الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      [ الشرط مخصص للأحوال لا للأعيان ]

                                                      [ المسألة ] الثامنة : نقل صاحب المصادر " عن الشريف المرتضى منع كون الشرط يدل على التخصيص ، وقال : الشرط لا يؤثر في زيادة ولا نقصان ولا يجري مجرى الاستثناء والصفة . وجزم به صاحب " المصادر " فقال : لا يجري مجرى الاستثناء في التخصيص ، لأن الاستثناء تقليل في العدد قطعا بخلاف الشرط ; لأن قولك : أعط القوم إن دخلوا الدار لا يقطع بأن بعضهم خارج من العطية ; بل يجوز أن يدخل الكل فيستحقوا العطية ، فإذن الشرط غير مخصص للأشخاص والأعيان كالاستثناء . وإنما هو مخصص لأحوال من حيث إن الأمر بالعطية لو كان مطلقا لا يستحقونها على كل حال . فإذا شرط بدخول الدار يخصص بتلك الحال التي هي دخول الدار .

                                                      قال : وذكر القاضي عبد الجبار أن الشرط ب " إن " يخصص ما دخله ، إلا أن يدخل للتأكيد فلا ، كقوله : إن تطهرت فصل ، لأنه ليس بشرط في التحقيق . انتهى . [ ص: 446 ] والمشهور أن الشرط من المخصصات مطلقا ، لأن الجزاء والشرط جملتان صيرهما حرف الشرط كلاما واحدا ، فيتقيد إحداهما بقيد الأخرى وتخصيصها بالاستثناء كذلك ، وبذلك أشبه الشرط الاستثناء ، فإذا قلت : أكرم بني فلان إن كانوا علماء ، صار كقولك أكرم بني فلان إلا أن يكونوا جهالا . وكذا إذا قال : من جاءك من الناس فأكرمه ، ومن دخل الكعبة فهو آمن . غير أن الاستثناء لا بد فيه من إخراج كما تقدم ، والشرط يقيد فلا يشترط فيه الإخراج إلا على ما سبق ذكره .

                                                      وقال ابن الفارض في النكت " : الاستثناء يخرج الأعيان ، والشرط يخرج الأحوال . وقال إلكيا الطبري : من حق الشرط أن يخص المشروط ، وليس من حقه أن يختص به . وقال الماوردي والروياني : إنما يكون الشرط للتخصيص إذا لم يقم دليل على خلافه ، وإلا فلا اعتبار به ، ويصرف بالدليل عما وضع له من الحقيقة إلى المجاز ، كقوله تعالى : { واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن } وحكمها في العدة مع وجود الريبة وعدمها سواء . وقال . ابن السمعاني : يكون تخصيصا إلا أن يقع موقع التأكيد ، أو غالب الحال يصرف بالدليل عن حكم الشرط كقوله { إن خفتم } فإن الخوف تأكيد لا شرط وقوله : { اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية