الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            معلومات الكتاب

            التقنيات الحديثة (فوائد وأضرار) (دراسة للتأثيرات السلبية على صحة الفرد)

            الأستاذ الدكتور / شعاع اليوسف

            معاناة البشر من أضرار الأدوية، وعواقب العمليات الجراحية وبعض التقنيات الطبية؟

            بالرغم من معاناة البشرية من الأعراض الجانبية لكثير من الأدوية وبعض المنجزات الطبية إلا أن حملات التوعية في ذلك قليلة بل نادرة! والسبب هـو سيطرة شركات الأدوية والمؤسسات الطبية على وسائل الإعلام، بل وقدرة رجال الأعمال على تهديد كل من يتعرض لمصالحهم إلى جانب تعزيزهم للدعاية المغرية للمنتجات الطبية وبصورة إيجابية [1] . هـذا إلى جانب الثقة العمياء التي يوليها الناس للطب والأطباء. وليس أكبر دلالة على ذلك توسعة المنشآت الطبية في كل دول العالم دون الحد من أضرارها، بل وجعلها مناطق للسياحة والتسوق! [ ص: 181 ] وكثيرا ما تصدم البشرية بفداحة الأضرار الناجمة عن العمليات الجراحية أو تناول المستحضرات الطبية المصنعة والتي لها آثار جانبية سلبية؛ نورد هـنا بعض الأمثلة على سبيل الدلالة لا الحصر:

            1- عقار مسكن يؤدي لأمراض جلدية نادرة

            صدرت تحذيرات صحية أميركية من أخطار عقار مسكن يؤدي لأمراض جلدية نادرة.. فقد دعت وكالة الغذاء والدواء الأميركية «FDA» الأشخاص الذين يتعرضون لطفح جلدي لعدم استخدام عقار مسكن للألم جديد اسمه «باكستر، Baxter»، أو التوقف عن تعاطيه، بعد أن أدى تناول العقار إلى ظهور أمراض جلدية نادرة قد تؤدي للوفاة. وقد تلقت الوكالة ثلاثين تقريرا حول الآثار الجانبية الخطيرة من جراء تناول العقار المسكن منها الحساسية والتقرحات بالإضافة إلى أنواع أخرى من الأمراض الجلدية النادرة، وذلك منذ بدء تداوله في مارس2001م. ويستخدم العقار لتسكين آلام المصابين بأوجاع العظام والروماتيزم وآلام المفاصل وآلام الطمث لدى النساء. ويقدر عدد الذين تناولوا العقار ما بين ألف إلى مليون شخص! كذلك تم سحب دواء «باكسيل» المستخدم في معالجة الاكتئاب من السوق في 15/4/2005م؛ لأنه قد يزيد من الميول الانتحارية. وفي دراسة جديدة أجرتها مجموعة التأمين الطبي الرئيسية في الولايات المتحدة «ويل بوينت»، ثبت أن استخدام عقاقير « ايوكس» و «بكسترا» و «سيليبريكس» المضادة للالتهابات، تزيد من احتمال الإصابة بمشاكل في القلب. [ ص: 182 ]

            2- مخاطر تشطيب القرنية بالليزر

            من المفاجآت غير السارة، التي يفجرها العلماء في كل يوم، ما تم اكتشافه حديثا من وجود مخاطر عند تشطيب القرنية بالليزر لتعديل قوة البصر.. فقد جاء في تقرير للبروفيسور «جون مارشال» أستاذ طب العيون في كلية «سانت توماس» بلندن -وهو أكبر خبير بريطاني في مجال تشطيب القرنية بالليزر لتعديل قوة البصر- من أن تلك العملية لا تخلو من مخاطر؛ لأنها قد تؤدي إلى تآكل القرنية «CORNEA EROSION» بل وقد تؤدي إلى نتوئها وخروجها عن موقعها، وإن بعض من خضعوا لتلك الجراحة احتاجوا لاحقا لعمليات نقل وزرع القرنية. العملية الليزرية انتشرت بسرعة وعلى نطاق واسع؛ لأن أسعارها مغرية ومقنعة ولأنها بلا ألم، وتكلفتها معقولة، ونتائجها فورية. ولكن محاذيرها تكمن في أنها تستوجب قطع الألياف التي تسهم في تماسك القرنية، ولا يمكن أن تعاود الألياف المقطوعة النمو، كما أنها تستوجب كحت وكشط نحو ثلث سمك القرنية، ويتساءل الطبيب «مارشال»: إذا قطعت ثلث الأسلاك نصف القطرية في إطار سيارتك ووضعت مكانها محلولا مطاطيا فهل ستقود سيارتك بعد ذلك ببال مستريح؟

            3- الإيدز يصيب المرضى على يد جراحيهم

            في سابقة خطيرة من نوعها تم تحذير 900 شخص سبق لهم تلقي علاج بعيادة خاصة بالقرب من باريس ، وفرض عليهم إجراء فحوص الإيدز (نقص المناعة المكتسب) بعد أن تبين بأن رجلا مسنا حمل فيروس «اتش.آي.في» المسبب للإيدز، وذلك بعد أن عالجه عضو بفريق طبي [ ص: 183 ] مصاب بنفس الفيروس. وأكدت عيادة «جاك كارتييه» بضواحي جنوب باريس بأن الفيروس قد ينتشر بصورة سريعة إذا لم تتم السيطرة عليه من خلال المراجعين لتلك العيادة.

            4- الأدوية المضادة للالتهابات تفقد صلاحية العلاج ضد الالتهابات البكتيرية!

            لا يمر عام دون أن يحكم الطب على عدد من الأدوية المضادة للالتهابات بعدم الصلاحية للعلاج ضد الالتهابات البكتيرية، وذلك بسبب المقاومة التي تطورها البكتريا للأدوية؛ وهي من أخطر المشاكل التي تواجه الطب في صراعه ضد الجراثيم. ويمكن لهذه المقاومة أن تضر بالعلاج، وأن تتسبب بموت الآلاف في العالم الثالث. كما أن الأبحاث العلمية المنشورة تثبت أن (80) من أنواع البكتيريا العنقودية في اليابان قد تطورت إلى بكتيريا تتمتع بمقاومة متعددة للمضادات الحيوية. وترتفع هـذه النسبة بين «الستافيلو كوكوس» في ألمانيا إلى 15%، وإلى 50% في الولايات المتحدة . هـذا مع ملاحظة أن هـذه النسبة ترتفع باطراد بين مختلف أنواع البكتيريا في معظم بلدان العالم الصناعية. ويبدو أن الجين الإضافي في البكتيريا ينقل المعلومات حول جدران أو أغشية البكتيريا إلى بروتين خاص يعمل على تغيير موقعه وبناء «بنية بروتينية» جديدة! مما يجرد الأدوية من سلاحها؛ ويعتمد خبراء الأدوية على اكتشاف هـذه «البنية البروتينية» الجديدة، وذلك لتطوير أدوية تهاجم آلية تكونها، وبالتالي تمنع تطور آلية مقاومة البكتيريا. [ ص: 184 ]

            5- ارتفاع خطير في معدل المقاومة للمضادات الحيوية

            بينت دراسة حكومية، في مركز المعالجة والوقاية من الأمراض (CDC) ، أن بعض أنواع البكتيريا المميتة المسببة لذوات الرئة وتجرثم الدم وأمراض أخرى مقاومة بشكل خطير للمضادات الحيوية. ولقد حذر الخبراء منذ عقد من الزمن بأن الاستخدام العشوائي للمضادات يساعد الجراثيم على اكتساب مقاومة ضدها، حيث تكون هـذه المقاومة في البدء للبنسلين لتشمل في ما بعد المضادات الأحدث، مما يزيد من مخاوف ارتفاع معدل الوفيات الناجمة عن الالتهابات. إن الاستخدام الزائد والعشوائي للمضادات ليس فقط من قبل الأطباء بل من قبل المزارعين والبيطريين أيضا؛ قد خلق سلالات جديدة من الجراثيم التي لا يمكن لأي من المضادات، التي يفوق عددها المائة، أن تستأصلها ولا حتى بواسطة «الفانكوميسين Vancomycin» والذي يعتبر السلاح الأخير ضد التهابات المكورات العقدية عندما تفشل كل الوسائل السابقة. ولكن كيف تحدث هـذه المقاومة؟

            إن جوهر هـذه المقاومة هـو الحقيقة القائلة: بأن البقاء للأفضل. فإذا تمكن مضاد حيوي من القضاء على 99% من الجراثيم المسببة لمرض ما، فإن النسبة المتبقية من الجراثيم سوف تنتج سـلالات جديدة من الجراثيـم التي لا تتأثر بذلك المضاد المستخدم. والأسوأ من ذلك هـو أن هـذه الجراثيم قد تتمكن من نقل هـذه المقاومة إلى أنواع جرثومية أخرى.. ويقول الدكتور «ويتني» الذي نشر هـذا البحث في مجلة «نيو إنجلاند»: إن ظهور المقاومة [ ص: 185 ] للمضادات يجب أن يثير اهتماما كبيرا ويحثنا على العمل بشكل مسئول، فعمر المضادات بالكاد يبلغ الستين عاما، ومع ذلك فإن الاستخدام العشوائي لهذه العقاقير يهدد قدرتنا على قهر التهاب السحايا والانتانات الأذنية وذوات الرئة عند الأطفال.

            وبالرغم من ذلك مايزال العمل قائما على قدم وساق في إنتاج أصناف عجيبة من اللقاحات، بل وتتبارى الدول في التفاخر بذلك، وعلى سبيل المثال وفي مايو من عام 2002م، أفادت شركة «كروسيل» الهولندية التي تعمل في مجال إنتاج الأجسام المضادة بأنها ستطور لقاحا ضد فيروس «الايبولا» القاتل بالتعاون مع وكالة أبحاث أميركية. وقد أشارت إلى أن لها خيار الاحتفاظ بحقوق التوزيع المطلقة للمصل بمجرد أن يصبح جاهزا. ويسبب الفيروس حمى «الايبولا» النـزفية وهي من أخطر الأمراض التي عرفها الإنسان. وقد ظهر المرض في أفريقيا في السنوات الأخيرة متسببا في وفاة المئات، ولا يوجد حاليا مصل للحيلولة دون الإصابة بالمرض أو لعلاج المصابين بالفيروس. وقد أبرمت الشركة اتفاقا مع مركز البحوث التابع للمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية لتطوير اللقاح. والمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية تابع للمعهد الوطني للصحة، وهو أكبر مركز بحوث طبية في الولايات المتحدة . ويستهدف لقاح «الايبولا» تطعيم المسافرين والمسئولين الحكوميين والجنود والمقيمين في المناطق التي تعاني من وباء «الايبولا» في إفريقيا، علاوة على ذلك قد يوفر اللقاح حماية من الفيروس القاتل في حالات الحرب البيولوجية . [ ص: 186 ]

            6- جراثيم خطيرة في عمليات التنظير الباطني

            صدرت عن معهد الطب البيئي وتعقيم المستشفيات من جامعة «فرايبورغ» الطبية في ألمانيا نتائج دراسة جديدة حول تعقيم أجهزة التنظير الباطني «Endoscopy» في ألمانيا وأطلق عليها لقب «الفضيحة»! وذكر التقرير أن من حق كل مريض أن يخضع لعمليات تنظير دون مخاطر التهابية! وأن الخلل في تعقيم الأجهزة في ثلثي الحالات هـي فضيحة لا يمكن السكوت عنها في بلد متقدم مثل ألمانيا. وكان «مشروع الصحة الوقائية في التنظير الباطني» قد كشف نتائج دراسة أجراها على أجهزة التنظير الباطني في 575 مستشفى وعيادة، وتوصل إلى أن ثلثي العمليات في ألمانيا تجرى بأجهزة تفتقد الشروط الصحية. شملت الدراسة أخذ عينات من أجهزة التنظير (المسبار) من عيادات الطب الباطني والجراحة والمسالك البولية والطب الداخلي من مختلف بقاع ألمانيا، ووافق كل الأطباء ورؤساء المستشفيات على المساهمة فيها طوعا. وقد تبين من خلال تحليل الأجهزة أن 34% منها فقط كانت معقمة تماما وتخلو من وجود البكتيريا في حين أن البقية تفتقد بشكل متباين الشروط الصحية.

            وذكرت الدراسة أن المختصين عثروا في 8% من الحالات على البكتيريا المعدية والجراثيم المختلفة، بل وحتى بعض بقايا الغائط كانت في الأنابيب والأجهزة التابعة لها! كما فشلت 21% من العيادات والمستشفيات في عملية تنظيف وتجفيف الأجهزة بعد استخدامها، وتسببت هـذه الحال في نقل العدوى [ ص: 187 ] بالبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية عند بعض المرضى. وتسببت الجراثيم الملازمة للرطوبة في تلويث الأجهزة من جديد في 49% من الحالات بسبب فشل أو عدم اهتمام العيادات بتجفيف الأجهزة بشكل جيد.

            إن أخطر ما في الأمر هـو أن هـذه الدراسة ليست الأولى؛ لأنه سبق لمبادرة «الوقاية» أن أجرت دراسة مماثلة قبل ثلاث سنوات، وتوصلت إلى ذات النتائج «المرعبة». وكانت تلك الدراسة قد شملت خمسا وعشرين عيادة وثلاثين مستشفى في ولاية «بافاريا» فقط! وكشفت بدورها أن 65% من أجهزة التنظير الباطني لم تكن معقمة بشكل كاف. ويؤكد المعهد بأن نقل العدوى بواسطة مسبار التنظير الباطني قد تسبب بعدة حالات موت خلال نفس الفترة.

            - مستحضرات لم تكتشف أضرارها بعد

            وهناك كثير جدا من المستحضرات الطبية المصنعة لم تكتشف آثارها السلبية وأضرارها كلها بعد.. من ذلك مثلا:

            1- دواء جديد للأنفلونزا

            في كل يوم يظهر دواء جديد قد يكون أشد خطورة من سابقه، وقد كان يوم 1/1/ 2003م هـو الموعد الذي أعلنته شركة «لاروش» لإنزال عقارها الجديد «تاميفلو Tamiflu» لمعالجة الأنفلونزا إلى السوق. وأفاد البروفيسور «بيتر فوتسلر» ، رئيس معهد العلاج الكيماوي للفيروسات في جامعة «ينا» بأن الدواء الوقائي الذي يحتوي مادة «أوسيلتاميفير Oseltamivir» يقلل من [ ص: 188 ] أعراض الأنفلونزا بنسبة 40% كما يقلص مضاعفاتها بنسبة 55%. واعتمد «فوتسلر» في تقييمه لفعالية الدواء على عدة دراسـات علمية أجريت في المعهد كشفت عن قوة الدواء العـلاجية والوقائية. وسوف يكون بوسع المواطـنين الحصـول على الـدواء من الصـيدليات، في شـكل حبـوب أو مسحـوق، دون الحاجة إلى وصفـة الطبيب. وتعتمد حبوب «تاميفلو» على ميكانزم جديد لمقارعة الفيروسات باستخدام مادة كابحة لنشاط إنزيم «نيورامينيديز Neuraminidase». وتعمل كوابح «نيورامينيديز» عادة على وقف تكاثر الفيروسات في جسم الإنسان؛ لأنها تعرقل عمل هـذا الإنزيم المسئول عن توالد الفيروسات الجيدة من خلايا الجسم المتضررة؛ علما بأن «نيورامينيديز» تعمل ضد فيروسات A وB المسببة للأنفلونزا.

            2- ملابس مشبعة بالعقاقير يمكنها علاج بعض الأمراض!

            في المستقبل القريب من المتوقع أن يزداد الطلب على هـندسة الأنسجة، وقد نجح الباحثون سلفا في طرح جلود بشرية اصطناعية كما نجحوا في إنبات مثانات وأمعاء في تجاويف بطون الحيوانات، وهناك محاولات جادة لبناء أنسجة الكبد والقلب والكلى والبنكرياس. وسيشهد عالم الغد ظهور مهنة تجمع بين الصيدلة والزراعة ويسمى من يمتهنها «pharmer» وتكون مهمته هـي محاولة إنتاج محاصيل وحيوانات تحتوي على بروتينيات علاجية، كما يقوم باستنساخ ماشية حليبها ولحمها يحوي أمصالا للوقاية من الأمراض المختلفة، وقد ظهرت بعض البوادر في ذلك المجال. [ ص: 189 ] وفي مركز «هوينشتاين» الألماني للأبحاث الطبية بدأت دراسة لإنتاج ملابس مشبعة بالعقاقير يمكنها علاج أمراض والمساعدة على الشفاء منها، حيث يعكف الباحثون على تطوير كبسولات متناهية الصغر لعلاج الأمراض الجلدية مثل «الأكزيما» بمواد يشبع بها نسيج الملابس. وتبدأ المادة عملها تلقائيا بمجرد ملامسة جلد المريض، إنها خطوة إلى الأمام مستوحاة من أفكار سابقة مثل القلنسوة المضادة لقشرة (الشعر) التي توفر نوعا من الارتياح لكنها لا تعالج المرض فعليا. الملابس الذكية ربما تجعل الحياة أيسر لكنها قد تعقد المرض أكثر! وتشمل بعض منتجات المستقبل قمصانا لمقاومة الصداع، وجوارب لمكافحة فطريات القدم، وأخرى مشبعة بالفيتامينات، وملابس داخلية للذين يعانون من التهابات جلدية!

            3- جهاز دوائي إلكتروني ينظم حياة الإنسان اليومية

            لقد ازداد اهتمام العلماء بالأجهزة المجهرية في الفترة الأخيرة، وبالذات تلك المتعلقة بالأدوية. وقد طور العلماء البريطانيون في عام 2001م كبسولة دوائية صغيرة تحتوي على مختبر مجهري، وعلى كاميرا مجهرية يمكن التحكم بها من الخارج لبث المعلومات بشكل بصري. وفي مايو من عام 2002م طور العلماء الأميركيون نوعا جديدا من الأجهزة المجهرية دعيت بالكبسولة الفضائية، وهي مصممة بالأساس من أجل تنظيم حياة رواد الفضاء. فهي تزرع تحت الجلد لتبرمج بشكل خاص يسمح للكبسولة بإطلاق الأدوية بمواعيد محددة من اليوم، ولا يمكن الحكم على خطورتها إلا [ ص: 190 ] بعد إجراء التجارب العملية، خاصة أنها تحتوي على بطارية طويلة الأمد، وعلى رقيقة إلكترونية تتحكم بإطلاق الأدوية، ثم خزان للأدوية يتصل بدوره مع سطح الكبسولة بثقوب مجهرية، وهذه الثقوب تحيط بها عضلات صناعية تستطيع الاسترخاء والانفتاح لإطلاق المادة الدوائية، ثم تعود للتقلص مرة أخرى. ويمكن استخدام الكبسولة الجديدة من أجل إطلاق الأنسولين بعدما تزرع تحت الجلد، وتوصل مع الدم لقياس السكر ثم إطلاق كمية من الأنسولين تناسب حاجة الجسم. وسوف تستخدم الكبسولة من أجل إدخال بعض الهرمونات إلى الجسم مثل الميلاتونين أو الهرمونات الأخرى المستخدمة من أجل تنظيم ميقاتية الجسم اليومية، خاصة لدى الذين لديهم أعمال ليلية، أو الذين ينتقلون من منطقة زمنية إلى أخرى.

            ومن المتوقع أن تتعدى استخدامات الكبسولة الأمور المذكورة سابقا، إذ يمكن استخدامها كجهاز مانع للحمل، حيث يعبأ خزان الأدوية بهرمون البروجستون أو الاستروجين من أجل منع الحمل لفترة طويلة لدى النساء! أو حتى يمكن استخدام الجهاز لإدخال هـرمونات لمنع الحمل لدى الذكور أيضا! هـذا بالإضافة إلى الاستخدامات الدوائية الأخرى التي تحتاج إلى إعطاء الأدوية لفترة طويلة من الزمن مثل الأدوية الفصلية وغيرها.

            بالطبع لم يقم الأطباء حتى الآن بأي تجربة سريرية لمعرفة فعالية هـذا النوع الجديد من الكبسولات، لكن نتمنى أن تمر فترة طويلة من الزمن قبل أن تدخل هـذه الأجهزة الإلكترونية الصغيرة حقل الاستخدام العملي؛ لأن أضرارها قد تكون وخيمة جدا. [ ص: 191 ]

            التالي السابق


            الخدمات العلمية