الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
بيان الأعذار المرخصة في الغيبة .

اعلم أن المرخص في ذكر مساوي الغير هو غرض صحيح في الشرع لا يمكن التوصل إليه إلا به ، فيدفع ذلك إثم الغيبة ، وهي ستة أمور .

الأول التظلم ، فإن من ذكر قاضيا بالظلم والخيانة ، وأخذ الرشوة كان مغتابا عاصيا إن لم يكن مظلوما أما المظلوم من جهة القاضي فله أن يتظلم إلى السلطان وينسبه إلى الظلم إذ لا يمكنه استيفاء حقه إلا به قال صلى الله عليه وسلم : إن لصاحب الحق مقالا .

وقال عليه السلام : مطل الغني ظلم .

وقال عليه السلام : لي الواجد يحل عقوبته وعرضه .

.

التالي السابق


(بيان الأعذار المرخصة في الغيبة )

(اعلم أن المرخص في ذكر مساوئ الغير هو غرض صحيح في الشرع لا يمكن التوصل إليه إلا به، فيدفع ذلك إثم الغيبة، وهي ستة أمور) نظمها بعضهم فقال:


لا تقدح الغيبة في ستة متظلم متحذر متعرف ولمظهر فسقا ومستفت ومن
طلب الإعانة في إزالة منكر



( الأول التظلم ، فإن من ذكر قاضيا من القضاة بالظلم والخيانة، وأخذ الرشوة كان مغتابا عاصيا) لله تعالى، (أما المظلوم من جهة القاضي فله أن يتظلم إلى السلطان) الأعظم الذي ولاه القضاء، (وينسبه إلى [ ص: 554 ] الظلم) ، ويشكو منه، (إذ لا يمكنه استيفاء حقه إلا به) ، فحصل الترخيص له من الشارع، (وقد قال) الله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ، وقال (صلى الله عليه وسلم: إن لصاحب الحق مقالا ) ، أي: إن لصاحب الدين صولة الطلب وقوة الحجة، قال العراقي : متفق عليه من حديث أبي هريرة . اهـ .

قلت: روي من حديث سلمة بن كهيل ، سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يحدث عن أبي هريرة "أن رجلا تقاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغلظ له، فهم به أصحابه، فقال: دعوه؛ فإن لصاحب الحق مقالا" . قال الحافظ السخاوي : وهو من غرائب الصحيح، قال البزار : لا يروى عن أبي هريرة إلا بهذا الإسناد، ومداره على سلمة بن كهيل ، وقد صرح -يعني به- في رواية البخاري بأنه سمعه من أبي سلمة بمنى ، وذلك لما حج، وقد رواه كذلك الترمذي ، ورواه أحمد من حديث عائشة ، وابن عساكر من حديث أبي حميد الساعدي .

وروى أبو نعيم في الحلية من حديث أبي هريرة : "دعوه فإن طالب الحق أعذر من النبي" .

(وقال صلى الله عليه وسلم: مطل الغني ظلم ) ، أي: تسويف القادر المتمكن من أداء الدين الحال ظلم منه لرب الدين، فهو حرام، والتركيب من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله، وقيل: من إضافة المصدر إلى مفعوله، يعني: يجب وفاء الدين، وإن كان مستحقه غنيا، فالفقير أولى، ولفظ المطل يؤذن بتقديم الطلب، فتأخير الأداء مع عدم الطلب ليس بظلم، وقضية كونه ظلما أنه كبيرة يفسق به إن تكرر، وكذا إن لم يتكرر على ما جرى عليه بعضهم. قال العراقي : متفق عليه من حديث أبي هريرة . اهـ .

قلت: تمامه: "وإذا أتبع أحدكم على ملي فليتبع" ، وكذلك رواه أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه ، وفي رواية لبعضهم: "المطل ظلم الغني" ، وفي الباب عن عمران بن حصين عند القضاعي وابن عمر عند أحمد والترمذي (وقال صلى الله عليه وسلم: لي الواجد) أي: الغني، واللي: المطل (يحل) بالضم، من الإحلال (عرضه) بأن يقول له المدين: أنت ظالم، أنت مماطل، ونحوه، مما ليس بفحش ولا قذف، (وعقوبته) بأن يعزو القاضي على الأداء بنحو ضرب أو حبس حتى يؤدي. قال العراقي : رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث الشريد ، بإسناد صحيح. اهـ .

قلت: رواه أبو داود في الأقضية، والنسائي في البيع، وابن ماجه في الأحكام، وكذلك رواه أحمد والحاكم من طريق عمرو بن الشريد عن أبيه، وقال الحاكم : صحيح، وأقره الذهبي ، وعلقه البخاري .

وأخرج البيهقي في الشعب من طريق شعبة قال: الشكاية والتحذير ليسا من الغيبة ، قال عقبة : وهذا صحيح، فقد يصيبه من جهة غيره أذى فيشكوه، ويحكي ما جرى عليه من الأذى، فلا يكون ذلك حراما، ولو صبر عليه كان أفضل .




الخدمات العلمية