الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          خاتمة

          وبعد:

          فهذا ما عن لي من كلام في أمر التعليم وأثره في تنمية العالم الإسلامي؛ وذلك بالـحديث عن العلم والتعليم في التاريخ الإسلامي، من حيث بيان ماهية العلم والتعليم من وجهة نظر إسلامية، فضلا عن بيان مدى اهتمام الإسلام بشأن العلم والتعليم، مع ذكر لمواضع التعليم عند المسلمين.

          كما حاولت الاعتناء بالكلام على التعليم وأثره في تنمية العالم الإسلامي، وذلك ببيان مفهوم التنمية، وخصائص التنمية الإسلامية، فضلا عن بيان كيفية تحقيق تنمية تعليمية في العالم الإسلامي المعاصر.

          وآمل أن تسهم هـذه الدراسة في إثراء البحوث ونموها، كما وكيفا، فيما يتعلق بموضوعي التعليم والتنمية في العالم الإسلامي، وأن توجه الباحثين والدارسين نحو الاهتمام بقضايا التعليم ومشكلاته، إذ التعليم شرط أساس للتنمية وتحقيق نهضة حضارية إسـلامية من جديد، بل إن ذلك كله لا يتم إلا إذا كانت الانطلاقة من إصلاح التعليم وتطويره وتنميته.

          والحاصل أن التعليم يعد من المسـائل المهمة التي يـنبغي أن يعتني بها المسلمون ويعطونها الأولوية من حيث الاهتمام بها وتركيز الجهود [ ص: 164 ] عليها، وذلك لما لها من أثر حيوي وفعال في تنمية العالم الإسلامي، وتحقيق شهوده الحضاري من جديد.

          وقد يحق لي بعد الفراغ من هـذه الدراسة أن أقول: إنني قد قمت بواجبي وبذلت ما في وسعي، ولكن لـيعلم أن الكتابات مهما كثرت في هـذا الموضوع وتنوعت، فإن إصلاح التعليم وتنميته سيبقى رهنا قبل كل شيء وبعد كل شيء بالسلطات التنفيذية في العالم الإسلامي التي لها حق التنفيذ والإلزام.

          ولذا، فإن للمؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي شأنا كبيرا وأثرا قويا في إصلاح التعليم وتنميته، لتحقيق شهود حضاري من جديد، ونهضة علمية مستأنفة. ومن ثم، فلا شك أن أول خطوة نحو إصلاح التعليم في العالم الإسلامي وإحداث تنمية علمية شاملة تحقق الشهود الحضاري للأمة الإسلامية، لابد أن تنطلق من السلط السياسية بحيث تقوم برعاية المشـاريع الإصلاحية والسهر على تنفيذها وحسن تعهدها، وذلك لما لها من سلطة على الشعوب ونفوذ في المجتمعات تخولها القيام بهذا الأمر الجلل.

          وأما إذا أهملت السلط السياسية رعاية التعليم ولم تعن بتنفيذ مشاريعه الإصلاحية، فلا يمكن حينها أن يتم للتعليم نهوض، ولا للعلوم تنمية، لأنه مهما قيل وكتب عن أوجه الإصلاح والتنمية التعليمية [ ص: 165 ] والنهوض العلمي يبقى رهين الأوراق، حبـيس الكتب، لا قيمة له إذا لم تعره السلط السياسية اهتماما، ولم يتبعه تنفيذ وعمل، حيث إن القول لا يثمر إلا بالعمل، وفي هـذا الأمر يكمن نجاح التنمية التعليمية والنهوض الحضاري أو فشلهما.

          وبما أن للسلط السياسية أهمية وخطورة على التعليم في العالم الإسلامي، فإن هـذا الأمـر يتعدى أيضـا إلى المؤسـسات العلمية التي لها سياسة التعليم وتدبير شئونه نيابة عن الدولة أو السلطة السياسية.

          وصفوة القول: إنه يجب الاعتناء بأمر التعليم، وإعطائه الأولوية في الاهتمام بالنسبة لحاضر العالم الإسلامي؛ لأنه مدخل أساس لتحقيق تنمية حضارية شاملة، والتخلص من حال التراجع الحضاري الذي أرخى سدوله على الأمة الإسلامية منذ أمد بعيد، ناهيك عن أن عملية تنمية العالم الإسـلامي وما يبذل في سـبيل ذلك من جهود، لن تجدي نفعا إذا لم تعن بأمر التعليم وتنميته قبل غيره من مجالات التنمية الأخرى، ذلك أن التنمية عملية حضارية تشمل مختلف أوجه النشاط في المجتمع بما يحقق رفاهية الإنسان وكرامته، فضلا عن كونها بناء للإنسان، وتحريرا له، وتطويرا لكفاءاته، وإطلاقا لقدراته، كما أنها اكتشاف لموارد المجتمع وتنميتها وحسن الاستفادة منها، بحيث تعود بالنفع على المجتمعات الإنسانية، دون المساس بسعادتها وأمنها، وذلك كله مفتقر إلى العلم ومحتاج إلى التعليم، في البدء والختام. [ ص: 166 ]

          التالي السابق


          الخدمات العلمية