الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            - الأسبستوس يقود إلى الموت

            الأسبستوس يقود إلى الموت.. وأنابيب مياه الشرب المصنوعة من الأسبستوس تحمل لنا السرطان مع كل قطرة ماء.. هـذا ما انتهت إليه كثير من الدراسات العلمية.

            منذ الثورة الصناعية أصبحت أمراض العمل تمثل فرعا مهما من فروع طب الباثالوجي . وبينما كان الناس قبل نحو مائتي عام يموتون بسبب البطالة التي تؤدي للجوع والمرض، صار الناس يموتون الآن من الإصابات بمختلف أمراض العمل وبالذات تلك المرتبطة بالتقنيات. تقدر جمعية أطباء أمراض العمل الألمانية (سنة 2000م) وفاة نحو ثلاثة آلاف شخص في ألمانيا نتيجة [ ص: 86 ] لمعاناتهم من أمراض العمل سنويا، إلا أن الأسبستوس يتفوق عليهم جميعا من ناحية التسبب بالموت، كما أن الكلفة التي تتطلبها علاجات لأمراض يسببها الأسبستوس تتفوق بكثير على كلفة العلاج لأمراض أخر، وأفضل مثال لذلك ما كلف الدولة الألمانية عام 2001م (350 مليون يورو) في علاج أمراض الأسبستوس.

            يعتبر الأسبستوس مادة شديدة الخطورة على صحة الإنسان؛ لأنها واسعة الانتشار، حيث تدخل في أكثر من خمسة آلاف صناعة منها فرامل السيارات والقطارات والطائرات والسفن؛ كذلك تدخل في عزل سخانات المياه وأنابيب البخار وأنابيب المياه الساخنة والمفاعلات النووية، وكذلك في ألواح الإسمنت والبلاستيك. كذلك تدخل في شبكات المياه والمجاري والكهرباء والمواد العازلة للحرارة والواقية من الحرائق وكثير من المستوعبات الخاصة بالكيماويات وغيرها. وما يزال الأسبستوس السبب الأول لهذه الوفيات رغم مرور نحو عشر سنوات على منعه من الاستخدام في الصناعة والبناء.

            وتشكل وفيات الأسبستوس، وخصوصا الرئوية، نحو نصف حالات الموت الناتج من العمل سنويا. وبالرغم من أن الأسبستوس مادة سامة قادمة من الماضي إلا أن استخدامها بشكل مركز في البناء والصناعة قد تم في السبعينيات، في حين أن أمراضه بدأت بالظهور في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، وحينها بدأ الكب بمراقبة تأثيرات الأسبستوس الصحية على العمال، إلا أن قرارات منعه من الاستخدام لم تصدر إلا في التسعينيات، وفي عام 1993م بالذات. [ ص: 87 ] من ناحية أخرى يعتبر الأسبستوس مادة قاتلة في المستقبل؛ لأن أعراضه لا تظهر إلا بعـد مرور نحو خمس عشرة سنة من التعرض له، مع آفاق موت أكيد بعد نحو ثلاثين سنة، أي في المستقبل البعيد. وقد أودى الأسبستوس على هـذا الأساس حتى الآن بحياة عشرين ألف إنسان في ألمانيا منذ الثمانينيات!

            إن مرض الأسبستوس الناتج من استنشاق الأسبستوس هـو مرض مزمن يصيب الرئة ويؤدي لضيق التنفس والتليف الدائم لأنسجتها مما قد يسبب السرطان. كذلك يسبب استنشاق الأسبستوس مرض «الميزوثيليوما» وهو نوع من السرطان يصيب الغشاء المبطن للرئتين وتجويف البطن وقد يصيب الحنجرة والمعدة والقولون والمستقيم والمريء [1] .

            كما تتسرب المواد العضوية من الأسبستوس إلى الجهاز التنفسي للإنسان لتستقر فيه وتسبب الإصابة بنوع من الأورام السرطـانية. تظهر الأعراض الأولى بعد خمس سنوات، لكن السرطان لا يظهر إلا بعد 20 سنة حينما يكون الإنسان قد تعدى مرحلة الشباب. ويؤكد الخبراء بأن توفـير طرق الوقاية من الأسبستوس كتوفير الأقنـعة كان كفيلا بوقف هـذه الموجـة من الموت إلا أن الأوان قد فات الآن [2] . [ ص: 88 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية