الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        معلومات الكتاب

        عالم إسلامي بلا فقر

        الدكتور / رفعت السيد العوضي

        المبحث الثالث: إدارة الاقتصاد بأسلوب التخطيط للقضاء على الفقر

        تختلف النظم الاقتصادية في إدارة الاقتصاد.. في النظام الاشتراكي تدير الدولة الاقتصاد إدارة مباشرة، أما في النظام الرأسمالي فإن السوق هـو الذي يدير الاقتصاد.. وهذا حكم عام على النظامين، ولكن مع ذلك فإنه توجد تفصيلات واسعة عن هـذا الموضوع يمكن التعرف عليها في الأدبيات الاقتصادية.

        وفي الاقتصاد الإسلامي، تتعدد الآراء بشأن التخطيط، وهذا التعدد من أسبابه أنه لم يتم الاتفاق على طبيعة دور الدولة الاقتصادي.

        وهذا البحث، وهو يشير إلى هـذه المسألة من مسائل الاقتصاد الإسلامي، فإنه يرجح الرأي القائل: بأن أسلوب إدارة الاقتصاد الإسلامي فيه نوع من التخطيط. وهذا الترجيح مؤسس على ما يلي:

        - الأصل في الاقتصاد الإسلامي أنه مؤسس على تكليفات شرعية.

        - القواعد الفقهية تمثل ترجيحات لسياسات التخطيط الاقتصادي. [ ص: 59 ]

        - وظائف الدولة الاقتصادية التي شرعها الإسلام أداتها التخطيط الاقتصادي.

        - تطبيقات الاقتصاد الإسلامي التاريخية ظهرت فيها أنواع من التخطيط الاقتصادي.

        والقواعد الفقهية، من الموضوعات التي أعطى الفقهاء لها اهتماما، وجاءت دراساتهم لها على وجه الخصوص في كتب حملت عنوان الأشباه والنظائر. ونعرض هـنا بعض هـذه القواعد [1] التي توظف لخدمة موضوع علاج الفقر.

        القاعدة الأولى: تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة

        هذه القاعدة تلزم المسئول بأن تكون إدارة الاقتصاد مربوطة إلى تحقيق المصلحة، وإذا كان المجتمع يعاني من مشكلة الفقر فإنه يجب أن يدار الاقتصاد بحيث يكون القضاء على الفقر أحد الأهداف التي تتحقق من هـذه الإدارة. وهذا يعني أنه توجد خطة.

        القاعدة الثانية: يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام

        هذه القاعدة تدل على وجود مصلحتين، المصلحة الخاصة والمصلحة العامة، وهي تدل على أنه ليس من الضروري أن تتطابق المصلحتان. وتلزم القاعدة باعتبار المصلحة العامة إذا تعارضت مع المصلحة الخاصة. واعتبار [ ص: 60 ] المصلحة العامة هـي الوعاء الملائم لمواجهة مشكلة الفقر وعلاجها. هـذه القاعدة أيضا تعني وجود خطة، ومن عناصرها علاج الفقر.

        القاعدة الثالثة: الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف

        تشرع هـذه القـاعدة لحالة ما إذا وجـد ضـرران، وأحـد الضـررين أخـف من الآخـر. المقـابلة بين الضررين من حيث الأخـف والأشد مبنية على كل ما يتعلق بها من حيث استخدام الموارد الاقتصادية ومن حيث النتائج، وهكذا. المشروع في هـذه الحالة أن يتحمل الضرر الأخف ويزال الضرر الأشد. إن هـذا يستلزم أيضا وجود خطة، ومن عناصرها القضاء على الفقر.

        ويمكن أن تربط هـذه القاعدة بمواجهة الفقر وعلاجه بالآتي: إذا كان النفـع الذي يحصـل عليه فريـق من النـاس (الأغنيـاء ) أكبر من الضرر الذي يعانـيه فريق آخر (الفـقـراء ) ، فإن إدارة الاقـتصاد تتم بحيـث يعـمل على رفـع الضـرر عن الفقـراء، وبوضع بعض السياسات الاقتصادية التي توجه لهذا الهدف.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية