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان ، فعمدوا إلى إحداهما ، كأنما أمروا بها ، فشربوا منها ، فأذهبت ما في بطونهم من قذى أو أذى أو بأس ، ثم عمدوا إلى الأخرى ، فتطهروا منها ، فجرت عليهم نضرة النعيم ، ولم تغبر أشعارهم بعدها أبدا ، ولا تشعث رءوسهم ، كأنما دهنوا بالدهان ، ثم انتهوا إلى الجنة ، فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين ثم تلقاهم الولدان فيطيفون بهم ، كما يطيف ولدان أهل الدنيا بالحميم يقدم عليهم ، يقولون : أبشروا بما أعد الله لكم من الكرامة . ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى بعض أزواجه من الحور العين ، فيقول : جاء فلان . باسمه الذي كان يدعى به في الدنيا . قالت : أما رأيته ؟ قال : نعم أنا رأيته ، وهو بإثري . فيستخف إحداهن الفرح ، حتى تقوم على أسكفة بابها ، فإذا انتهى إلى منزله نظر إلى أساس بنيانه ، فإذا جندل اللؤلؤ فوقه صرح أحمر وأخضر وأصفر من كل لون ، ثم
[ ص: 107 ] رفع رأسه ، فنظر إلى سقفه ، فإذا مثل البرق ، ولولا أن الله قدر أن لا يذهب بصره لألم أن يذهب ببصره ، ثم طأطأ رأسه ، فإذا أزواجه ، وأكواب موضوعة ، ونمارق مصفوفة ، وزرابي مبثوثة ، ثم اتكئوا ، فقالوا : الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله . ثم ينادي مناد : تحيون فلا تموتون أبدا ، وتقيمون فلا تظعنون أبدا ، وتصحون فلا تمرضون أبدا .
وهذا الأثر يقتضي أن تغيير الشكل من الحال الذي كان الناس عليه في الدنيا إلى طول ستين ذراعا ، وعرض سبعة أذرع ، كما هي
nindex.php?page=treesubj&link=30395صفة كل من دخل الجنة من صغير وكبير ، كما ورد به الحديث ، يكون عند هاتين العينين اللتين يغتسلون من إحداهما ، فتجري عليهم نضرة النعيم ويشربون من الأخرى فتغسل ما في بطونهم من الأذى ، فيتجدد لهم الطول والعرض ، وذهاب الأذى ، وجريان نضرة النعيم بعد الغسل والشرب . وهذا أنسب وأقرب مما جاء في الحديث المتقدم ، أن ذلك يكون في عرصات القيامة ، وهو ضعيف الإسناد ، وأبعد من هذا من زعم أن ذلك يكون عند الخروج من القبور ; لما يعارضه من الأدلة الدالة على خلاف ذلك ، والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة ، عن
حميد بن هلال قال : ذكر لنا أن الرجل إذا دخل الجنة صور صورة أهل الجنة ، وألبس لباسهم ، وحلي حليتهم ، وأري أزواجه وخدمه ، يأخذه سوار فرح ، لو كان ينبغي له أن يموت لمات من شدة سوار فرحه ، فيقال له : أرأيت سوار فرحك هذا ، فإنه قائم
[ ص: 108 ] لك ، وباق أبدا .
وقال
ابن المبارك : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13172رشدين بن سعد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15928زهرة بن معبد القرشي ، عن
أبي عبد الرحمن الحبلي قال : إن العبد أول ما يدخل الجنة يتلقاه سبعون ألف خادم ، كأنهم اللؤلؤ .
قال
ابن المبارك : أخبرنا
يحيى بن أيوب ، حدثني
عبيد الله بن زحر ، عن
محمد بن أيوب ، عن
أبي عبد الرحمن المعافري ، قال : إنه ليصف للرجل من أهل الجنة سماطان ، لا يرى طرفاهما من غلمانه ، حتى إذا مر مشوا وراءه .
وروى
أبو نعيم ، عن
سلمة ، عن
الضحاك بن مزاحم ، قال : إذا دخل المؤمن الجنة دخل أمامه ملك ، فيأخذ به في سككها ، فيقول له : انظر ، ما ترى ؟ قال : أرى أكثر قصور رأيتها من ذهب وفضة ، وأكثر أنيس . فيقول الملك : إن هذا أجمع لك . حتى إذا دفع لهم استقبلوه من كل باب ومن كل مكان : نحن لك . ثم يقول : امش . فيقول : ماذا ترى ؟ فيقول : أكثر عساكر رأيتها من خيام ، وأكثر أنيس . فيقول : إن هذا أجمع لك . فإذا دفع لهم استقبلوه : نحن لك .
[ ص: 109 ] وقال
أحمد بن أبي الحواري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12032أبي سليمان الداراني ، أنه قال في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا [ الإنسان : 20 ] ، قال : الملك الكبير أن الملك يأتي إلى ولي الله بالتحفة من عند الله سبحانه ، فلا يصل إليه إلا بإذن بعد إذن ، يقول الملك لحاجبه : استأذن لي على ولي الله . فيعلم ذلك الحاجب حاجبا آخر ، وحاجبا بعد حاجب ، ومن دار إلى دار حتى ينتهي إلى ولي الله ، عز وجل ، بما أمر به ، ومن داره إلى دار السلام باب يدخل منه الولي على ربه ، متى شاء بلا إذن ، ورسول رب العزة لا يدخل عليه إلا بإذن .
وقال
ابن أبي الدنيا : حدثنا
خالد بن خداش ، حدثنا
مهدي بن ميمون ، عن
محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب ، عن
بشير بن شغاف قال : كنا جلوسا إلى
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، فقال : إن أكرم خليقة على الله أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ، وإن الجنة في السماء ، وإن النار في الأرض ، فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة ، ونبيا نبيا ، ثم يوضع جسر على جهنم ، ثم ينادي مناد : أين
أحمد وأمته ؟ فيقوم وتتبعه أمته ، برها وفاجرها ، فيأخذون على الجسر ، ويطمس الله تعالى أبصار أعدائه ، فيتهافتون فيها من شمال ويمين ، وينجو النبي صلى الله عليه وسلم والصالحون معه ، وتتلقاهم الملائكة ، ويبوئونهم منازلهم من الجنة ، على يمينك ، على يسارك ، حتى ينتهي إلى ربه ، فيلقى له كرسي على يمين الله عز وجل ، ثم ينادي المنادي : أين
عيسى وأمته ؟ فذكر نحو ما تقدم إلى أن قال : فيلقى له كرسي من
[ ص: 110 ] الجانب الآخر ، ثم يتبعهم الأنبياء والأمم ، حتى يكون آخرهم
نوح ، عليه السلام . وهذا موقوف على
ابن سلام ، رضي الله عنه .
وتقدم في حديث
سلمان الفارسي الذي رواه
ابن أبي الدنيا عن
nindex.php?page=showalam&ids=12175أبي نصر التمار ، حدثنا
حماد بن سلمة ، عن
ثابت البناني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي ، عن
سلمان ، قال :
nindex.php?page=treesubj&link=30367يوضع الصراط يوم القيامة ، وله حد كحد الموسى ، فتقول الملائكة : ربنا ، من يطيق أن يجوز على هذا ؟ فيقول الله عز وجل : " من شئت من خلقي " . فيقولون : ربنا ما عبدناك حق عبادتك .
فَصْلٌ (
nindex.php?page=treesubj&link=30349كَيْفِيَّةُ الْحَشْرِ )
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=86وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا [ مَرْيَمَ : 85 ، 86 ] . وَرَدَ فِي حَدِيثٍ سَيَأْتِي أَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِنَجَائِبَ مِنَ الْجَنَّةِ يَرْكَبُونَهَا ، وَأَنَّهُمْ يُؤْتَوْنَ بِهَا عِنْدَ قِيَامِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ . وَفِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ ، إِذْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30349النَّاسَ كُلَّهُمْ يُحْشَرُونَ مُشَاةً حُفَاةً عُرَاةً ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْشَرُ رَاكِبًا وَحْدَهُ نَاقَةً حَمْرَاءَ ،
وَبِلَالٌ يُنَادِي بِالْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَإِذَا قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ . صَدَّقَهُ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ .
فَإِذَا كَانَ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّمَا يَكُونُ إِتْيَانُهُمْ بِالنَّجَائِبِ بَعْدَ جَوَازِ الصِّرَاطِ ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ أَنَّ الْمُتَّقِينَ يُضْرَبُ لَهُمْ حِيَاضٌ يَرِدُونَهَا بَعْدَ مُجَاوَزَةِ الصِّرَاطِ ، وَأَنَّهُمْ إِذَا وَصَلُوا إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ ، يَسْتَشْفِعُونَ
بِآدَمَ ، ثُمَّ
بِنُوحٍ ، ثُمَّ
بِإِبْرَاهِيمَ ، ثُمَّ
بِمُوسَى ، ثُمَّ
بِعِيسَى ، ثُمَّ
بِمُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا
[ ص: 103 ] وَسَلَّمَ ، فَيَكُونُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ الَّذِي يَشْفَعُ لَهُمْ فِي دُخُولِ الْجَنَّةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، كَمَا ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ
مُسْلِمٍ " مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11920أَبِي النَّضْرِ هَاشِمِ بْنِ الْقَاسِمِ ، وَرَوَاهُ
أَحْمَدُ عَنْهُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16034سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ
ثَابِتٍ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513722آتِي بَابَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَسْتَفْتِحُ ، فَيَقُولُ الْخَازِنُ : مَنْ أَنْتَ ؟ فَأَقُولُ : مُحَمَّدٌ . فَيَقُولُ : بِكَ أُمِرْتُ أَنْ لَا أَفْتَحَ لِأَحَدٍ قَبْلَكَ " .
وَقَالَ
مُسْلِمٌ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12137أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، حَدَّثَنَا
مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ
سُفْيَانَ ، عَنِ
الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ ، عَنْ
أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513723أَنَا أَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَنَا أَوَّلُ مَنْ يَقْرَعُ بَابَ الْجَنَّةِ " .
وَفِي " صَحِيحِ
مُسْلِمٍ " : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513724يَجْمَعُ اللَّهُ تَعَالَى النَّاسَ ، فَيَقُومُ الْمُؤْمِنُونَ ، حِينَ تُزْلَفُ لَهُمُ الْجَنَّةُ ، فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ : يَا أَبَانَا ، اسْتَفْتَحَ لَنَا الْجَنَّةَ . فَيَقُولُ : وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ إِلَّا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ ، لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ " . وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ " ، وَهُوَ شَاهِدٌ قَوِيٌّ لِمَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30348ذَهَابِ النَّاسِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ مَرَّةً ثَانِيَةً يَسْتَشْفِعُونَ إِلَى اللَّهِ بِهِمْ فِي دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ ، فَتَنْحَصِرُ الْقِسْمَةُ أَيْضًا وَيَتَعَيَّنُ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَا تَعَيَّنَ لِلشَّفَاعَةِ الْأُولَى الْعُظْمَى فِي الْفَصْلِ بَيْنَ الْخَلَائِقِ ، كَمَا تَقَدَّمَ .
[ ص: 104 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16071سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ، أَنَا
عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا
النُّعْمَانُ بْنُ سَعْدٍ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513725كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عَلِيٍّ ، فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا [ مَرْيَمَ : 85 ] . قَالَ : لَا وَاللَّهِ ، مَا عَلَى أَرْجُلِهِمْ يُحْشَرُونَ ، وَلَا يُحْشَرُ الْوَفْدُ عَلَى أَرْجُلِهِمْ ، وَلَكِنْ بِنُوقٍ لَمْ يَرَ الْخَلَائِقُ مِثْلَهَا ، عَلَيْهَا رَحَائِلُ مِنْ ذَهَبٍ ، فَيَرْكَبُونَ عَلَيْهَا ، حَتَّى يَضْرِبُوا أَبْوَابَ الْجَنَّةِ .
وَرَوَاهُ
ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَزَادَ : عَلَيْهَا رَحَائِلُ مَنْ ذَهَبٍ ، وَأَزِمَّتُهَا الزَّبَرْجَدُ . وَالْبَاقِي مِثْلُهُ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12125أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ ، حَدَّثَنَا
مَسْلَمَةُ بْنُ جَعْفَرٍ الْبَجَلِيُّ ، سَمِعْتُ
أَبَا مُعَاذٍ الْبَصْرِيَّ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3513726كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَوْمًا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ عَلَيَّ هَذِهِ الْآيَةَ : nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=85يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا . فَقَالَ : مَا أَظُنُّ الْوَفْدَ إِلَّا الرَّكْبَ يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّهُمْ إِذَا خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ يُسْتَقْبَلُونَ - أَوْ يُؤْتَوْنَ - بِنُوقٍ بِيضٍ لَهَا أَجْنِحَةٌ وَعَلَيْهَا رِحَالُ الذَّهَبِ ، شِرَاكُ نِعَالِهِمْ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ ، كُلُّ خُطْوَةٍ مِنْهَا مَدُّ الْبَصَرِ ، فَيَنْتَهُونَ إِلَى شَجَرَةٍ يَنْبُعُ مَنْ أَصْلِهَا عَيْنَانِ ، فَيَشْرَبُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا ، فَتَغْسِلُ مَا فِي بُطُونِهِمْ مَنْ دَنَسٍ ، وَيَغْتَسِلُونَ مِنَ الْأُخْرَى ، فَلَا تَشْعَثُ أَبْشَارُهُمْ وَلَا أَشْعَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا ، وَتَجْرِي عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ ، فَيَنْتَهُونَ - أَوْ قَالَ : يَأْتُونَ - بَابَ الْجَنَّةِ ، فَإِذَا حَلْقَةٌ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ ، عَلَى [ ص: 105 ] صَفَائِحِ الذَّهَبِ ، فَيَضْرِبُونَ بِالْحَلْقَةِ عَلَى الصَّفِيحَةِ ، فَيُسْمَعُ لَهَا طَنِينٌ يَا عَلِيُّ ، لَمْ يَسْمَعِ الْخَلَائِقُ مِثْلَهُ ، فَيَبْلُغُ كُلَّ حَوْرَاءَ أَنَّ زَوْجَهَا قَدْ أَقْبَلَ ، فَتَبْعَثُ قَيِّمَهَا فَيَفْتَحُ لَهُ ، فَإِذَا رَآهُ خَرَّ لَهُ - قَالَ مَسْلَمَةُ : أُرَاهُ قَالَ : سَاجِدًا - فَيَقُولُ : ارْفَعْ رَأْسَكَ ، إِنَّمَا أَنَا قَيِّمُكَ ، وُكِّلْتُ بِأَمْرِكَ . فَيَتْبَعُهُ وَيَقْفُو أَثَرَهُ ، فَتَسْتَخِفُّ الْحَوْرَاءَ الْعَجَلَةُ ، فَتَخْرُجُ مِنْ خِيَامِ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ ، حَتَّى تَعْتَنِقَهُ ، ثُمَّ تَقُولُ : أَنْتَ حِبِّي وَأَنَا حِبُّكَ ، وَأَنَا الْخَالِدَةُ الَّتِي لَا أَمُوتُ ، وَأَنَا النَّاعِمَةُ الَّتِي لَا أَبْأَسُ ، وَأَنَا الرَّاضِيَةُ الَّتِي لَا أَسْخَطُ ، وَأَنَا الْمُقِيمَةُ الَّتِي لَا أَظْعَنُ . فَيَدْخُلُ بَيْتًا مِنْ أُسِّهِ إِلَى سَقْفِهِ مِائَةُ أَلْفِ ذِرَاعٍ ، بُنِيَ عَلَى جَنْدَلِ اللُّؤْلُؤِ وَالْيَاقُوتِ ، طَرَائِقُ حُمْرٌ وَخُضْرٌ وَصُفْرٌ ، لَيْسَ مِنْهَا طَرِيقَةٌ تُشَاكِلُ صَاحِبَتَهَا ، وَفِي الْبَيْتِ سَبْعُونَ سَرِيرًا ، عَلَى كُلِّ سَرِيرٍ سَبْعُونَ حَشِيَّةٍ ، عَلَى كُلِّ حَشِيَّةٍ سَبْعُونَ زَوْجَةً ، عَلَى كُلِّ زَوْجَةٍ سَبْعُونَ حُلَّةً ، يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ الْحُلَلِ ، يَقْضِي جِمَاعَهُنَّ فِي مِقْدَارِ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِيكُمْ هَذِهِ ، الْأَنْهَارُ مِنْ تَحْتِهِمْ تَطَّرِدُ ، أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ - قَالَ : صَافٍ لَا كَدَرَ فِيهِ - وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ضُرُوعِ الْمَاشِيَةِ ، وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِيِينَ ، لَمْ تَعْصِرْهَا الرِّجَالُ بِأَقْدَامِهَا ، وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بُطُونِ النَّحْلِ ، فَيَسْتَحْلِي الثِّمَارَ ، فَإِنْ شَاءَ أَكَلَ قَائِمًا ، وَإِنْ شَاءَ قَاعِدًا ، وَإِنْ شَاءَ مُتَّكِئًا " . ثُمَّ تَلَا : " nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=14وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا [ الْإِنْسَانِ : 14 ] . فَيَشْتَهِي الطَّعَامَ ، فَيَأْتِيهِ طَيْرٌ أَبْيَضُ - قَالَ : وَرُبَّمَا قَالَ : أَخْضَرُ - فَتَرْفَعُ أَجْنِحَتَهَا ، فَيَأْكُلُ مِنْ جُنُوبِهَا أَيَّ الْأَلْوَانِ شَاءَ ، ثُمَّ تَطِيرُ فَتَذْهَبُ ، فَيَدْخُلُ الْمَلِكُ ، فَيَقُولُ : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ، تِلْكُمُ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ . وَلَوْ أَنَّ شَعْرَةً مِنْ شَعَرِ الْحَوْرَاءِ وَقَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ لَأَضَاءَتِ الْأَرْضُ مِنْهَا ، وَلَكَانَتِ الشَّمْسُ مَعَهَا سَوَادًا [ ص: 106 ] فِي نُورٍ "
. وَقَدْ رُوِّينَاهُ فِي " الْجَعْدِيَّاتِ " مِنْ كَلَامِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ ، وَهُوَ أَشْبَهُ بِالصِّحَّةِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ ، فَقَالَ
أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ : حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ، أَخْبَرَنَا
زُهَيْرٌ ، عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَاصِمٍ ، عَنْ
عَلِيٍّ ، قَالَ : ذَكَرَ النَّارَ فَعَظَّمَ أَمْرَهَا ، ذِكْرًا لَا أَحْفَظُهُ . قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [ الزُّمَرِ : 73 ] . حَتَّى إِذَا انْتَهَوْا إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِهَا وَجَدُوا عِنْدَهُ شَجَرَةً يَخْرُجُ مِنْ تَحْتِ سَاقِهَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ، فَعَمَدُوا إِلَى إِحْدَاهُمَا ، كَأَنَّمَا أُمِرُوا بِهَا ، فَشَرِبُوا مِنْهَا ، فَأَذْهَبَتْ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ قَذًى أَوْ أَذًى أَوْ بَأْسٍ ، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى الْأُخْرَى ، فَتَطَهَّرُوا مِنْهَا ، فَجَرَتْ عَلَيْهِمْ نَضْرَةُ النَّعِيمِ ، وَلَمْ تَغْبَرَّ أَشْعَارُهُمْ بَعْدَهَا أَبَدًا ، وَلَا تَشْعَثُ رُءُوسُهُمْ ، كَأَنَّمَا دُهِنُوا بِالدِّهَانِ ، ثُمَّ انْتَهَوْا إِلَى الْجَنَّةِ ، فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=73سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ثُمَّ تَلَقَّاهُمُ الْوِلْدَانُ فَيُطِيفُونَ بِهِمْ ، كَمَا يُطِيفُ وِلْدَانُ أَهْلِ الدُّنْيَا بِالْحَمِيمِ يَقْدَمُ عَلَيْهِمْ ، يَقُولُونَ : أَبْشِرُوا بِمَا أَعَدَّ اللَّهُ لَكُمْ مِنَ الْكَرَامَةِ . ثُمَّ يَنْطَلِقُ غُلَامٌ مِنْ أُولَئِكَ الْوِلْدَانِ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ ، فَيَقُولُ : جَاءَ فُلَانٌ . بِاسْمِهِ الَّذِي كَانَ يُدْعَى بِهِ فِي الدُّنْيَا . قَالَتْ : أَمَا رَأَيْتَهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ أَنَا رَأَيْتُهُ ، وَهُوَ بِإِثْرِي . فَيَسْتَخِفُّ إِحْدَاهُنَّ الْفَرَحُ ، حَتَّى تَقُومَ عَلَى أُسْكُفَّةِ بَابِهَا ، فَإِذَا انْتَهَى إِلَى مَنْزِلِهِ نَظَرَ إِلَى أَسَاسِ بُنْيَانِهِ ، فَإِذَا جَنْدَلُ اللُّؤْلُؤِ فَوْقَهُ صَرْحٌ أَحْمَرُ وَأَخْضَرُ وَأَصْفَرُ مِنْ كُلِّ لَوْنٍ ، ثُمَّ
[ ص: 107 ] رَفَعَ رَأْسَهُ ، فَنَظَرَ إِلَى سَقْفِهِ ، فَإِذَا مِثْلُ الْبَرْقِ ، وَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَدَّرَ أَنْ لَا يَذْهَبَ بَصَرُهُ لَأَلَمَّ أَنْ يَذْهَبَ بِبَصَرِهِ ، ثُمَّ طَأْطَأَ رَأْسَهُ ، فَإِذَا أَزْوَاجُهُ ، وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ، ثُمَّ اتَّكَئُوا ، فَقَالُوا : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هُدَانَا اللَّهُ . ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ : تَحْيَوْنَ فَلَا تَمُوتُونَ أَبَدًا ، وَتُقِيمُونَ فَلَا تَظْعَنُونَ أَبَدًا ، وَتَصِحُّونَ فَلَا تَمْرَضُونَ أَبَدًا .
وَهَذَا الْأَثَرُ يَقْتَضِي أَنَّ تَغْيِيرَ الشَّكْلِ مِنَ الْحَالِ الَّذِي كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا إِلَى طُولِ سِتِّينَ ذِرَاعًا ، وَعَرْضِ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ ، كَمَا هِيَ
nindex.php?page=treesubj&link=30395صِفَةُ كُلِّ مَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ مِنْ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ ، كَمَا وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ ، يَكُونُ عِنْدَ هَاتَيْنِ الْعَيْنَيْنِ اللَّتَيْنِ يَغْتَسِلُونَ مِنْ إِحْدَاهُمَا ، فَتَجْرِي عَلَيْهِمُ نَضْرَةُ النَّعِيمِ وَيَشْرَبُونَ مِنَ الْأُخْرَى فَتَغْسِلُ مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنَ الْأَذَى ، فَيَتَجَدَّدُ لَهُمُ الطُّولُ وَالْعَرْضُ ، وَذَهَابُ الْأَذَى ، وَجَرَيَانُ نَضْرَةِ النَّعِيمِ بَعْدَ الْغَسْلِ وَالشُّرْبِ . وَهَذَا أَنْسَبُ وَأَقْرَبُ مِمَّا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ ، أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ ، وَأَبْعَدُ مِنْ هَذَا مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْقُبُورِ ; لِمَا يُعَارِضُهُ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16034سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ
حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا دَخَلَ الْجَنَّةَ صُوِّرَ صُورَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَأُلْبِسَ لِبَاسَهُمْ ، وَحُلِّيَ حِلْيَتَهُمْ ، وَأُرِيَ أَزْوَاجَهُ وَخَدَمَهُ ، يَأْخُذُهُ سُوَارُ فَرَحٍ ، لَوْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَمُوتَ لَمَاتَ مِنْ شِدَّةِ سُوَارِ فَرَحِهِ ، فَيُقَالُ لَهُ : أَرَأَيْتَ سُوَارَ فَرَحِكَ هَذَا ، فَإِنَّهُ قَائِمٌ
[ ص: 108 ] لَكَ ، وَبَاقٍ أَبَدًا .
وَقَالَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ : أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13172رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15928زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْقُرَشِيِّ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ قَالَ : إِنَّ الْعَبْدَ أَوَّلَ مَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَتَلَقَّاهُ سَبْعُونَ أَلْفَ خَادِمٍ ، كَأَنَّهُمُ اللُّؤْلُؤُ .
قَالَ
ابْنُ الْمُبَارَكِ : أَخْبَرَنَا
يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنِي
عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ
أَبِي عَبْدِ الرَّحْمِنِ الْمَعَافِرِيِّ ، قَالَ : إِنَّهُ لَيُصَفُّ لِلرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ سِمَاطَانِ ، لَا يُرَى طَرَفَاهُمَا مِنْ غِلْمَانِهِ ، حَتَّى إِذَا مَرَّ مَشَوْا وَرَاءَهُ .
وَرَوَى
أَبُو نُعَيْمٍ ، عَنْ
سَلَمَةَ ، عَنِ
الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، قَالَ : إِذَا دَخَلَ الْمُؤْمِنُ الْجَنَّةَ دَخَلَ أَمَامَهُ مَلَكٌ ، فَيَأْخُذُ بِهِ فِي سِكَكِهَا ، فَيَقُولُ لَهُ : انْظُرْ ، مَا تَرَى ؟ قَالَ : أَرَى أَكْثَرَ قُصُورٍ رَأَيْتُهَا مَنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ، وَأَكْثَرَ أَنِيسٍ . فَيَقُولُ الْمَلَكُ : إِنَّ هَذَا أَجْمَعَ لَكَ . حَتَّى إِذَا دُفِعَ لَهُمُ اسْتَقْبَلُوهُ مَنْ كُلِّ بَابٍ وَمِنْ كُلِّ مَكَانٍ : نَحْنُ لَكَ . ثُمَّ يَقُولُ : امْشِ . فَيَقُولُ : مَاذَا تَرَى ؟ فَيَقُولُ : أَكْثَرَ عَسَاكِرَ رَأَيْتُهَا مِنْ خِيَامٍ ، وَأَكْثَرَ أَنِيسٍ . فَيَقُولُ : إِنَّ هَذَا أَجْمَعَ لَكَ . فَإِذَا دُفِعَ لَهُمُ اسْتَقْبَلُوهُ : نَحْنُ لَكَ .
[ ص: 109 ] وَقَالَ
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12032أَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ ، أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا [ الْإِنْسَانِ : 20 ] ، قَالَ : الْمُلْكُ الْكَبِيرُ أَنَّ الْمَلَكَ يَأْتِي إِلَى وَلِيِّ اللَّهِ بِالتُّحْفَةِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ ، فَلَا يَصِلُ إِلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنٍ بَعْدَ إِذْنٍ ، يَقُولُ الْمَلَكُ لِحَاجِبِهِ : اسْتَأْذِنْ لِي عَلَى وَلِيِّ اللَّهِ . فَيُعْلِمُ ذَلِكَ الْحَاجِبُ حَاجِبًا آخَرَ ، وَحَاجِبًا بَعْدَ حَاجِبٍ ، وَمِنْ دَارٍ إِلَى دَارٍ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى وَلِيِّ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، بِمَا أُمِرَ بِهِ ، وَمِنْ دَارِهِ إِلَى دَارِ السَّلَامِ بَابٌ يَدْخُلُ مِنْهُ الْوَلِيُّ عَلَى رَبِّهِ ، مَتَى شَاءَ بِلَا إِذْنٍ ، وَرَسُولُ رَبِّ الْعِزَّةِ لَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِذْنٍ .
وَقَالَ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا : حَدَّثَنَا
خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ ، حَدَّثَنَا
مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنْ
بَشِيرِ بْنِ شَغَافٍ قَالَ : كُنَّا جُلُوسًا إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ، فَقَالَ : إِنَّ أَكْرَمَ خَلِيقَةٍ عَلَى اللَّهِ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَإِنَّ الْجَنَّةَ فِي السَّمَاءِ ، وَإِنَّ النَّارَ فِي الْأَرْضِ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ بَعْثَ اللَّهُ الْخَلِيقَةَ أُمَّةً أُمَّةً ، وَنَبِيًّا نَبِيًّا ، ثُمَّ يُوضَعُ جِسْرٌ عَلَى جَهَنَّمَ ، ثُمَّ يُنَادِي مُنَادٍ : أَيْنَ
أَحْمَدُ وَأُمَّتُهُ ؟ فَيَقُومُ وَتَتْبَعُهُ أُمَّتُهُ ، بَرُّهَا وَفَاجِرُهَا ، فَيَأْخَذُونَ عَلَى الْجِسْرِ ، وَيَطْمِسُ اللَّهُ تَعَالَى أَبْصَارَ أَعْدَائِهِ ، فَيَتَهَافَتُونَ فِيهَا مِنْ شِمَالٍ وَيَمِينٍ ، وَيَنْجُو النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّالِحُونَ مَعَهُ ، وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ، وَيُبَوِّئُونَهُمْ مَنَازِلَهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، عَلَى يَمِينِكَ ، عَلَى يَسَارِكَ ، حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى رَبِّهِ ، فَيُلْقَى لَهُ كُرْسِيٌّ عَلَى يَمِينِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، ثُمَّ يُنَادِي الْمُنَادِي : أَيْنَ
عِيسَى وَأُمَّتُهُ ؟ فَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمُ إِلَى أَنْ قَالَ : فَيُلْقَى لَهُ كُرْسِيٌّ مِنَ
[ ص: 110 ] الْجَانِبِ الْآخَرِ ، ثُمَّ يَتْبَعُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأُمَمُ ، حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُمْ
نُوحٌ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَهَذَا مَوْقُوفٌ عَلَى
ابْنِ سَلَامٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ
سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ الَّذِي رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12175أَبِي نَصْرٍ التَّمَّارِ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ
ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12081أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ ، عَنْ
سَلْمَانَ ، قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=30367يُوضَعُ الصِّرَاطُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَهُ حَدٌّ كَحَدِّ الْمُوسَى ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ : رَبَّنَا ، مَنْ يُطِيقُ أَنْ يَجُوزَ عَلَى هَذَا ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : " مَنْ شِئْتُ مِنْ خَلْقِي " . فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا مَا عَبَدْنَاكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ .