الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            التقنيات الحديثة (فوائد وأضرار) (دراسة للتأثيرات السلبية على صحة الفرد)

            الأستاذ الدكتور / شعاع اليوسف

            الفصل الرابع

            دور التقنيات الحديثة في تفشي الفساد الأسري

            في العصر الحالي تعددت وتنوعت الدراسات المهتمة بتحليل ظاهرة وأسباب الفساد الأسري، وقد أشارت تلك الدراسات إلى كثير من التسهيلات التي قدمتها التقنيات الحديثة وساهمت بها في نشر الفساد. ويمكن تلخيص الأسباب الكامنة وراء الفساد بصورة عامة في النقاط التالية:

            - أزمة الطاقة المعروفة عالميا، مما أدى إلى تشوش الاقتصاد العالمي وإلى التخطي الاقتصادي للحدود القومية، مما سبب قلاقل الاقتصاديات الوطنية، وقد أدى ذلك إلى تفاقم مشاكل الديون والفقر والبطالة وانعكاس ذلك كله على الموازنة الاقتصادية للأسرة.

            - تفسخ الثقافة الصناعية، ومشاكل المخلفات الصلبة وتناقص الموارد الطبيعية، مما أدى إلى انتشار التلوث البيئي ثم إلى تفاقم الأضرار النفسية والجسدية للأسرة.

            - الأمراض الإعلامية، مثل إلغاء الخصوصية وصياغة الأحداث الكاذبة بصورة مقنعة وغير ذلك من الأساليب الملتوية التي جعلت الشك هـو السائد في ما بين الأفراد. وقد ساهم غياب المؤسسات الخيرية الرسمية والأهلية [ ص: 125 ] والاجتماعية عن الاتحاد في مواجهة هـذا الفساد الفكري والاجتماعي، ساهم في ظهور الطبقية والظلم الاجتماعي وترسخ جذور التعصب والعنصرية، وتشهد على ذلك أحداث فرنسا وألمانيا في نوفمبر 2005م.

            - تداخل الثقافات واختلاط القيم الأخلاقية، حيث تيسرت سبل تطبيع الفساد الأخلاقي، الذي ساعدت عليه بعض النظم السياسية والاقتصادية ! هـكذا ساءت السلوكيات العامة واختفت بعض القيم والمبادئ العليا حتى بين أفراد الأسرة الواحدة.

            - أزمة الأمن المعروفة عالميا، بالإضافة إلى انتشار الأسلحة النووية وتفشي الإرهاب وتسهيل وسائله من خلال الحواسيب والإنترنت ؛ كل ذلك أدى إلى قصور التوقعات في مكافحة الجرائم الفردية والجماعية.

            - تفشي تقنيات العولمة «الأخلاقية»، عن طريق الفضائيات والإنترنت وانتشار الجنس المثلي واستخدام المخدرات وظهور الأمراض المترتبة عليها كالإيدز وخلافه؛ كذلك تفشي تقنيات التدخين والخمور والمسكرات، وقد ساهمت التقنيات في خفض سعرها وسرعة تداولها.

            - فشل الأفراد في الحد من استخدام الأجهزة المنـزلية الضارة، كالحاسوب والتلفاز والميكروويف والخلاط الكهربائي وخلافه؛ كذلك فشل العلماء في تقنين استخدام المنتجات المعدلة وراثيا بالرغم من معرفة آثارها السلبية على الصحة العقلية والجسدية. [ ص: 126 ]

            - انشغال الأب والأم في العمل خارج المنـزل، ربما لفترات طويلة، اعتمادا على بدائل من التقنيات الحديثة، مما أثر على التماسك الأسري وعلى أخلاقيات النشء، كما اشتدت سطوة التقنيات الإعلامية وسيطرتها على جميع أفراد الأسرة.

            لا شك في أن النقاط المـذكورة ذات مواضـيع كثيفة ومتداخلة ونكتفـي في هـذا الفصـل بالتركيز على النقـاط الثلاث الأخيرة منها، نظرا لصـلتها الوثيقـة بموضـوع الكتاب؛ وللمزيد من التفـاصيل في تلك المواضيع يمـكن الرجوع للكتب التالية: أزمة الحضارة للمفكر «جوزيف كاميليري» [1] وكتاب: خرافة الحضارة الأوروبية للمفكر عطية عامر [2] وكتاب: النظرية الاجتماعية «لأيان كريب» [3] وكتاب: الصراعات للمفكر «إدوارد دي بونو» [4] ثم كتاب: نقد العقل المتخلف للمفكر يوسف عوض [5] . [ ص: 127 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية