الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          معلومات الكتاب

          التعليم وإشكالية التنمية

          حسن بن إبراهيم الهنداوي

          تنمية التعليم

          بوصفه سبيلا للخلاص من التراجع الحضاري

          إن تاريخ العلم والتعليم لدى المسلمين خير شاهد على ما بلغته هـذه الحضارة من رقي وازدهار في هـذين المجالين. لكن حاضر المسلمين يبدو وكأنه لا علاقة له بذلك الماضي التليد، إذ كان من المفروض أن النهضة العلمية الحديثة وما حققته من تطور هـائل في مجالات متعددة تكون في حوزة العالم الإسلامي ومن إنتاجه، ولا تكون في حوزة العالـم الغربي ولا من إنتاجه، إذ إنه كان يعيش حياة بعيدة كل البعد عن العلم قبيل نهضته الحديثة. إذن، فمسألة نشوء العلم الحديث وما أحدثه من تطور هـائل في عالم غير العالم الإسلامي-الذي كان مؤهلا من الناحية العلمية أكثر من العالم الغربي، حيث إن حظه من العلم كان أوفر- فهو أمر غريب جعل بعض الكتاب يرومون الإجابة عن هـذه المسألة.

          وهذا أمر دعا «توبي هـاف» لتأليف كتابه «فجر العلم الحديث» لتفسير سبب نشوء العلم الحديث في الغرب دون حضارتي الإسلام والصين، رغم أنهما كانتا في العصر الوسيط أكثر تقدما وتطورا من الناحية العلمية [1] . ولكن صاحب هـذا الكتاب أبدى بغضه المكشوف [ ص: 111 ] وحقده الدفين تجاه الإسلام، إذ جعل من تعاليمه سببا رئيسا في عدم نشوء العلم الحديث في العالم الإسلامي [2] . وهذا أمر يخالفه فيه كل من التزم بالعدل المعرفي [3] مع الموافق والمخالف من علماء الغرب أنفسهم. فنجد مثلا أن «بيرك» في كتابه القيم «عندما يتغير العالم» يعزو التقدم العلمي إلى تعاليم الدين نفسه فيقول: « ... والأهم من هـذا كله أن الدين والثقافة تعايشا معا في تواؤم، فحيثما وجد الإسلام، وجد معه التعطش إلى المعرفة وتطبيقاتها على شتى مناحي الحياة» [4] . وأما في عصرنا الحاضر، فإن العالم الإسلامي يعيش أزمة تعليمية وتراجعا حضاريا، وهو أمر جعلنا نهتم بالحديث عن تنمية التعليم باعتباره سبيلا للخلاص من التراجع الحضاري، وفي المطالب الآتية بيان لذلك. [ ص: 112 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية