الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        بعض مؤشرات التعليم في البلاد الإسلامية

        1-تحاول الدراسة في هـذه الفقرة التعرف على (حالة التعاليم ) في البلاد الإسلامية، وسوف نعمل على ربط البيانات التي نحصل عليها بموضوع الدراسة وهو قيمة العمل. حددنا في البداية أنه يتعامل مع قيمة العمل من المدخل الكمي للاقتصاد وليس من المدخل القيمي. يترتب على ذلك أن الربط الذي تجريه الدراسة بين حالة التعليم في البلاد الإسلامية وبين قيمة العمل يكون باعتبار أن العمل أحد عوامل الإنتاج. هـذا التوضيح ضروري لتحديد التوظيف الذي تجريه الدراسة للبيانات التي يحصل عليها عن حالة التعليم في البلاد الإسلامية.

        2-لا شك أن (حالة التعليم ) تعكس نفسها في نوعية العنصر البشري باعتباره أحد عوامل الإنتاج، ويظهر هـذا في جوانب متعددة منها: [ ص: 110 ]

        أ- القدرة على تطوير المعارف والاكتشافات اللازمة للتقدم.

        ب- القدرة على اكتساب المهارات والفنون الحديثـة والتي تعمـل على التطور والتقدم.

        ج- القدرة على التعامل مع الآلات الحديثة التي يصنعها التقدم، ثم تعود هـذه الآلات بدورها فتصب نفسها في التقدم.

        د- القدرة على تطوير العلاقات والسلوكيات الاجتماعية التي تخدم التقدم.

        هـ- القدرة على استيعاب المؤسسات التي تسع التطورات المعاصرة وتخدم التقدم.

        و- تصاحب عملية التعليم اكتساب قيم معينة، هـذه القيم تربط إيجابيا بالتقدم.

        3- تحاول الدراسة أن تظهر (حالة التعليم ) في العالم الإسلامي من واقع البيانات الإحصائية من الجدولين (5، 6) بالملحق الإحصائي.

        أولا: الأمية يعتبر القضاء على الأمية شرط أساس للتقدم الاقتصادي، بل لقبول فكرة التقدم الاقتصادي، وهو شرط لأن يكون للعمل قيمة اقتصادية معتبرة. وموقف العالم الإسلامي بالنسبة للأمية على النحو الآتي:

        أ- حالة ألبانيا تمثل أسوأ حالة (95%) ، تليها أذربيجان (91%) .. نسبة الأمية على النحو الذي يظهر في هـاتين الدولتين تعبر عن درجة تخلف خطيرة في عنصر العمل. [ ص: 111 ]

        ب- معدل الأمية في (8) ثماني دول إسلامية يقع ما بين 50 و70%، فإذا عرف أن (28) دولة إسلامية هـي التي أعلنت أو أعطت بيانات عن الأمية بها فإننا نستنتج أن حوالي ثلث دول العالم الإسلامي يقع في هـذه الحالة. وهي حالة أيضا سيئة لتأثيراتها السلبية على كل الأنشطة، اقتصادية أو غيرها، وبالتالي على قيمة العمل.

        جـ- دولتان من دول العالم الإسلامي فيهما الأمية 10% أو أقل (10، 7%) ، وهي حالة إيجابية، إلا أن الدول صاحبة هـذه الحالة الإيجابية تصل نسبتها في العالم الإسلامي إلى 0.9% (2:28) .

        د- هـناك (23) دولة (45%) من الدول المنضمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي لم تعط بياناتها لمنظمة تابعة للأمم المتحدة (البنك الدولي) عن معدل الأمية فيها. والأمر على هـذا النحو يحمل دلالة سلبية، لأنه قد يعني أن هـذه الدول لم تعط بياناتها بسبب ارتفاع معدل الأمية فيها.

        هـ- المقارنة بين الدول الإسلامية وبعض الدول المتقدمة بشأن الأمية تبين سوء حالة العالم الإسلامي. إن معدل الأمية في جميع البلاد المتقدمة التي يظهرها الجدول (6) أقل من (5%) ويعني ذلك أنه قد يكون صفرا% أو 1%.

        النتيجة:

        حالة الأمية في العالم الإسلامي تعتبر حالة خطيرة. ومن المعروف أنه توجد علاقة عكسية بين معدل الأمية والتقدم، فكلما زاد معدل الأمية [ ص: 112 ] انخفض التقدم، أي زاد التخلف. كما أنه من المعروف أنه توجد علاقة عكسية أيضا بين معدل الأمية وقيمة العمل، فكلما زاد معدل الأمية انخفضت قيمة العمل، معبرا عنه بالأجر أو بمساهمته في الناتج القومي.

        ثانيا:التعليم العالي المقابلة بين بيانات الجدولين (5، 6) تبين نسبة المقبولين بالتعليم العالي في البلاد الإسلامية وفي البلاد المتقدمة. والتحليل لبيانات الجدولين يكشف عن الآتي:

        أ- البلاد الإسلامية التي بها نسبة المقبولين بالتعليم العالي 5% فأقل هـي عشر دول. ولمـا كـان عـدد دول منـظمة المؤتمـر الإسلامي التي أعطت بيانات هـي 26 دولة، فإن هـذه الدول صاحبة هـذه النسبة المنخفضة تمثل 38.4%، أي أنـه يمـكن القـول: إن 38.4% من العالم الإسلامي نسبة المقيدين فيـها بالتعليم العالي 5% فأقل (مع ملاحظة أنه توجد ثلاث دول النسبة فيها 1% ) .

        ب - في جميع البلاد الإسلامية نسبة المقيدين بالتعليم العالي أقل من 20% فيما عدا دولتين، أي أن 77% من العالم الإسلامي يقع في هـذه النسبة (2-26) .

        جـ- في جـميـع البـلاد الإسـلاميـة نسـبـة المقيـدين بالتعليم العالي أقـل مـن 30%.

        د - في مقابل حالة العالم الإسلامي، ففي جميع البلاد المتقدمة تكون نسبة المقيدين بالتعليم العالي أكثر من 40% فيما عدا دولة واحدة ( السويد ) [ ص: 113 ] وهي تقرب من نفس النسبة (38%) . من الدول المتقدمة ما تصل النسبة فيها إلى 81% وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

        ونحاول هـنا أن نعطي دلالة تتعلق بالتقدم مرتبطة بالتعليم العالي . التعليم العالي هـو (وعاء ) الاختراعات، أي الإطار الذي تتم فيه كل بحوث الاكتشافات والاختراعات الجديدة، ليس هـذا فحسب بل إن التعليم العالي هـو الذي يوفر للدولة العناصر البشرية المؤهلة للتعامل مع التكنولوجيات المتطورة واستخدامها. بل أكثر من هـذا، إنه يصدق القول: إن التعليم العالي هـو الذي يعطي للأمة العناصر البشرية التي تقود الانفتاح العقلي للتعامل مع الجديد ومع استيعابه ومع التطور الفكري.

        وبسبب هـذه الأهمية للتعليم العالي وللنتائج المترتبة عليه فإن (قيمة العمل ) للعنصر البشري المؤهل تأهيلا عاليا تكون عالية، بل أحيانا تكون عالية بدرجة كبيرة. قيمة العمل العالية تكون مقيسة بالمساهمة التي يعطيها العمل في الناتج القومي، وهذه القيمة العالية تعكس نفسها في أجور عالية.

        النتيجة:

        حالة العالم الإسلامي من حيث التعليم، مقارنا بما عليه حال العالم المتقدم، تعطي النتيجة التالية: قيمة العمل في العالم الإسلامي مقيسة بالمساهمة التي يعطيها في الناتج القومي تكون منخفضة، وترتيبا على ذلك فإن قيمته مقيسة بالأجر تكون منخفضة انخفاضا شديدا. [ ص: 114 ]

        كلمة ختام عن قيمة العمل في الإسلام والعالم الإسلامي

        أولا: تناولت المناقشة في هـذه الفقرة موضوعين رئيسين

        الموضوع الأول

        العمل على اكتشاف قيمة العمل في الإسلام، بحث هـذا الموضوع في المباحث الأربعة الأولى، والنتيجة التي أثبتتها الدراسة هـي:

        وضع الإسلام الأسس لأن تكون قيمة العمل كبيرة ومهمة. والكبر والأهمية يعمل عليهما ما يلي:

        1- التربية على أهمية الوقت وتخطيطه.

        2- دور العمل في تحديد قيمة المنتج.

        3- دور العمل في ملكية مصادر الثروة الطبيعية.

        4- الأجر وكفايته.

        5- آلية تحديد الأجر (دور السوق ) .

        6- طبيعة الحافز الاقتصادي.

        الموضوع الثاني

        التعرف على حالة قيمة العمل في العالم الإسلامي، وبحث هـذا الموضوع في المبحث الخامس. والنتيجة التي كشفت عنها الدراسة هـي التالية:

        قيمة العمل في العالم الإسلامي منخفضة. هـذه النتيجة مقيسة بمساهمة العمل في الناتج القومي. والعناصر التي ناقشتها الدراسة وتعتبر أسبابا لهذه النتيجة هـي التالية: [ ص: 115 ]

        1- الأمية.

        2- حالة التعليم وخاصة انخفاض نسبة المقيدين بالتعليم العالي.

        3- ضعف الاستثمارات ذات الطابع الاجتماعي وهي: الرعاية الصحية، والمياه المأمونة، والصرف الصحي.

        ثانيا: نتائج الدراسة عن قيمة العمل في الإسلام وفي العالم الإسلامي تضعنا أمام مشكلة من مشكلات المسلمين. تتلخص هـذه المشكلة في الآتي: يوفر الإسلام للمسلمين أكفأ منهج لإدارة الحياة، وبالإحالة إلى دراستنا يوفر أكفأ منهج لقيمة العمل، في مقابل ذلك فإن واقع العالم الإسلامي بعيد عن منهج الإسلام، ونحيل في ذلك أيضا إلى واقع العمل في العالم الإسلامي.

        ثالثا:لاشك أن من أسباب الفقر في العالم الإسلامي (حالة عنصر العمل ) . لذلك يكون من وسائل القضاء على هـذا الفقر تطبيق ما جاء به الإسلام بشأن قيمة العمل. ويكون هـذا أحد عناصر المنهج الإسلامي للقضاء على الفقر.

        توصيات

        تتقدم الدراسة ببعض التوصيات التي يمكن أن تتحول إلى سياسات لتطبيق ما جاء به الإسلام بشأن قيمة العمل. قبل تقديم هـذه التوصيات المؤسسة لسياسات أشير إلى أن (قيمة العمل ) تعمل عليها كل النظم الفاعلة في المجتمع، السياسية والإدارية والاقتصادية. وبناء على ذلك فإن [ ص: 116 ] العبارة الآتية صحيحة: قيمة العمل هـي ناتج لثقافة المجتمع. يترتب على ذلك أن التوصيات التي تقترح لتحسين قيمة العمل في العالم الإسلامي ينبغي أن تعمل على كل النظم القائمة في هـذه المجتمعات الإسلامية. وبسبب أن الدراسة ناقشت عناصر معينة داخلة في قيمة العمل الكمية الاقتصادية، لذلك فإن التوصيات التي تقدمها تأخذ في الاعتبار العناصر التي درست.

        التوصيات التي تقترحها الدراسة

        1- غرس قيم الإسلام بشأن الوقت، وهذه مسئولية المجتمع كله، وخاصة المؤسسة التعليمية والمؤسسة الإعلامية، مرئية ومسموعة ومقروءة (يراجع المبحث الأول ) .

        2- وضع سياسيات للأجور مؤسسة على الشريعة الإسلامية، بحيث تربط هـذه السياسات الأجر بالإنتاجية (يراجع المبحث الثاني ) .

        3- وضـع سيـاسات ثقافيـة بمعناها الواسع، واقتصادية، وإدارية، لوضع الحـافـز الاقتصـادي وفـق التصور الإسلامي موضـع التطبـيق (يراجع المبحث الرابع ) .

        4- وضع سيـاسـات للملكيـة تلتـزم بتطبيـق الشريعة الإسلاميـة بشـأن دور العمل في ملكية مصادر الثروة الطبيعية (يراجع المبحثان الثاني والثالث ) .

        5- وضـع سيـاسات اقتصادية للأسعـار تلتـزم بتطبـيق الفكـر الإسلامي [ ص: 117 ] فيما يتعلق بتحديد دور العمل في القيمة، أي قيمة السلع والخدمات (يراجع المبحث الثاني ) .

        6- وضع سياسات للاستثمارات ذات الطابع الاجتماعي التي تعمل على الإعداد البدني للفرد في العالم الإسلامي. ومن المجالات التي تشملها هـذه السياسات: الرعاية الصحية، والمياه المأمونة، والصرف الصحي (يراجع المبحث الخامس ) .

        7- وضع سياسات تعليمية ترتب القضاء على الأمية، وتوسيع قاعدة التعليم الجامعي تؤدي إلى أن تطلق إبداعات عقل الإنسان المسلم في اكتساب المعارف والفنون المعاصرة، وبحيث يهيأ للتعامل مع الثورة التكنولوجية المعاصرة، وبحيث يؤهل للمساهمة في ثورة الاختراعات والاكتشافات العلمية المتلاحقة بسرعات عالية (يراجع المبحث الخامس ) . [ ص: 118 ]



        [ ص: 119 ]



        المصدر:

        1. البنك الدولي، تقرير التنمية في العالم 1996، جدول 1، ص238، جدول 12 ص260، جدول 15، ص 266.

        2. البيانات الخاصة بـ: الإمارات ، أفغانستان 2. البيانات الخاصة بـ: الإمارات ، أفغانستان، البحرين ، بروناي ، جامبيا ، جيبوتي ، السودان ، سوريا ، الصومال ، العراق ، فلسطين ، قطر ، القمر ، لبنان ، موزمبيق ، النيجر ، من المصدر التالي: البنك الإسلامي للتنية، التقريرالسنوي، 1417ه1996/1997م، جدول2،ص332.

        3. الناتج المحلي إلاجمالي لـ: البحرين، جامبيا، قطر، القمر، لبنان، المالديف، موزمبيق، النيجر، اليمن، حسبت من الجدول ص330 من التقرير السنوي لبنك التنية الإسلامي،1996/1997.

        4. لم يظهر الناتج المحلي الإجمالي لـ: أفغانستان، بروناي، جيبوتي،السودان، سوريا، الصومال، العراق، فلسطين، ليبيا.



        [ ص: 120 ]



        - (*) 1980م.

        -الدول التالية غير متوفر عنها بيانات أذربيجان، أفغانستان، أوغندا،بروناي البحرين، فلسطين،

        كازاخستان ، قطر، جزر القمر، كيرغيزيا ، جامبيا ، الجزائر ، جيبوتي ، لبنان، ليبيا، المالديف ، السودان، سوريا، الصومال ، موزمبيق ،العراق. [ ص: 121 ]





        [ ص: 122 ]



        [ ص: 123 ]





        [ ص: 124 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية