(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=110nindex.php?page=treesubj&link=28975ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) الظاهر أنهما غيران عمل السوء القبيح الذي يسوء غيره ، كما فعل
طعمة بقتادة واليهودي . وظلم النفس ما يختص به كالحلف الكاذب . وقيل : ومن يعمل سوءا من ذنب دون الشرك ، أو يظلم نفسه بالشرك ، انتهى . وقيل السوء الذنب الصغير ، وظلم النفس الذنب الكبير . وقال
أبو عبد الله الرازي : وخص ما يبدي إلى الغير باسم السوء ; لأن ذلك يكون في الأكثر ، لا يكون ضررا حاضرا ; لأن الإنسان لا يوصل الضرر إلى نفسه . وقيل السوء هنا السرقة . وقيل الشرك . وقيل كل ما يأثم به . وقيل ظلم النفس هنا رمي البريء بالتهمة . وقيل ما دون الشرك من المعاصي . وقال
ابن عطية : هما بمعنى واحد تكرر باختلاف لفظ مبالغة . والظاهر تعليق الغفران والرحمة للعاصي على مجرد الاستغفار ، وأنه كاف ، وهذا مقيد بمشيئة الله عند
أهل السنة . وشرط بعضهم مع الاستغفار التوبة ، وخص بعضهم ذلك بأن تكون المعصية مما بين العبد وبين ربه ، دون ما بينه وبين العبيد . وقيل الاستغفار التوبة . وفي لفظة :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=110يجد الله غفورا رحيما ، مبالغة في الغفران . كأن المغفرة والرحمة معدان لطالبهما ، مهيآن له متى طلبهما وجدهما . وهذه الآية فيها لطف عظيم ووعد كريم للعصاة إذا استغفروا الله ، وفيها تطلب توبة
بني أبيرق والذابين عنهم ، واستدعاؤهم لها . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : أنها من أرجى الآيات . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=111ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه وكان الله عليما حكيما ) الإثم : جامع للسوء وظلم النفس السابقين ،
[ ص: 346 ] والمعنى : إن وبال ذلك لاحق له ، لا يتعداه إلى غيره ، وهو إشارة إلى الجزاء اللاحق له في الآخرة . وختمها بصفة العلم ; لأنه يعلم جميع ما يكسب ، لا يغيب عنه شيء من ذلك . ثم بصفة الحكمة ; لأنه واضع الأشياء مواضعها ، فيجازي على ذلك الإثم بما تقتضيه حكمته . فالصفتان أشارتا إلى علمه بذلك الإثم وإلى ما يستحق عليه فاعله . وفي لفظة : على دلالة استعلاء الإثم عليه ، واستيلائه وقهره له . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا ) قيل نزلت في
طعمة بن أبيرق حين سرق الدرع ، ورماها في دار اليهودي . وروى
الضحاك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنها نزلت في
عبد الله بن أبي ابن سلول ; إذ رمى
عائشة بالإفك . وظاهر العطف بـ ( أو ) المغايرة ، فقيل الخطيئة ما كان عن غير عمد . والإثم ما كان عن عمد والصغيرة والكبيرة ، أو القاصر على فعل والمتعدي إلى غيره . وقيل الخطيئة سرقة الدرع ، والإثم يمينه الكاذبة . وقال
ابن السائب : الخطيئة يمين السارق الكاذبة والإثم سرقة الدرع ، ورمي اليهودي به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : الخطيئة تكون عن عمد وغير عمد ، والإثم لا يكون إلا عن عمد . وقيل هما لفظان بمعنى واحد ، كررا مبالغة . والضمير في : به عائد على الإثم ، والمعطوف بـ ( أو ) يجوز أن يعود الضمير على المعطوف عليه كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11انفضوا إليها ، وعلى المعطوف كهذا . وتقدم الكلام في ذلك بأشبع من هذا . وقيل يعود على الكسب المفهوم من يكسب . وقيل على المكسوب . وقيل يعود على أحد المذكورين الدال عليه العطف بـ ( أو ) ، كأنه قيل ثم يرم بأحد المذكورين . وقيل ثم محذوف ؛ تقديره : ومن يكسب خطيئة ثم يرم به بريئا أو إثما ثم يرم به بريئا ؛ وهذه تخاريج من لم يتحقق بشيء من علم النحو .
والبريء المتهم بالذنب ولم يذنب . ومعنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112فقد احتمل بهتانا ، أي برميه البريء ؛ فإنه يبهته بذلك ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112وإثما مبينا أي : ظاهرا لكسبه الخطيئة أو الإثم ، والمعنى : أنه يستحق عقابين : عقاب الكسب وعقاب البهت . وقدم البهت لقربه من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112ثم يرم به بريئا ؛ ولأنه ذنب أفظع من كسب الخطيئة أو الإثم . ولفظ احتمل أبلغ من حمل ، لأن افتعل فيه للتسبب كاعتمل . ويحتمل أن يكون افتعل فيه كالمجرد كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=13وليحملن أثقالهم ) فيكون كقدر واقتدر . لما كان الوزر يوصف بالفعل جاء ذكر الحمل والاحتمال وهو استعارة . جعل المجني كالجرم المحمول . ولفظة : ( ومن ) تدل على العموم ، فلا ينبغي أن تخص
ببني أبيرق ، بل هم مندرجون فيها . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل : ومن يكسب بكسر الكاف وتشديد السين ، وأصله : يكتسب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : ( خطية ) بالتشديد . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113nindex.php?page=treesubj&link=28975ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء ) الظاهر : أن الضمير في منهم عائد على بني ظفر المجادلين والذابين عن
بني أبيرق . أي : فلولا عصمته وإيحاؤه إليك بما كتموه ، لهموا بإضلالك عن القضاء بالحق وتوخي طريق العدل مع علمهم بأن الجاني هو صاحبهم . فقد روي أن ناسا منهم كانوا يعلمون حقيقة القصة ؛ هذا فيه بعض كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من رواية
السائب : أنها متعلقة بقصة
طعمة وأصحابه ، حيث لبسوا على الرسول أمر صاحبهم .
وروى
الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنها نزلت في
وفد ثقيف قدموا على الرسول صلى الله عليه وسلم قالوا : جئناك نبايعك على أن لا نحشر ولا نعشر ، وعلى أن تمتعنا بالعزى سنة ؛ فلم يجبهم فنزلت . وقال
ابن عطية : وفق الله نبيه على مقدار عصمته له ، وأنها بفضل من الله ورحمته . وقوله تعالى : لهمت معناه لجعلته همها وشغلها حتى تنفذه ؛ وهذا يدل على أن الألفاظ عامة في غير أهل النازلة ، وإلا فأهل الغضب
لبني أبيرق ، وقد وقع همهم وثبت . والمعنى : ولولا عصمة الله لك لكان في الناس من يشتغل بإضلالك ويجعله هم نفسه ، كما فعل هؤلاء ، لكن العصمة
[ ص: 347 ] تبطل كيد الجمع انتهى . والظاهر القول الأول كما ذكرنا إلا أن الهم يحتاج إلى قيد أي : لهمت طائفة منهم هما يؤثر عندك . ولا بد من هذا القيد ، لأنهم هموا حقيقة أعني : المجادلين عن
بني أبيرق ، أو يخص الضلال عن الدين فإن الهم بذلك أي : لهموا بإضلالك عن شريعتك ودينك ، وعصمة الله إياك منعتهم أن يخطروا ذلك ببالهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وما يضلون إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء أي : وبال ما أقدموا عليه من التعاون على الإثم والبهت ، وشهادة الزور ؛ إنما هو يخصهم . وما يضرونك من شيء " من " تدل على العموم نصا أي : لا يضرونك قليلا ولا كثيرا . قال
القفال : وهذا وعد بالعصمة في المستقبل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة ) الكتاب : هو القرآن . والحكمة تقدم تفسيرها والمعنى : إن من أنزل الله عليه الكتاب والحكمة وأهله لذلك ، وأمره بتبليغ ذلك ، هو معصوم من الوقوع في الضلال والشبه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وعلمك ما لم تكن تعلم ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومقاتل : هو الشرع . وقال
أبو سليمان الدمشقي : أخبار الأولين والآخرين . وذكر
الماوردي : الكتاب والحكمة ، وذكر أيضا مقدار نفسك النفيسة . وقيل : خفيات الأمور ، وضمائر الصدور التي لا يطلع عليها إلا بوحي . وقال
القفال : يحتمل وجهين : أحدهما : أن يراد ما يتعلق بالدين كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ) وعلى هذا التقدير : وأطلعك على أسرار الكتاب والحكمة ، وعلى حقائقهما ، مع أنك ما كنت عالما بشيء ؛ فكذلك يفعل بك في مستأنف أيامك ؛ لا يقدر أحد من المنافقين على إضلالك ولا على استزلالك . الثاني : ما لم تكن تعلم من أخبار القرون السالفة ، فكذلك يعلمك من حيل المنافقين وكيدهم ما لا يقدر على الاحتراز منه ، انتهى . وفيه بعض تلخيص . والظاهر العموم ، فيشمل جميع ما ذكروه . فالمعنى : الأشياء التي لم تكن تعلمها ؛ لولا إعلامه إياك إياها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وكان فضل الله عليك عظيما ) قيل : المنة بالإيمان . وقال
أبو سليمان : هو ما خصه به تعالى . وقال
أبو عبد الله الرازي : هذا من أعظم الدلائل على أن العلم أشرف الفضائل والمناقب . وذلك أن الله تعالى ما أعطى الخلق من العلم إلا قليلا ، ونصيب الشخص من علوم الخلائق يكون قليلا ، ثم إنه سمى ذلك القليل عظيما .
وتضمنت هذه الآيات أنواعا من الفصاحة والبيان والبديع ؛ منها الاستعارة في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وإذا ضربتم في الأرض ، وفي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فيميلون ) استعار الميل للحرب . والتكرار في : ( جناح ) و ( لا جناح ) لاختلاف متعلقهما ، وفي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فلتقم طائفة ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102ولتأت طائفة ) ، وفي : الحذر والأسلحة ، وفي : ( الصلاة ) ، وفي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=104تألمون ) ، وفي : اسم الله . والتجنيس المغاير في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فيميلون ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102ميلة ) ، وفي : ( كفروا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إن الكافرين ) ، وفي : ( تختانون ) و ( خوانا ) ، وفي : ( يستغفروا ) ، ( غفورا ) . والتجنيس المماثل في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فأقمت nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فلتقم ، وفي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102لم يصلوا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فليصلوا ) ، وفي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=108يستخفون ) و ( لا يستخفون ) ، وفي : ( جادلتم ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109فمن يجادل ) ، وفي : ( يكسب ) و ( يكسب ) ، وفي : ( يضلوك ) وما ( يضلون ) ، وفي : و ( علمك ) و ( تعلم ) . قيل : والعام يراد به الخاص في : فإذا قضيتم الصلاة ظاهره العموم ، وأجمعوا على أن المراد بها صلاة الخوف خاصة ؛ لأن السياق يدل على ذلك ، ولذلك كانت أل فيه للعهد ، انتهى . وإذا كانت أل للعهد فليس من باب العام المراد به الخاص ؛ لأن ( أل ) للعموم و ( أل ) للعهد فهما قسيمان ؛ فإذا استعمل لأحد القسيمين فليس موضوعا للآخر . والإبهام في قوله : بما أراك الله ، وفي : ما لم تكن تعلم . وخطاب عين ويراد به غيره وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105ولا تكن للخائنين خصيما ؛ فإنه صلى الله عليه وسلم محروس بالعصمة أن يخاصم عن المبطلين . والتتميم في قوله : وهو معهم للإنكار عليهم والتغليظ لقبح فعلهم لأن حياء الإنسان ممن يصحبه أكثر من حيائه وحده ، وأصل المعية في الإجرام ، والله تعالى منزه عن ذلك ، فهو مع عبده بالعلم والإحاطة . وإطلاق وصف الإجرام على المعاني فقد احتمل بهتانا . والحذف في مواضع .
[ ص: 348 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114nindex.php?page=treesubj&link=28975لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=120يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=121أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=122والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=123ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=124ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتخذ الله إبراهيم خليلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126ولله ما في السماوات وما في الأرض وكان الله بكل شيء محيطا ) . النجوى مصدر كالدعوى ، يقال : نجوت الرجل أنجوه نجوى إذا ناجيته . قال
الواحدي : ولا تكون النجوى إلا بين اثنين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : النجوى ما انفرد به الجماعة ، أو الاثنان سرا كان وظاهرا ، انتهى . وقال
ابن عطية : المسارة ، وتطلق النجوى على القوم المتناجين ، وهو من باب : قوم عدل وصف بالمصدر . وقال
الكرماني : نجوى جمع نجي ، وتقدم الكلام في هذه المادة ، وتكرر هنا لخصوصية البنية .
مريد : من مرد عتا وعلا في الحذاقة ، وتجرد للشر والغواية . وقال
ابن عيسى : وأصله التملس ، ومن شجرة مرداء ; أي ملساء تناثر ورقها ، وغلام أمرد لا نبات بوجهه وصرح ممرد مملس لا يعلق به شيء لملاسته والمارد الذي لا يعلق بشيء من الفضائل . البتك : الشق والقطع ، بتك يبتك ، وبتك للتكثير والبتك القطع واحدها بتكة . قال الشاعر :
حتى إذا ما هوت كف الوليد لها طارت وفي كفه من ريشها بتك
محيص : مفعل من حاص يحيص ، زاغ بنفور ، ومنه : فحاصوا حيصة حمر الوحش . وقول الشاعر :
ولم ندر إن حصنا من الموت حيصة كم العمر باق والمدا متطاول
ويقال جاض بالجيم والضاد المعجمة والمحاص مثل المحيص . قال الشاعر :
تحيص من حكم المنية جاهدا ما للرجال عن المنون محاص
وفي المثل : وقعوا في حيص بيص . وحاص باص إذا وقع فيما لا يقدر على التخلص منه ، ويقال : حاص يحوص حوصا ، وحياصا إذا نفر ، وزايل المكان الذي فيه . والحوص في العين ضيق مؤخرها . الخليل : فعيل من الخلة وهي الفاقة والحاجة . أو من الخلة ، وهي صفاء المودة ، أو من الخلل . قال
ثعلب : سمي خليلا ; لأن محبته تتخلل القلب ؛ فلا تدع فيه خللا إلا ملأته . وأنشد قول
بشار :
قد تخللت مسلك الروح مني وبه سمي الخليل خليلا
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) الضمير في نجواهم عائد على قوم
طعمة الذين تقدم ذكرهم ؛ قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وغيره . وقال
مقاتل : هم قوم من اليهود ، ناجوا قوم
طعمة ، واتفقوا معهم على التلبيس على الرسول في أمر
طعمة . وقال
ابن عطية : هو عائد على الناس أجمع .
وجاءت هذه الآيات عامة فاندرج أصحاب النازلة ، وهم
[ ص: 349 ] قوم
طعمة في ذلك العموم ، وهذا من باب الإيجاز والفصاحة ; لكون الماضي والمغاير تشملهما عبارة واحدة انتهى . وهذا الاستثناء منقطع ، إن كان النجوى مصدرا ، ويمكن اتصاله على حذف مضاف ; أي إلا نجوى من أمر ، وقاله
أبو عبيدة . وإن كان النجوى المتناجين قيل : ويجوز في ( من ) الخفض من وجهين ؛ أن يكون تابعا لكثير ، أو تابعا للنجوى ، كما تقول : لا خير في جماعة من القوم إلا زيد ، إن شئت أتبعت زيدا الجماعة ، وإن شئت أتبعته القوم . ويجوز أن يكون ( من أمر ) مجرورا على البدل من ( كثير ) ; لأنه في حيز النفي ، أو على الصفة . وإذا كان منقطعا ؛ فالتقدير : لكن من أمر بصدقة ، فالخير في نجواه . ومعنى أمر : حث ، وحض . والصدقة تشمل الفرض والتطوع . والمعروف عام في كل بر . واختاره جماعة منهم :
أبو سليمان الدمشقي ،
وابن عطية . فيندرج تحته الصدقة والإصلاح . لكنهما جردا منه ، واختصا بالذكر اهتماما ; إذ هما عظيما الغذاء في مصالح العباد . وعطف بـ ( أو ) فجعلا كالقسم المعادل مبالغة في تجريدهما ، حتى صار القسم قسيما . وقيل المعروف الفرض . روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ومقاتل . وقيل إغاثة الملهوف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ويجوز أن يراد بالصدقة الواجب وبالمعروف ما يتصدق به على سبيل التطوع ، انتهى . وفي الحديث الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374274كل كلام ابن آدم عليه لا له إلا من كان أمر بمعروف أو نهى عن منكر أو ذكر الله تعالى . وحدث
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري بهذا الحديث أقواما ؛ فقال أحدهم : ما أشد هذا الحديث ، فقال : ألم تسمع :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374275كل معروف صدقة ، وأن من المعروف أن تلقى أخاك بوجه طلق . وقال
الحطيئة :
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس
وظاهر قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114أو إصلاح بين الناس أنه في كل شيء يقع فيه اختلاف ونزاع . وقيل هو خاص بالإصلاح بين
طعمة واليهودي المذكورين . قال
أبو عبد الله الرازي ما ملخصه : ذكر ثلاثة أنواع ; لأن عمل الخير إما أن يكون بدفع المضرة وإليه الإشارة بقوله : أو إصلاح بين الناس . أو بإيصال المنفعة إما جسمانيا ، وهو إعطاء المال وإليه الإشارة بقوله : بصدقة . أو روحانيا ، وهو تكميل القوة النظرية بالعلوم ، أو القوة العملية بالأفعال الحسنة ، ومجموعها عبارة عن الأمر بالمعروف وإليه الإشارة بقوله : أو معروف .
وقال
الراغب : يقال لكل ما يستحسنه العقل ويعرفه معروف ، ولكل ما يستقبحه وينكره منكر . ووجه ذلك أنه تعالى ركز في العقول معرفة الخير والشر وإليه أشار بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=138صبغة الله ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرة الله ) ، وعلى ذلك ما اطمأنت إليه النفس لمعرفتها به ، انتهى . وهذه نزغة اعتزالية في أن العقل يحسن ويقبح . وقيل هذه الثلاثة تضمنت الأفعال الحسنة ، وبدأ بأكثرها نفعا ، وهو إيصال النفع إلى الغير ، ونبه بالمعروف على النوافل التي هي من الإحسان والتفضل والإصلاح بين الناس على سياستهم ، وما يؤدي إلى نظم شملهم ، انتهى . وقال عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374276ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة ، قيل بلى يا رسول الله ، قال : صلاح ذات البين ، وخص ( من أمر ) بهذه الأشياء ، وفي ضمن ذلك أن الفاعل أكثر استحقاقا من الأمر ، وإذا كان الخير في نجوى الأمر به ، فلا يكون في من يفعله بطريق الأولى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) لما ذكر أن الخير في من أمر ذكر ثواب من فعل ، ويجوز أن يريد : ومن يأمر بذلك ؛ فيعبر بالفعل عن الأمر ، كما يعبر به عن سائر الأفعال . وقرأ
أبو عمرو ،
وحمزة : يؤتيه بالياء والباقون بالنون على سبيل الالتفات ليناسب ما بعده من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115نوله ما تولى ونصله ) فيكون إسناد الثواب والعقاب إلى ضمير المتكلم العظيم ، وهو أبلغ من إسناده إلى ضمير الغائب . ومن قرأ بالياء لحظ الاسم الغائب في قوله : ابتغاء
[ ص: 350 ] مرضاة الله ، وفي قوله : ابتغاء مرضاة الله دليل على أنه لا يجزئ من الأعمال إلا ما كان فيه رضا الله تعالى ، وخلوصه لله دون رياء ولا سمعة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115nindex.php?page=treesubj&link=28975ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) نزلت في
طعمة بن أبيرق لما فضحه الله بسرقته ، وبرأ اليهودي ارتد وذهب إلى
مكة ، وتقدم ذلك موته وسببه . ومما قيل فيه : إنه ركب في سفينة ، فسرق منها مالا فعلم به ، فألقي في البحر . وقيل لما سرق
الحجاج السلمي استحى
الحجاج منه ; لأنه كان ضيفه فأطلقه ، فلحق بحيرة
بني سليم ؛ فعبد صنما لهم ، ومات على الشرك . وقيل نزلت في قوم
طعمة ؛ قدموا فأسلموا ، ثم ارتدوا . وتقدم معنى المشاقة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فإنما هم في شقاق ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق : عام فيندرج فيه
طعمة وغيره من المشاقين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115من بعد ما تبين له الهدى ; أي اتضح له الحق الذي هو سبب الهداية . ولو لم يكن إلا إخبار الله نبيه عليه السلام بقصة
طعمة ، وإطلاعه إياه على ما بيتوه وزوروه ؛ لكان له في ذلك أعظم وازع وأوضح بيان ، وكان ذنب من يعرف الحق ويزيغ عنه أعظم من ذنب الجاهل ; لأن من لا يعرف الحق يستحق العقوبة لترك المعرفة ; لأن العمل لا يلزمه حتى يعرفه ، أو يعرفه من يصدقه . والعالم يستحق العقوبة بترك استعمال ما يقتضيه معرفته ؛ فهو أعظم جرما إذا اطلع على الحق ، وعمل بخلاف ما يقتضيه على سبيل العناد لله تعالى ; إذ جعل له نور يهتدي به . وسبيل المؤمنين : هو الدين الحنيفي الذي هم عليه . وهذه الجملة المعطوفة هي على سبيل التوكيد والتشنيع والا فمن يشاقق الرسول هو متبع غير سبيل المؤمنين ضرورة ؛ ولكنه بدأ بالأعظم في الإثم ، وأتبع بلازمه توكيدا .
واستدل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره بهذه الآية على أن الإجماع حجة . وقد طول أهل أصول الفقه في تقرير الدلالة منها ، وما يرد على ذلك ، وذلك مذكور في كتب أصول الفقه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هو دليل على أن
nindex.php?page=treesubj&link=21616الإجماع حجة لا يجوز مخالفتها ، كما لا يجوز مخالفة الكتاب والسنة ; لأن الله تعالى جمع بين اتباع سبيل غير المؤمنين ، وبين مشاقة الرسول في الشرط ، وجعل جزاءه الوعيد الشديد ؛ فكان اتباعهم واجبا كموالاة الرسول ، انتهى كلامه .
وما ذكره ليس بظاهر الآية المرتب على وصفين اثنين لا يلزم منه أن يترتب على كل واحد منهما ؛ فالوعيد إنما ترتب في الآية على من اتصف بمشاقة الرسول ، واتباع سبيل غير المؤمنين ، ولذلك كان الفعل معطوفا على الفعل ، ولم يعد معه اسم شرط . فلو أعيد اسم الشرط ، وكأن يكون
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ، ومن يتبع غير سبيل المؤمنين ؛ لكان فيه ظهور ما على ما ادعوا ، وهذا كله على تسليم أن يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ويتبع غير سبيل المؤمنين مغايرا لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ومن يشاقق الرسول . وقد قلنا : إنه ليس بمغاير ؛ بل هو أمر لازم لمشاقة الرسول ؛ وذلك على سبيل المبالغة والتوكيد وتفظيع الأمر وتشنيعه . والآية بعد هذا كله هي وعيد الكفار ؛ فلا دلالة على جزئيات فروع مسائل الفقه . واستدل بهذه الآية
[ ص: 351 ] على وجوب عصمة الرسول وعلى أن كل مجتهد يسقط عنه الإثم . ومعنى قوله : ما تولى قال
ابن عطية : وعيد بأن يترك مع فاسد اختياره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يجعله بالياء ، وما تولى من الضلالة بأن تخذله ، وتخلي بينه وبين ما اختار ، انتهى . وهذا على منزعه الاعتزالي . وقرئ : ونصله بفتح النون من صلاه . وقرأ
ابن أبي عيلة ( يوله ) ، و ( يصله ) بالياء فيهما جريا على قوله : فسوف يؤتيه بالياء ، وفي هاء
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115نوله nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115ونصله : الإشباع والاختلاس والإسكان ، وقرئ بها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=110nindex.php?page=treesubj&link=28975وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ) الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا غَيْرَانِ عَمَلُ السُّوءِ الْقَبِيحِ الَّذِي يَسُوءُ غَيْرَهُ ، كَمَا فَعَلَ
طُعْمَةُ بِقَتَادَةَ وَالْيَهُودِيِّ . وَظُلْمُ النَّفْسِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ كَالْحَلِفِ الْكَاذِبِ . وَقِيلَ : وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا مِنْ ذَنْبٍ دُونَ الشِّرْكِ ، أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ بِالشِّرْكِ ، انْتَهَى . وَقِيلَ السُّوءُ الذَّنْبُ الصَّغِيرُ ، وَظُلْمُ النَّفْسِ الذَّنْبُ الْكَبِيرُ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : وَخَصَّ مَا يُبْدِي إِلَى الْغَيْرِ بِاسْمِ السُّوءِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي الْأَكْثَرِ ، لَا يَكُونُ ضَرَرًا حَاضِرًا ; لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُوَصِّلُ الضَّرَرَ إِلَى نَفْسِهِ . وَقِيلَ السُّوءُ هُنَا السَّرِقَةُ . وَقِيلَ الشِّرْكُ . وَقِيلَ كُلُّ مَا يَأْثَمُ بِهِ . وَقِيلَ ظُلْمُ النَّفْسِ هُنَا رَمْيُ الْبَرِيءِ بِالتُّهْمَةِ . وَقِيلَ مَا دُونُ الشِّرْكِ مِنَ الْمَعَاصِي . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ تَكَرَّرَ بِاخْتِلَافِ لَفْظٍ مُبَالَغَةً . وَالظَّاهِرُ تَعْلِيقُ الْغُفْرَانِ وَالرَّحْمَةِ لِلْعَاصِي عَلَى مُجَرَّدِ الِاسْتِغْفَارِ ، وَأَنَّهُ كَافٍ ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ عِنْدَ
أَهْلِ السُّنَّةِ . وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ التَّوْبَةَ ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْمَعْصِيَةُ مِمَّا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، دُونَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبِيدِ . وَقِيلَ الِاسْتِغْفَارُ التَّوْبَةُ . وَفِي لَفْظَةٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=110يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ، مُبَالَغَةٌ فِي الْغُفْرَانِ . كَأَنَّ الْمَغْفِرَةَ وَالرَّحْمَةَ مُعَدَّانِ لِطَالِبِهِمَا ، مُهَيَّآنِ لَهُ مَتَى طَلَبَهُمَا وَجَدَهُمَا . وَهَذِهِ الْآيَةُ فِيهَا لُطْفٌ عَظِيمٌ وَوَعْدٌ كَرِيمٌ لِلْعُصَاةِ إِذَا اسْتَغْفَرُوا اللَّهَ ، وَفِيهَا تُطْلَبُ تَوْبَةُ
بَنِي أُبَيْرِقٍ وَالذَّابِّينَ عَنْهُمْ ، وَاسْتِدْعَاؤُهُمْ لَهَا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : أَنَّهَا مِنْ أَرْجَى الْآيَاتِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=111وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ) الْإِثْمُ : جَامِعٌ لِلسُّوءِ وَظُلْمِ النَّفْسِ السَّابِقَيْنِ ،
[ ص: 346 ] وَالْمَعْنَى : إِنَّ وَبَالَ ذَلِكَ لَاحِقٌ لَهُ ، لَا يَتَعَدَّاهُ إِلَى غَيْرِهِ ، وَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْجَزَاءِ اللَّاحِقِ لَهُ فِي الْآخِرَةِ . وَخَتَمَهَا بِصِفَةِ الْعِلْمِ ; لِأَنَّهُ يَعْلَمُ جَمِيعَ مَا يَكْسِبُ ، لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ . ثُمَّ بِصِفَةِ الْحِكْمَةِ ; لِأَنَّهُ وَاضِعُ الْأَشْيَاءِ مَوَاضِعَهَا ، فَيُجَازِي عَلَى ذَلِكَ الْإِثْمِ بِمَا تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ . فَالصِّفَتَانِ أَشَارَتَا إِلَى عِلْمِهِ بِذَلِكَ الْإِثْمِ وَإِلَى مَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ فَاعِلُهُ . وَفِي لَفْظَةٍ : عَلَى دَلَالَةِ اسْتِعْلَاءِ الْإِثْمِ عَلَيْهِ ، وَاسْتِيلَائِهِ وَقَهْرِهِ لَهُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) قِيلَ نَزَلَتْ فِي
طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ حِينَ سَرَقَ الدِّرْعَ ، وَرَمَاهَا فِي دَارِ الْيَهُودِيِّ . وَرَوَى
الضَّحَّاكُ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ ; إِذْ رَمَى
عَائِشَةَ بِالْإِفْكِ . وَظَاهِرُ الْعَطْفِ بَـ ( أْوِ ) الْمُغَايِرَةُ ، فَقِيلَ الْخَطِيئَةُ مَا كَانَ عَنْ غَيْرِ عَمْدٍ . وَالْإِثْمُ مَا كَانَ عَنْ عَمْدٍ وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ ، أَوِ الْقَاصِرُ عَلَى فِعْلٍ وَالْمُتَعَدِّي إِلَى غَيْرِهِ . وَقِيلَ الْخَطِيئَةُ سَرِقَةُ الدِّرْعِ ، وَالْإِثْمُ يَمِينُهُ الْكَاذِبَةُ . وَقَالَ
ابْنُ السَّائِبِ : الْخَطِيئَةُ يَمِينُ السَّارِقِ الْكَاذِبَةُ وَالْإِثْمُ سَرِقَةُ الدِّرْعِ ، وَرَمْيُ الْيَهُودِيِّ بِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : الْخَطِيئَةُ تَكُونُ عَنْ عَمْدٍ وَغَيْرِ عَمْدِ ، وَالْإِثْمُ لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ عَمْدٍ . وَقِيلَ هُمَا لَفْظَانِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، كُرِّرَا مُبَالَغَةً . وَالضَّمِيرُ فِي : بِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِثْمِ ، وَالْمَعْطُوفُ بِـ ( أَوْ ) يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=62&ayano=11انْفَضُّوا إِلَيْهَا ، وَعَلَى الْمَعْطُوفِ كَهَذَا . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ بِأَشْبَعَ مِنْ هَذَا . وَقِيلَ يَعُودُ عَلَى الْكَسْبِ الْمَفْهُومِ مِنْ يَكْسِبُ . وَقِيلَ عَلَى الْمَكْسُوبِ . وَقِيلَ يَعُودُ عَلَى أَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ الدَّالِّ عَلَيْهِ الْعَطْفُ بَـ ( أَوْ ) ، كَأَنَّهُ قِيلَ ثُمَّ يَرْمِ بِأَحَدِ الْمَذْكُورَيْنِ . وَقِيلَ ثَمَّ مَحْذُوفٌ ؛ تَقْدِيرُهُ : وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا ؛ وَهَذِهِ تَخَارِيجُ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِ النَّحْوِ .
وَالْبَرِيءُ الْمُتَّهَمُ بِالذَّنْبِ وَلَمْ يُذْنِبْ . وَمَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا ، أَيْ بِرَمْيِهِ الْبَرِيءَ ؛ فَإِنَّهُ يَبْهَتُهُ بِذَلِكَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112وَإِثْمًا مُبِينًا أَيْ : ظَاهِرًا لِكَسْبِهِ الْخَطِيئَةَ أَوِ الْإِثْمَ ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عِقَابَيْنِ : عِقَابَ الْكَسْبِ وَعِقَابَ الْبُهْتِ . وَقَدَّمَ الْبُهْتَ لِقُرْبِهِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=112ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا ؛ وَلِأَنَّهُ ذَنْبٌ أَفْظَعُ مِنْ كَسْبِ الْخَطِيئَةِ أَوِ الْإِثْمِ . وَلَفْظٌ احْتَمَلَ أَبْلَغَ مِنْ حَمْلٍ ، لِأَنَّ افْتَعَلَ فِيهِ لِلتَّسَبُّبِ كَاعْتَمَلَ . وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ افْتَعَلَ فِيهِ كَالْمُجَرَّدِ كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=13وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ ) فَيَكُونُ كَقَدَرَ وَاقْتَدَرَ . لَمَّا كَانَ الْوِزْرُ يُوصَفُ بِالْفِعْلِ جَاءَ ذِكْرُ الْحَمْلِ وَالِاحْتِمَالِ وَهُوَ اسْتِعَارَةٌ . جُعِلَ الْمَجْنِيُّ كَالْجِرْمِ الْمَحْمُولِ . وَلَفْظَةُ : ( وَمَنْ ) تَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُخَصَّ
بِبَنِي أُبَيْرِقٍ ، بَلْ هُمْ مُنْدَرِجُونَ فِيهَا . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ : وَمَنْ يَكِسِّبْ بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ ، وَأَصْلُهُ : يَكْتَسِبْ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزُّهْرِيُّ : ( خَطِيَّةً ) بِالتَّشْدِيدِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113nindex.php?page=treesubj&link=28975وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ ) الظَّاهِرُ : أَنَّ الضَّمِيرَ فِي مِنْهُمْ عَائِدٌ عَلَى بَنِي ظُفَرٍ الْمُجَادِلِينَ وَالذَّابِّينَ عَنْ
بَنِي أُبَيْرِقٍ . أَيْ : فَلَوْلَا عِصْمَتُهُ وَإِيحَاؤُهُ إِلَيْكَ بِمَا كَتَمُوهُ ، لَهَمُّوا بِإِضْلَالِكَ عَنِ الْقَضَاءِ بِالْحَقِّ وَتَوَخِّي طَرِيقِ الْعَدْلِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّ الْجَانِيَ هُوَ صَاحِبُهُمْ . فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ نَاسًا مِنْهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ الْقِصَّةِ ؛ هَذَا فِيهِ بَعْضُ كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ رِوَايَةِ
السَّائِبِ : أَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِقِصَّةِ
طُعْمَةَ وَأَصْحَابِهِ ، حَيْثُ لَبَّسُوا عَلَى الرَّسُولِ أَمْرَ صَاحِبِهِمْ .
وَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي
وَفْدِ ثَقِيفٍ قَدِمُوا عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا : جِئْنَاكَ نُبَايِعُكَ عَلَى أَنْ لَا نُحْشَرَ وَلَا نُعْشَرَ ، وَعَلَى أَنْ تَمَتِّعَنَا بِالْعُزَّى سَنَةً ؛ فَلَمْ يُجِبْهُمْ فَنَزَلَتْ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَفَّقَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مِقْدَارِ عِصْمَتِهِ لَهُ ، وَأَنَّهَا بِفَضْلٍ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : لَهَمَّتْ مَعْنَاهُ لَجَعَلَتْهُ هَمَّهَا وَشُغْلَهَا حَتَّى تُنَفِّذَهُ ؛ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَلْفَاظَ عَامَّةٌ فِي غَيْرِ أَهْلِ النَّازِلَةِ ، وَإِلَّا فَأَهْلُ الْغَضَبِ
لِبَنِي أُبَيْرِقٍ ، وَقَدْ وَقَعَ هَمُّهُمْ وَثَبَتَ . وَالْمَعْنَى : وَلَوْلَا عِصْمَةُ اللَّهِ لَكَ لَكَانَ فِي النَّاسِ مَنْ يَشْتَغِلُ بِإِضْلَالِكَ وَيَجْعَلُهُ هَمَّ نَفْسِهِ ، كَمَا فَعَلَ هَؤُلَاءِ ، لَكِنَّ الْعِصْمَةَ
[ ص: 347 ] تُبْطِلُ كَيْدَ الْجَمْعِ انْتَهَى . وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ كَمَا ذَكَرْنَا إِلَّا أَنَّ الْهَمَّ يَحْتَاجُ إِلَى قَيْدٍ أَيْ : لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ هَمًّا يُؤَثِّرُ عِنْدَكَ . وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ ، لِأَنَّهُمْ هَمُّوا حَقِيقَةً أَعْنِي : الْمُجَادِلِينَ عَنْ
بَنِي أُبَيْرِقٍ ، أَوْ يَخُصُّ الضَّلَالَ عَنِ الدِّينِ فَإِنَّ الْهَمَّ بِذَلِكَ أَيْ : لَهَمُّوا بِإِضْلَالِكَ عَنْ شَرِيعَتِكَ وَدِينِكَ ، وَعِصْمَةُ اللَّهِ إِيَّاكَ مَنَعَتْهُمْ أَنْ يُخْطِرُوا ذَلِكَ بِبَالِهِمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ أَيْ : وَبَالُ مَا أَقْدَمُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّعَاوُنِ عَلَى الْإِثْمِ وَالْبُهْتِ ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ ؛ إِنَّمَا هُوَ يَخُصُّهُمْ . وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ " مِنْ " تَدَلُّ عَلَى الْعُمُومِ نَصًّا أَيْ : لَا يَضُرُّونَكَ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا . قَالَ
الْقَفَّالُ : وَهَذَا وَعْدٌ بِالْعِصْمَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) الْكِتَابُ : هُوَ الْقُرْآنُ . وَالْحِكْمَةُ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهَا وَالْمَعْنَى : إِنَّ مَنْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَأَهَّلَهُ لِذَلِكَ ، وَأَمَرَهُ بِتَبْلِيغِ ذَلِكَ ، هُوَ مَعْصُومٌ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الضَّلَالِ وَالشُّبَهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ : هُوَ الشَّرْعُ . وَقَالَ
أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ : أَخْبَارُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ . وَذَكَرَ
الْمَاوَرْدِيُّ : الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ، وَذَكَرَ أَيْضًا مِقْدَارَ نَفْسِكَ النَّفِيسَةِ . وَقِيلَ : خَفِيَّاتُ الْأُمُورِ ، وَضَمَائِرُ الصُّدُورِ الَّتِي لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا إِلَّا بِوَحْيٍ . وَقَالَ
الْقَفَّالُ : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يُرَادَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ) وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ : وَأَطْلَعَكَ عَلَى أَسْرَارِ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ، وَعَلَى حَقَائِقِهِمَا ، مَعَ أَنَّكَ مَا كُنْتَ عَالِمًا بِشَيْءٍ ؛ فَكَذَلِكَ يَفْعَلُ بِكَ فِي مُسْتَأْنَفِ أَيَّامِكَ ؛ لَا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى إِضْلَالِكَ وَلَا عَلَى اسْتِزْلَالِكَ . الثَّانِي : مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ مِنْ أَخْبَارِ الْقُرُونِ السَّالِفَةِ ، فَكَذَلِكَ يُعَلِّمُكَ مِنْ حِيَلِ الْمُنَافِقِينَ وَكَيْدِهِمْ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَى الِاحْتِرَازِ مِنْهُ ، انْتَهَى . وَفِيهِ بَعْضُ تَلْخِيصٍ . وَالظَّاهِرُ الْعُمُومُ ، فَيَشْمَلُ جَمِيعَ مَا ذَكَرُوهُ . فَالْمَعْنَى : الْأَشْيَاءُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُهَا ؛ لَوْلَا إِعْلَامُهُ إِيَّاكَ إِيَّاهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=113وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ) قِيلَ : الْمِنَّةُ بِالْإِيمَانِ . وَقَالَ
أَبُو سُلَيْمَانَ : هُوَ مَا خَصَّهُ بِهِ تَعَالَى . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ أَشْرَفُ الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ . وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَا أَعْطَى الْخَلْقَ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ، وَنَصِيبُ الشَّخْصِ مِنْ عُلُومِ الْخَلَائِقِ يَكُونُ قَلِيلًا ، ثُمَّ إِنَّهُ سَمَّى ذَلِكَ الْقَلِيلَ عَظِيمًا .
وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ أَنْوَاعًا مِنَ الْفَصَاحَةِ وَالْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ ؛ مِنْهَا الِاسْتِعَارَةُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ ، وَفِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَيَمِيلُونَ ) اسْتَعَارَ الْمَيْلَ لِلْحَرْبِ . وَالتَّكْرَارُ فِي : ( جُنَاحٌ ) وَ ( لَا جُنَاحَ ) لِاخْتِلَافِ مُتَعَلِّقِهِمَا ، وَفِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ ) ، وَفِي : الْحَذَرِ وَالْأَسْلِحَةِ ، وَفِي : ( الصَّلَاةِ ) ، وَفِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=104تَأْلَمُونَ ) ، وَفِي : اسْمِ اللَّهِ . وَالتَّجْنِيسُ الْمُغَايِرُ فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَيَمِيلُونَ ) (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102مَيْلَةً ) ، وَفِي : ( كَفَرُوا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=101إِنَّ الْكَافِرِينَ ) ، وَفِي : ( تَخْتَانُونَ ) وَ ( خَوَّانًا ) ، وَفِي : ( يَسْتَغْفِرُوا ) ، ( غَفُورًا ) . وَالتَّجْنِيسُ الْمُمَاثِلُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَأَقَمْتَ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَلْتَقُمْ ، وَفِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102لَمْ يُصَلُّوا ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=102فَلْيُصَلُّوا ) ، وَفِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=108يَسْتَخْفُونَ ) وَ ( لَا يَسْتَخْفُونَ ) ، وَفِي : ( جَادَلْتُمْ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=109فَمَنْ يُجَادِلُ ) ، وَفِي : ( يَكْسِبْ ) وَ ( يَكْسِبْ ) ، وَفِي : ( يُضِلُّوكَ ) وَمَا ( يُضِلُّونَ ) ، وَفِي : وَ ( عَلَّمَكَ ) وَ ( تَعَلَمْ ) . قِيلَ : وَالْعَامُّ يُرَادُ بِهِ الْخَاصُّ فِي : فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ، وَلِذَلِكَ كَانَتْ أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ ، انْتَهَى . وَإِذَا كَانَتْ أَلْ لِلْعَهْدِ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْعَامِّ الْمُرَادِ بِهِ الْخَاصُّ ؛ لِأَنَّ ( أَلْ ) لِلْعُمُومِ وَ ( أَلْ ) لِلْعَهْدِ فَهُمَا قَسِيمَانِ ؛ فَإِذَا اسْتُعْمِلَ لِأَحَدِ الْقَسِيمَيْنِ فَلَيْسَ مَوْضُوعًا لِلْآخَرِ . وَالْإِبْهَامُ فِي قَوْلِهِ : بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ، وَفِي : مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ . وَخِطَابُ عَيْنٍ وَيُرَادُ بِهِ غَيْرُهُ وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=105وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ؛ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْرُوسٌ بِالْعِصْمَةِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنِ الْمُبْطِلِينَ . وَالتَّتْمِيمُ فِي قَوْلِهِ : وَهُوَ مَعَهُمْ لِلْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ وَالتَّغْلِيظِ لِقُبْحِ فِعْلِهِمْ لِأَنَّ حَيَاءَ الْإِنْسَانِ مِمَّنْ يَصْحَبُهُ أَكْثَرُ مِنْ حَيَائِهِ وَحْدَهُ ، وَأَصْلُ الْمَعِيَّةِ فِي الْإِجْرَامِ ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ ، فَهُوَ مَعَ عَبْدِهِ بِالْعِلْمِ وَالْإِحَاطَةِ . وَإِطْلَاقُ وَصْفِ الْإِجْرَامِ عَلَى الْمَعَانِي فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا . وَالْحَذْفُ فِي مَوَاضِعَ .
[ ص: 348 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114nindex.php?page=treesubj&link=28975لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=117إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=118لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=119وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=120يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=121أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=122وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=123لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=124وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=125وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=126وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ) . النَّجْوَى مَصْدَرٌ كَالدَّعْوَى ، يُقَالُ : نَجَوْتُ الرَّجُلَ أَنْجُوهُ نَجْوًى إِذَا نَاجَيْتُهُ . قَالَ
الْوَاحِدِيُّ : وَلَا تَكُونُ النَّجْوَى إِلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : النَّجْوَى مَا انْفَرَدَ بِهِ الْجَمَاعَةُ ، أَوِ الِاثْنَانِ سِرًّا كَانَ وَظَاهِرًا ، انْتَهَى . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : الْمُسَارَّةُ ، وَتُطْلَقُ النَّجْوَى عَلَى الْقَوْمِ الْمُتَنَاجِينَ ، وَهُوَ مِنْ بَابِ : قَوْمٌ عَدْلٌ وُصِفَ بِالْمَصْدَرِ . وَقَالَ
الْكَرْمَانِيُّ : نَجْوَى جَمْعُ نَجِيٍّ ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ ، وَتَكَرَّرَ هُنَا لِخُصُوصِيَّةِ الْبِنْيَةِ .
مَرِيدٌ : مِنْ مَرَدَ عَتَا وَعَلَا فِي الْحَذَاقَةِ ، وَتَجَرَّدَ لِلشَّرِّ وَالْغَوَايَةِ . وَقَالَ
ابْنُ عِيسَى : وَأَصْلُهُ التَّمَلُّسُ ، وَمِنْ شَجَرَةٍ مَرْدَاءَ ; أَيْ مَلْسَاءَ تَنَاثَرَ وَرَقُهَا ، وَغُلَامٌ أَمَرَدُ لَا نَبَاتَ بِوَجْهِهِ وَصَرْحٌ مُمَرَّدٌ مُمَلَّسٌ لَا يُعَلَّقُ بِهِ شَيْءٌ لِمَلَاسَتِهِ وَالْمَارِدُ الَّذِي لَا يُعَلَّقُ بِشَيْءٍ مِنَ الْفَضَائِلِ . الْبَتْكُ : الشَّقُّ وَالْقَطْعُ ، بَتَكَ يَبْتِكُ ، وَبَتَّكَ لِلتَّكْثِيرِ وَالْبَتْكُ الْقَطْعُ وَاحِدُهَا بَتْكَةٌ . قَالَ الشَّاعِرُ :
حَتَّى إِذَا مَا هَوَتْ كَفُّ الْوَلِيدِ لَهَا طَارَتْ وَفِي كَفِّهِ مِنْ رِيشِهَا بَتَكُ
مَحِيصٌ : مَفْعِلٌ مِنْ حَاصَ يَحِيصُ ، زَاغَ بِنُفُورٍ ، وَمِنْهُ : فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمْرِ الْوَحْشِ . وَقَوْلُ الشَّاعِرِ :
وَلَمْ نَدْرِ إِنْ حِصْنَا مِنَ الْمَوْتِ حَيْصَةً كَمِ الْعُمْرُ بَاقٍ وَالْمَدَا مُتَطَاوِلُ
وَيُقَالُ جَاضَ بِالْجِيمِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُحَاصُ مِثْلَ الْمَحِيصِ . قَالَ الشَّاعِرُ :
تَحَيَّصَ مِنْ حُكْمِ الْمَنِيَّةِ جَاهِدًا مَا لِلرِّجَالِ عَنِ الْمَنُونِ مُحَاصُ
وَفِي الْمَثَلِ : وَقَعُوا فِي حَيْصَ بَيْصَ . وَحَاصَ بَاصَ إِذَا وَقَعَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْهُ ، وَيُقَالُ : حَاصَ يَحُوصُ حَوْصًا ، وَحِيَاصًا إِذَا نَفَرَ ، وَزَايَلَ الْمَكَانَ الَّذِي فِيهِ . وَالْحَوْصُ فِي الْعَيْنِ ضِيقُ مُؤَخَّرِهَا . الْخَلِيلُ : فَعِيلٌ مِنَ الْخَلَّةِ وَهِيَ الْفَاقَةُ وَالْحَاجَةُ . أَوْ مِنَ الْخُلَّةِ ، وَهِيَ صَفَاءُ الْمَوَدَّةِ ، أَوْ مِنَ الْخَلَلِ . قَالَ
ثَعْلَبٌ : سُمِّيَ خَلِيلًا ; لِأَنَّ مَحَبَّتَهُ تَتَخَلَّلُ الْقَلْبَ ؛ فَلَا تَدَعُ فِيهِ خَلَلًا إِلَّا مَلَأَتْهُ . وَأَنْشَدَ قَوْلَ
بِشَارٍ :
قَدْ تَخَلَّلَتْ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي وَبِهِ سُمِّيَ الْخَلِيلُ خَلِيلًا
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ) الضَّمِيرُ فِي نَجْوَاهُمْ عَائِدٌ عَلَى قَوْمِ
طُعْمَةَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ ؛ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : هُمْ قَوْمٌ مِنَ الْيَهُودِ ، نَاجَوْا قَوْمَ
طُعْمَةَ ، وَاتَّفَقُوا مَعَهُمْ عَلَى التَّلْبِيسِ عَلَى الرَّسُولِ فِي أَمْرِ
طُعْمَةَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : هُوَ عَائِدٌ عَلَى النَّاسِ أَجْمَعَ .
وَجَاءَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَامَّةً فَانْدَرَجَ أَصْحَابُ النَّازِلَةِ ، وَهُمْ
[ ص: 349 ] قَوْمُ
طُعْمَةَ فِي ذَلِكَ الْعُمُومِ ، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْإِيجَازِ وَالْفَصَاحَةِ ; لِكَوْنِ الْمَاضِي وَالْمُغَايِرِ تَشْمَلُهُمَا عِبَارَةٌ وَاحِدَةٌ انْتَهَى . وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ ، إِنْ كَانَ النَّجْوَى مَصْدَرًا ، وَيُمْكِنُ اتِّصَالُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ; أَيْ إِلَّا نَجْوًى مِنْ أَمْرٍ ، وَقَالَهُ
أَبُو عُبَيْدَةَ . وَإِنْ كَانَ النَّجْوَى الْمُتَنَاجِينَ قِيلَ : وَيَجُوزُ فِي ( مَنْ ) الْخَفْضُ مِنْ وَجْهَيْنِ ؛ أَنْ يَكُونَ تَابِعًا لِكَثِيرٍ ، أَوْ تَابِعًا لِلنَّجْوَى ، كَمَا تَقُولُ : لَا خَيْرَ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا زِيدٍ ، إِنْ شِئْتَ أَتْبَعْتَ زَيْدًا الْجَمَاعَةَ ، وَإِنْ شِئْتَ أَتْبَعْتَهُ الْقَوْمَ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( مَنْ أَمَرَ ) مَجْرُورًا عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ( كَثِيرٍ ) ; لِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ ، أَوْ عَلَى الصِّفَةِ . وَإِذَا كَانَ مُنْقَطِعًا ؛ فَالتَّقْدِيرُ : لَكِنْ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ ، فَالْخَيْرُ فِي نَجْوَاهُ . وَمَعْنَى أَمَرَ : حَثَّ ، وَحَضَّ . وَالصَّدَقَةُ تَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالتَّطَوُّعَ . وَالْمَعْرُوفُ عَامٌّ فِي كُلِّ بِرٍّ . وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ :
أَبُو سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ ،
وَابْنُ عَطِيَّةَ . فَيَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الصَّدَقَةُ وَالْإِصْلَاحُ . لَكِنَّهُمَا جُرِّدَا مِنْهُ ، وَاخْتُصَّا بِالذِّكْرِ اهْتِمَامًا ; إِذْ هُمَا عَظِيمَا الْغِذَاءِ فِي مَصَالِحِ الْعِبَادِ . وَعُطِفَ بَـ ( أْوِ ) فَجُعِلَا كَالْقِسْمِ الْمُعَادِلِ مُبَالَغَةً فِي تَجْرِيدِهِمَا ، حَتَّى صَارَ الْقِسْمُ قَسِيمًا . وَقِيلَ الْمَعْرُوفُ الْفَرْضُ . رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٍ . وَقِيلَ إِغَاثَةُ الْمَلْهُوفِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالصَّدَقَةِ الْوَاجِبُ وَبِالْمَعْرُوفِ مَا يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى سَبِيلِ التَّطَوُّعِ ، انْتَهَى . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374274كُلُّ كَلَامِ ابْنِ آدَمَ عَلَيْهِ لَا لَهُ إِلَّا مَنْ كَانَ أَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى . وَحَدَّثَ
nindex.php?page=showalam&ids=16004سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ أَقْوَامًا ؛ فَقَالَ أَحَدُهُمْ : مَا أَشَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ : أَلَمْ تَسْمَعْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374275كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ ، وَأَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ . وَقَالَ
الْحُطَيْئَةُ :
مَنْ يَفْعَلِ الْخَيْرَ لَا يُعْدَمْ جَوَازِيَهُ لَا يَذْهَبُ الْعُرْفُ بَيْنَ اللَّهِ وَالنَّاسِ
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافٌ وَنِزَاعٌ . وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِالْإِصْلَاحِ بَيْنَ
طُعْمَةَ وَالْيَهُودِيِّ الْمَذْكُورَيْنِ . قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ مَا مُلَخَّصُهُ : ذَكَرَ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ ; لِأَنَّ عَمَلَ الْخَيْرِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بِدَفْعِ الْمَضَرَّةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ . أَوْ بِإِيصَالِ الْمَنْفَعَةِ إِمَّا جُسْمَانِيًّا ، وَهُوَ إِعْطَاءُ الْمَالِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : بِصَدَقَةٍ . أَوْ رُوحَانِيًّا ، وَهُوَ تَكْمِيلُ الْقُوَّةِ النَّظَرِيَّةِ بِالْعُلُومِ ، أَوِ الْقُوَّةِ الْعَمَلِيَّةِ بِالْأَفْعَالِ الْحَسَنَةِ ، وَمَجْمُوعُهَا عِبَارَةٌ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : أَوْ مَعْرُوفٍ .
وَقَالَ
الرَّاغِبُ : يُقَالُ لِكُلِّ مَا يَسْتَحْسِنُهُ الْعَقْلُ وَيَعْرِفُهُ مَعْرُوفٌ ، وَلِكُلِّ مَا يَسْتَقْبِحُهُ وَيُنْكِرُهُ مُنْكَرٌ . وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَعَالَى رَكَّزَ فِي الْعُقُولِ مَعْرِفَةَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=138صِبْغَةَ اللَّهِ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَةَ اللَّهِ ) ، وَعَلَى ذَلِكَ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ لِمَعْرِفَتِهَا بِهِ ، انْتَهَى . وَهَذِهِ نَزْغَةٌ اعْتِزَالِيَّةٌ فِي أَنَّ الْعَقْلَ يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ . وَقِيلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ تَضَمَّنَتِ الْأَفْعَالَ الْحَسَنَةَ ، وَبَدَأَ بِأَكْثَرِهَا نَفْعًا ، وَهُوَ إِيصَالُ النَّفْعِ إِلَى الْغَيْرِ ، وَنَبَّهَ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى النَّوَافِلِ الَّتِي هِيَ مِنَ الْإِحْسَانِ وَالتَّفَضُّلِ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى سِيَاسَتِهِمْ ، وَمَا يُؤَدِّي إِلَى نَظْمِ شَمْلِهِمْ ، انْتَهَى . وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374276أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ ، قِيلَ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ، وَخَصَّ ( مَنْ أَمَرَ ) بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَفِي ضِمْنِ ذَلِكَ أَنَّ الْفَاعِلَ أَكْثَرُ اسْتِحْقَاقًا مِنَ الْأَمْرِ ، وَإِذَا كَانَ الْخَيْرُ فِي نَجْوَى الْأَمْرِ بِهِ ، فَلَا يَكُونُ فِي مَنْ يَفْعَلُهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=114وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ) لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْخَيْرَ فِي مَنْ أَمَرَ ذَكَرَ ثَوَابَ مَنْ فَعَلَ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ : وَمَنْ يَأْمُرُ بِذَلِكَ ؛ فَيُعَبِّرُ بِالْفِعْلِ عَنِ الْأَمْرِ ، كَمَا يُعَبِّرُ بِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ . وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو ،
وَحَمْزَةُ : يُؤْتِيهِ بِالْيَاءِ وَالْبَاقُونَ بِالنُّونِ عَلَى سَبِيلِ الِالْتِفَاتِ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ ) فَيَكُونُ إِسْنَادُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ إِلَى ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ الْعَظِيمِ ، وَهُوَ أَبْلَغُ مِنْ إِسْنَادِهِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَائِبِ . وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ لِحَظِّ الِاسْمِ الْغَائِبِ فِي قَوْلِهِ : ابْتِغَاءَ
[ ص: 350 ] مَرْضَاةِ اللَّهِ ، وَفِي قَوْلِهِ : ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا كَانَ فِيهِ رِضَا اللَّهِ تَعَالَى ، وَخُلُوصُهُ لِلَّهِ دُونَ رِيَاءٍ وَلَا سُمْعَةٍ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115nindex.php?page=treesubj&link=28975وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) نَزَلَتْ فِي
طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ لَمَّا فَضَحَهُ اللَّهُ بِسَرِقَتِهِ ، وَبَرَّأَ الْيَهُودِيَّ ارْتَدَّ وَذَهَبَ إِلَى
مَكَّةَ ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مَوْتُهُ وَسَبَبُهُ . وَمِمَّا قِيلَ فِيهِ : إِنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ ، فَسَرَقَ مِنْهَا مَالًا فَعُلِمَ بِهِ ، فَأُلْقِيَ فِي الْبَحْرِ . وَقِيلَ لَمَّا سَرَقَ
الْحَجَّاجَ السُّلَمِيَّ اسْتَحَى
الْحَجَّاجُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ كَانَ ضَيْفَهُ فَأَطْلَقَهُ ، فَلَحِقَ بُحَيْرَةَ
بَنِي سُلَيْمٍ ؛ فَعَبَدَ صَنَمًا لَهُمْ ، وَمَاتَ عَلَى الشِّرْكِ . وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي قَوْمِ
طُعْمَةَ ؛ قَدِمُوا فَأَسْلَمُوا ، ثُمَّ ارْتَدُّوا . وَتَقَدَّمَ مَعْنَى الْمُشَاقَّةِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=137فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ : عَامٌّ فَيَنْدَرِجُ فِيهِ
طُعْمَةُ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُشَاقِّينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى ; أَيِ اتَّضَحَ لَهُ الْحَقُّ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْهِدَايَةِ . وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا إِخْبَارُ اللَّهِ نَبِيَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقِصَّةِ
طُعْمَةَ ، وَإِطْلَاعِهِ إِيَّاهُ عَلَى مَا بَيَّتُوهُ وَزَوَّرُوهُ ؛ لَكَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَعْظَمُ وَازِعٍ وَأَوْضَحُ بَيَانٍ ، وَكَانَ ذَنْبُ مَنْ يَعْرِفُ الْحَقَّ وَيَزِيغُ عَنْهُ أَعْظَمَ مِنْ ذَنْبِ الْجَاهِلِ ; لِأَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحَقَّ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ لِتَرْكِ الْمَعْرِفَةِ ; لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ ، أَوْ يَعْرِفَهُ مَنْ يُصَدِّقُهُ . وَالْعَالِمُ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِتَرْكِ اسْتِعْمَالِ مَا يَقْتَضِيهِ مَعْرِفَتُهُ ؛ فَهُوَ أَعْظَمُ جُرْمًا إِذَا اطَّلَعَ عَلَى الْحَقِّ ، وَعَمِلَ بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ عَلَى سَبِيلِ الْعِنَادِ لِلَّهِ تَعَالَى ; إِذْ جُعِلَ لَهُ نُورٌ يَهْتَدِي بِهِ . وَسَبِيلُ الْمُؤْمِنِينَ : هُوَ الدِّينُ الْحَنِيفِيُّ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ . وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفَةُ هِيَ عَلَى سَبِيلِ التَّوْكِيدِ وَالتَّشْنِيعِ وَالَا فَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ هُوَ مُتَّبِعٌ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ضَرُورَةً ؛ وَلَكِنَّهُ بَدَأَ بِالْأَعْظَمِ فِي الْإِثْمِ ، وَأَتْبَعَ بِلَازِمِهِ تَوْكِيدًا .
وَاسْتَدَلَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ . وَقَدْ طَوَّلَ أَهْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ فِي تَقْرِيرِ الدَّلَالَةِ مِنْهَا ، وَمَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ ، وَذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ أُصُولِ الْفِقْهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=21616الْإِجْمَاعَ حُجَّةٌ لَا يَجُوزُ مُخَالَفَتُهَا ، كَمَا لَا يَجُوزُ مُخَالَفَةُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَمَعَ بَيْنَ اتِّبَاعِ سَبِيلِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَبَيْنَ مُشَاقَّةِ الرَّسُولِ فِي الشَّرْطِ ، وَجَعَلَ جَزَاءَهُ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ ؛ فَكَانَ اتِّبَاعُهُمْ وَاجِبًا كَمُوَالَاةِ الرَّسُولِ ، انْتَهَى كَلَامُهُ .
وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِظَاهِرِ الْآيَةِ الْمُرَتَّبِ عَلَى وَصْفَيْنِ اثْنَيْنِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ؛ فَالْوَعِيدُ إِنَّمَا تَرَتَّبَ فِي الْآيَةِ عَلَى مَنِ اتَّصَفَ بِمُشَاقَّةِ الرَّسُولِ ، وَاتِّبَاعِ سَبِيلِ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَلِذَلِكَ كَانَ الْفِعْلُ مَعْطُوفًا عَلَى الْفِعْلِ ، وَلَمْ يُعَدْ مَعَهُ اسْمُ شَرْطٍ . فَلَوْ أُعِيدَ اسْمُ الشَّرْطِ ، وَكَأَنْ يَكُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى ، وَمَنْ يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ؛ لَكَانَ فِيهِ ظُهُورُ مَا عَلَى مَا ادَّعَوْا ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى تَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ مُغَايِرًا لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ . وَقَدْ قُلْنَا : إِنَّهُ لَيْسَ بِمُغَايِرٍ ؛ بَلْ هُوَ أَمْرٌ لَازِمٌ لِمُشَاقَّةِ الرَّسُولِ ؛ وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَالتَّوْكِيدِ وَتَفْظِيعِ الْأَمْرِ وَتَشْنِيعِهِ . وَالْآيَةُ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ هِيَ وَعِيدُ الْكُفَّارِ ؛ فَلَا دَلَالَةَ عَلَى جُزْئِيَّاتِ فُرُوعِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ . وَاسْتُدِلَّ بِهَذِهِ الْآيَةِ
[ ص: 351 ] عَلَى وُجُوبِ عِصْمَةِ الرَّسُولِ وَعَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِثْمُ . وَمَعْنَى قَوْلِهِ : مَا تَوَلَّى قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَعِيدٌ بِأَنْ يَتْرُكَ مَعَ فَاسِدِ اخْتِيَارَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : يَجْعَلُهُ بِالْيَاءِ ، وَمَا تَوَلَّى مِنَ الضَّلَالَةِ بِأَنْ تَخْذُلَهُ ، وَتُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اخْتَارَ ، انْتَهَى . وَهَذَا عَلَى مَنْزَعِهِ الِاعْتِزَالِيِّ . وَقُرِئَ : وَنُصْلِهِ بِفَتْحِ النُّونِ مِنْ صَلَاهُ . وَقَرَأَ
ابْنُ أَبِي عَيْلَةَ ( يُوَلِّهِ ) ، وَ ( يُصْلِهِ ) بِالْيَاءِ فِيهِمَا جَرْيًا عَلَى قَوْلِهِ : فَسَوْفَ يُؤْتِيهِ بِالْيَاءِ ، وَفِي هَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115نُوَلِّهِ nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115وَنُصْلِهِ : الْإِشْبَاعُ وَالِاخْتِلَاسُ وَالْإِسْكَانُ ، وَقُرِئَ بِهَا .