2899 كتاب الفرائض
1-باب في ميراث ذوي الأرحام
311 \ 2779 -عن قال المقدام وهو ابن معديكرب الكندي- أعقل له وأرثه والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه من ترك كلا فإلي، وربما قال إلى الله، وإلى رسوله، ومن ترك مالا فلورثته وأنا وارث من لا وارث له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأخرجه النسائي وابن ماجه.
واختلف في هذا الحديث. فروي عن راشد بن سعد، عن أبي عامر الهوزني عن وروي عن المقدام. راشد بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - مرسلا.
وقال في هذا الحديث: كان أبو بكر البيهقي يضعفه، ويقول: ليس فيه حديث قوي. يحيى بن معين
وقال أيضا: "وقد أجمعوا على أن الخال الذي لا يكون ابن عم أو مولى لا يعقل بالخؤولة، فخالفوا الحديث الذي احتجوا به في العقل. فإن كان ثابتا [ ص: 298 ] فيشبه أن يكون في وقت كان يعقل بالخؤولة، ثم صار الأمر إلى غير ذلك. أو أراد خالا يعقل بأن يكون ابن عم أو مولى، أو اختار وضع ماله فيه إذا لم يكن له وارث سواه.
قال بعضهم: "الخال وراث من لا وارث له " يحتمل أن يكون على وجه السلب والنفي، كما قالوا: الصبر حيلة من لا حيلة له. ويحتمل أن يريد به: إذا كان عصبة. ويحتمل أن يريد به السلطان، فإنه يسمى خالا.
كتاب الفرائض
التالي
السابق
قال ابن القيم رحمه الله: فهذا ما رد به حديث الخال وهي بأسرها وجوه ضعيفة.
أما قولهم: إن أحاديثه ضعاف، فكلام فيه إجمال، فإن أريد بها أنها ليست في درجة الصحاح التي لا علة فيها فصحيح، ولكن هذا لا يمنع الاحتجاج بها، ولا يوجب انحطاطها عن درجة الحسن، بل هذه الأحاديث وأمثالها هي الأحاديث الحسان، فإنها قد تعددت طرقها، ورويت من وجوه مختلفة، وعرفت مخارجها، ورواتها ليسوا بمجروحين ولا متهمين.
وقد أخرجها في صحيحه وحكم بصحتها. أبو حاتم بن حبان
وليس في أحاديث الأصول ما يعارضها.
وقد رويت من حديث المقدام بن معديكرب هذا، ومن حديث ذكره عمر بن الخطاب عن الترمذي حكيم بن حكيم عن قال " أبي أمامة بن سهل بن [ ص: 299 ] حنيف إلى عمر بن الخطاب أبي عبيدة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له "، قال كتب هذا حديث حسن. الترمذي
ورواه في صحيحه، ولم يصنع من أعل هذا الحديث ابن حبان بحكيم بن حكيم، وأنه مجهول شيئا، فإنه قد روى عنه سهيل بن صالح، وعبد الرحمن بن الحارث وعثمان بن حكيم أخوه.
ولم نعلم أن أحدا جرحه، ومثل هذا ترتفع عنه الجهالة، ويحتج بحديثه.
ومن حديث ذكره عائشة، أيضا عن الترمذي عن ابن جريج عمرو بن مسلم عن عن طاوس ترفعه: " عائشة "، قال الخال وارث من لا وارث له حسن غريب. الترمذي:
قال: وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام.
وأما فلم يورثهم. زيد بن ثابت
وقد أرسله بعضهم ولم يذكر فيه عن تم كلامه. عائشة
وهذا على طريقة منازعينا لا يضر الحديث شيء لوجهين:
أحدهما: أنهم يحكمون بزيادة الثقة.
والذي وصله ثقة، وقد زاد، فيجب [ ص: 300 ] عندهم قبول زيادته.
الثاني: أنه مرسل قد عمل به أكثر أهل العلم، كما قال الترمذي، ومثل هذا حجة عند من لا يرى المرسل حجة، كما نص عليه الشافعي.
وأما حمل الحديث على الخال الذي هو عصبته: فباطل ينزه كلام الرسول عن أن يحمل عليه، لما يتضمنه من اللبس فإنه إنما علق الميراث بكونه خالا، فإذا كان سبب توريثه كونه ابن عم أو مولى، فعدل عن هذا الوصف الموجب للتوريث إلى وصف لا يوجب التوريث.
وعلق به الحكم. فهذا ضد البيان، وكلام الرسول منزه عن مثل ذلك.
وأما قوله: قد أجمعوا على أن الخال لا يكون ابن عم، أو مولى لا يعقل بالخؤولة، فلا إجماع في ذلك أصلا، وأين الإجماع ؟ ثم لو قدر أن الإجماع انعقد على خلافه في التعاقل، فلم ينعقد على عدم توريثه، بل جمهور العلماء يورثونه، وهو قول أكثر الصحابة، فكيف يترك القول بتوريثه لأجل القول بعدم تحمله في العاقلة ؟ وهذا حديث المسح على الجوربين والخمار، والمسح على العصائب والتساخين، والمسح على الناصية [ ص: 301 ] والعمامة قد أخذوا منه ببعضه دون بعض، وكذلك حديث بصرة ابن أبي بصرة في الذي تزوج امرأة فوجدها حبلى أخذوا ببعضه دون بعض، وهذا موجود في غير حديث.
وقوله: لو كان ثابتا يكون في وقت كان الخال يعقل بالخؤولة: فهو إشارة إلى النسخ الذي لا يمكن إثباته إلا بعد أمرين: أحدهما: ثبوت معارضه المقاوم له.
والثاني: تأخره عنه. ولا سبيل هنا إلى واحد من الأمرين.
وقوله: اختار وضع ماله فيه، يعني على سبيل الطعمة لا الميراث، فباطل لثلاثة أوجه:
أحدها: أن لفظ الحديث يبطله، فإنه قال " يرث ماله " وفي لفظ " يرثه ".
[ ص: 302 ] الثاني: أنه سماه وارثا، والأصل في التسمية الحقيقة، فلا يعدل عنها إلا بعد أمور أربعة:
أحدها: قيام دليل على امتناع إرادتها.
الثاني: بيان احتمال اللفظ للمعنى الذي عينه مجازا له، ولا يكفي ذلك إلا بالثالث وهو: بيان استعماله فيه لغة، حتى لا يكون لنا وضع نحمل عليه لفظ النص.
وكثير من الناس يغفل عن هذه الثلاثة، ويقول: يحمل على كذا وكذا، وهذا غلط.
فإن الحمل ليس بإنشاء، وإنما هو إخبار عن استعمال اللفظ في ذلك المعنى الذي حمله عليه، وإن لم يكن مطابقا كان خبرا كاذبا، وإن أراد به أني أنشئ حمله على هذا المعنى، كما يظن كثير ممن لا تحقيق عنده: فهو باطل قطعا لا يحل لأحد أن يرتكبه، ثم يحمل كلام الشارع عليه.
الرابع: الجواب عن المعارض: وهو دليل إرادة الحقيقة، ولا يكفيه دليل امتناع إرادتها ما لم يجب عن دليل الإرادة.
الخامس: أن المخاطبين بهذا اللفظ فهموا منه الميراث، دون غيره، وهم الصحابة رضي الله عنهم، ولهذا كتب به عمر رضي الله عنه جوابا لأبي عبيدة حين سأله في كتابه عن ميراث الخال، وهم أحق الخلق بالإصابة في الفهم.
وقد علم بهذا بطلان حمل الحديث على أن الخال السلطان، وعلى أن [ ص: 303 ] المراد به السلب.
وكل هذه وجوه باطلة.
وأسعد الناس بهذه الأحاديث من ذهب إليها، وبالله التوفيق.