الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        المبحث الخامس: العنصر البشري في العالم الإسلامي والتحدي الحضاري المعاصر

        العنصر البشري صانع الحضارة

        1- تتعدد عناصر التحدي الحضاري المعاصر، وكل عنصر يمثل محورا يرتكز عليه العمل الحضاري. هـناك المحور الاقتصادي والمحور الاجتماعي والمحور السياسي وغير ذلك من محاور.. العنصر البشري هـو العنصر الرئيس الفاعل في هـذه المحاور كلها.

        بناء على هـذا، نستطيع أن نختزل التحدي الحضاري في تحد على مستوى العنصر البشري، والتفاوتات الحضارية بين الأمم تنسب أساسا إلى العنصر البشري. إذا أخذنا الحضارة المادية المعاصرة كمثال، فإننا نجد إثباتا لهذه القضية التي نناقشها. الحضارة المادية تترجم في تقدم اقتصادي وتقدم تكنولوجي، هـذه الحضارة المادية كلها قامت على العنصر البشري. ومن الأمثلة التقليدية على ذلك، ما يقال دائما من وجود دول ليست غنية [ ص: 104 ] بمواردها الطبيعية ولكنها استطاعت بالعنصر البشري أن تكون من أرقى الدول، تقدما وتطورا في الاقتصاد. النظر إلى خريطة العالم يضع أيدينا على الدول التي تثبت هـذا الأمر.

        2- العنصر البشري المؤهل لصنع حضارة، يخلق لنفسه الوعاء الذي يكون ملائما لأن يسع التقدم. قضية الوعاء السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يسع التطور والتقدم في علاقته بالإنسان، قضية معقدة. يظهر هـذا التعقيد من صحة المقولتين التاليتين:

        المقولة الأولى: الإنسان الذي صنع التقدم الحضاري المعاصر أتيح له وعاء ملائم سياسيا واجتماعيا واقتصاديا. هـذا الوعاء الملائم وسع إبداعات العنصر البشري ووسع انطلاقاته، وهذه مقولة صحيحة.

        المقولة الثانية: الإنسان الذي صنع الحضارة المعاصرة صنع قبلها ومعها الوعاء الملائم الذي مكن الإنسان من أن يفجر طاقاته الإبداعية، هـذه أيضا مقولة صحيحة.

        3- العنصر البشري الذي صنع الحضارة المعاصرة توافرت له استثمارات اجتماعية، بحيث يمكن القول: إن إنسان هـذه الحضارة بهذه الاستثمارات أصبح إنسانا ذا طبيعة ملائمة لصنع التقدم. الإنسان في علاقته بالاستثمارات ذات الطبيعة الاجتماعية، قضية معقدة. يظهر هـذا التعقيد من صحة المقولتين التاليتين:

        المقولة الأولى: الإنسان الذي تقدم، استحدث استثمارات اجتماعية [ ص: 105 ] ارتقت ماديا بكفاءة العنصر البشري، هـذه مقولة صحيحة.

        المقولة الثانية: الاستثمارات ذات الطبيعة الاجتماعية مكنت العنصر البشري من أن يصبح أكثر عوامل الإنتاج فعالية، وبالتالي صنع التقدم المادي، هـذه أيضا مقولة صحيحة.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية