الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            التقنيات الحديثة (فوائد وأضرار) (دراسة للتأثيرات السلبية على صحة الفرد)

            الأستاذ الدكتور / شعاع اليوسف

            - الحواسيب وشبكات الإنترنت.. نعمة أم نقمة؟

            لقد قفز الذكاء الاصطناعي قفزة عظيمة عندما قام الخبراء بتجهيز نوع من الحواسيب له القدرة على التفكير، ترى ماذا سوف يكون تأثير ظهور كيان غير بشري يتمتع بذكاء يسـاوي أو ربما يفوق الذكاء البشري بآلاف المرات؟ لا يمكن تصور النتائج التي سوف تظهر جراء ذلك، إلا أن التأثيرات الواردة على العلوم والاقتصاد وصناعة الحروب ستكون دون أدنى شك هـائلة جدا! وتوجد حاليا حواسيب تستطيع برمجة ذاتها، بمعنى تحويل كل ما يقدم إليها بلغة اعتيادية إلى تعليمات ثنائية تعالج الحقائق والأفكار وتقوم بالاستدلال والاستنتاج ثم الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليها! فهل تصبح الموهبة الخلاقة ملكا للآلات دون البشر؟ إن قشرة المخ التي تعتبر مركز الذكاء لدى الإنسان عبارة عن شبكة متداخلة من الخلايا العصبية التي تحتوي على دوائر تغذية مرتدة لضبط الأداء مثل الدوائر الإلكترونية [1] .

            وفي يونيو من عام 2000م صمم علماء من معهد ماساتشوسيتس للتقنية ومعامل «بل» في نيو جيرسي ومعهد أبحاث الأعصاب في زوريخ دائرة إلكترونية تعمل بصورة مشابهة للنظام العصبي للمخ البشري. وتتألف الدائرة من خلايا عصبية صناعية تتواصل وتتلاقى من خلال تداخلات في إطار نظام يمكن أن يؤدي إلى تطوير أجهزة الحاسب التي تستطيع أداء مهام [ ص: 67 ] ذهنية مثل الإدراك البصري، بل يمكنها محاكاة عمـليات العقل البشري، وربما تستخدم يوما ما في صناعة أجهزة حاسوب تتعامل مع المعلومات مثل البشر. إذن ماذا يبقى من دور للإنسان؟ من هـنا لا بد من تعديل النظرة الخاصة بدور الثورة العلمية، فهي ليست ثورة الحواسيب والأقمار الصناعية ، بل هـي ثورة الإنسان الباحث المخترع والمبدع الذي يجب أن يتمسك بدوره الريادي في إسعاد البشرية.

            لقد بلغ الاعتماد على الحاسوب وفي وقت قصير جدا مبلغا يحول دون الاستغناء عنه في مجالات حساسة تدخل في صميم مصالح البشر. انظر مثلا كم من المرافق الحيوية التي تعتمد على الحاسوب اعتمادا كاملا، البنوك والمصارف وشركات التأمين والطيران وكل سبل الاتصال والمواصلات بشكل عام.. إلا أن هـذا الاعتماد المتعاظم يؤدي، من وجه آخر، إلى كثير من البطء في حركة وسرعة الشبكة، وفي ذات الوقت لاتوجد الخبرة الكافية لدرء ما ينجم عنها من كوارث بالسرعة المطلوبة، وها قد أصبحت هـذه مشكلة عالمية. وفي وقت قريب قد يلغي البريد الإلكتروني البريد العادي، كذلك قد يختفي الفاكس والهاتف والقلم والورق، بل قد يختفي الكتاب أيضا نظرا لأن عدد المشتركين في شبكة الإنترنت يزداد يوما بعد يوم، هـذا بالإضافة إلى مقاهي الإنترنت التي تزدحم بالرواد من كل حدب وصوب. إن التقدم الذي حققه الإنترنت والوسائط الاتصالية جعل لنا القدرة على التفتيش عن أصغر الجزيئات وأضخمها في نفس الوقت، وقد أصابنا ذلك بتحديات غير مسبوقة باتت تهدد كل المجتمعات دون استثناء. [ ص: 68 ] إن هـذا كله مفرح ولكنه خطير جدا، والخطر الماثل في هـذا الصدد يتجلى فيما يظهر من خلل في الحواسيب نتيجة قصر النظر في تصميم الجهاز من البداية، مما قد يسبب تعطل المصالح في أعداد مهمة من المرافق الحيوية في العالم (!) هـكذا أنتجت الحضارة أجهزة التجدد الدائم التي تكفل تقدمنا وتسبب دمارنا في نفس الوقت [2] .

            وفي مايو 1999م تجمع أكثر من عشرة آلاف من أصحاب الشركات المصنعة للحواسيب والخبراء والزائرين في أكبر مؤتمر من نوعه في العالم في مدينة شيكاغو الأمريكية بهدف مناقشة سبل تأمين الشبكات الإلكترونية، وذلك باستغلال استخدامات البطاقات الذكية القادرة على التعرف على الناس وتمييز الأفراد بقراءة البصمات وتمييز ملامح الوجه والتعرف على نبرات الصوت، فقد يؤهلها كل ذلك لتأمين الشبكات الإلكترونية، بالذات شبكات الإنترنت ، على أمل أن يساعد ذلك في مواجهة تلك الأخطار المحدقة بمستقبلها [3] .

            وفي قسم البحوث في شركة «بيل جتس» يوجد حوالي خمسمائة عالم نفس وعالم رياضيات، يجرون بحوثا ستغير علاقة الناس بالحاسوب، إذ بدلا من توفير خدمات أساسية عند الطلب ستستطيع الأجهزة أن تتخذ قرارات ذكية حول حاجات المستخدمين ليكونوا أكثر إنتاجية. وإحدى خطط [ ص: 69 ] السنوات العشر المقبلة في بحوث تطوير البرامج هـي أن إنتاج أجهزة مثل الهواتف النقالة والمساعدات الشخصية الرقمية والحواسيب الموصولة بعضها ببعض تعتمد على شتى أشكال الذكاء الاصطناعي والإدراك الحسي . وفي هـذا الوضع قد يتم تحليل رسالة يستلمها مستخدم ما لتقدير أهميتها وفقا لعوامل مثل المرسل وموضوعها ومعرفة الجهاز ببرنامج المستخدم، وبناء على هـذا يقرر الجهاز إن كانت الرسالة ذات أهمية ليحولها لهاتف المستخدم النقال.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية