الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 262 ] ويقبل قول الوصي فيما يدعيه من الإنفاق بلا بينة إلا في ثلاث ، في واحدة اتفاقا وهي فيما إذا فرض القاضي نفقة ذي الرحم المحرم على اليتيم فادعى الوصي الدفع كذا في شرح المجمع معللا بأن هذا ليس من حوائج اليتيم وإنما يقبل قوله فيما إذا كان من حوائجه ( انتهى ) .

                فينبغي أن لا تكون نفقة زوجته كذلك ; لأنها من حوائجه .

                15 - ولا يشكل عليه قبول قول الناظر فيما يدعيه من الصرف على المستحقين بلا بينة ; لأن هذا من جملة عمله في الوقف ، وفي اثنتين اختلاف .

                لو قال : أديت خراج أرضه ، أو جعل عبده الآبق .

                قال أبو يوسف رحمه الله : لا بيان عليه .

                وقال محمد رحمه الله : عليه البيان ، كما في المجمع .

                [ ص: 263 ] والحاصل أن الوصي يقبل قوله فيما يدعيه إلا في مسائل : الأولى : ادعى قضاء دين الميت .

                الثانية : ادعى أن اليتيم استهلك مال آخر فدفع ضمانه .

                17 - الثالثة : ادعى أنه أدى جعل عبده الآبق من غير إجارة .

                الرابعة : ادعى أنه أدى خراج أرضه في وقت لا تصلح للزراعة .

                الخامسة : ادعى الإنفاق على محرم اليتيم .

                السادسة : ادعى أنه أذن لليتيم في الإجارة ، وأنه ركبته ديون فقضاها [ ص: 264 ] عنه .

                السابعة : ادعى الإنفاق عليه من مال نفسه حال غيبة ماله ، وأراد الرجوع .

                18 - الثامنة : ادعى الإنفاق على رقيقه الذين ماتوا .

                التاسعة : اتجر وربح ثم ادعى أنه كان مضاربا .

                العاشرة : ادعى فداء عبده الجاني .

                الحادية عشرة : ادعى قضاء دين الميت من ماله بعد بيع التركة قبل قبض ثمنها .

                الثانية عشرة : ادعى أنه زوج اليتيم امرأة ودفع مهرها من ماله وهي ميتة .

                الكل في فتاوى العتابي من الوصايا ، وذكر ضابطا 19 - وهو أن كل شيء كان مسلطا عليه فإنه يصدق فيه وما لا فلا

                [ ص: 262 ]

                التالي السابق


                [ ص: 262 ] قوله : ويقبل قول الوصي .

                قال المصنف رحمه الله في شرحه على الكنز من مسائل شتى من كتاب القضاء عند قوله : وإن قال قاض عزل بأن القول قول الوصي بعد العزل ( انتهى ) .

                واعلم أن مسألة قبول قول الوصي بلا بينة في دعوى الإنفاق هي إحدى المسائل العشر التي يقبل فيها القول بلا يمين وتقدمت في القضاء وقد ذكر في القنية الخلاف فيما إذا كان بعد العزل .

                وفي الولوالجية في الكلام على اختلاف الوصي مع الغرماء ، وإن كبر الصبي وطلب ماله فقال الوصي : ضاع مني فالقول قوله مع اليمين ، وكذا لو قال بعد البلوغ : أنفقت كما في السراجية ، وأما إذا ادعى على الوصي شيئا من التركة فلا يحلف إلا أن يكون الوصي وارثا ; لأن إقراره غير معتبر كما في الفصل السادس من العمادية وفي المحيط أشهد الوصي على الوارث بعد بلوغه أنه استوفى منه جميع ما كان تحت يده ثم ظهر عين في يد الوصي بعد الإشهاد عليه فله المطالبة ، وأخذها منه ; لأنه حقه .

                ( 15 ) قوله : ولا يشكل عليه قبول قول الناظر فيما يدعيه من الصرف على المستحقين إلخ .

                أطلقه وقيده شيخ الإسلام أبو السعود العمادي مفتي السلطنة السليمانية [ ص: 263 ] بما إذا ادعى الدفع للموقوف عليهم بأن وقف غلة ضيعته مثلا على أولاده وذريته فقبض الناظر الغلة وادعى تقسيم ذلك عليهم ودفعه لهم ، أما إذا ادعى دفع وظيفة الإمام أو الخطيب فلا بد من البينة ; لأنها كأجرة ، وهو لو ادعى دفع أجرة أجير استأجره للوقف لا تقبل إلا ببينة هكذا يعطيه كلامه على صورة استفتاء رفع إليه وقد قرأته من خطه ولا يخفى ظهور مدركه ولكن ظاهر إطلاق المشايخ يخالفه فليتأمل كذا بخط الشيخ محمد الغزي صاحب كتاب تنوير الأبصار .

                قال بعض الفضلاء : الجواب عما تمسك به العلامة أبو السعود العمادي أنها ليس لها حكم الإجارة من كل وجه بل فيها شوب الأجرة ، وشوب الصلة ، وشوب الصدقة ويلزم على ما أفتى به الضمان في الوقف ; لأنه عامل له ، والمال في يده أمانة ، وقد ادعى إيصالها إلى مستحقها ، ويلزم أيضا أنه لا يقبل قوله في نحو الخطيب والإمام في أنه أدى وظيفته ; والمصرح به خلافه أيضا ، وقد تقرر أن جواز ذلك للضرورة بتوالي الناس في الأمور الدينية ، وما ثبت للضرورة تتقدر بقدرها ، وهو حل التناول ، وجواز الأخذ لا في جميع الأحكام .

                ( 16 ) قوله : والحاصل أن الوصي يقبل قوله إلخ .

                قال بعض الفضلاء : لو ادعى يتيم بعد بلوغه أن بيع عقاره بغير مسوغ فادعى المدعى عليه المسوغ فالقول قول اليتيم وعلى المدعى عليه البينة ; لأن اليتيم ينكر خروجه عن ملكه ; إذ بيعه ، والحالة هذه عندنا باطل كما صرح به في التتارخانية ولا فرق عندنا بين أن يكون البائع أبا أو جدا أو وصيا من جانب الأب أو القاضي ، ولم أر من صرح بذلك وإن علم من كلامهم .

                ( 17 ) قوله : الثالثة ادعى أنه أدى جعل عبده الآبق إلخ .

                أقول : هذا قول محمد - رحمه الله - [ ص: 264 ] وأما على قول أبي يوسف - رحمه الله - فيقبل قوله بلا بيان ، وأجمعوا أنه لو استأجر رجلا ليرده فإنه يكون مصدقا كما في الخانية قال بعض الفضلاء : ولم أقف على ترجيح لقول أحدهما لكن في الحاوي القدسي أنه يقدم قول الإمام ثم قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ثم قول محمد رحمه الله تعالى ثم قول زفر رحمه الله والحسن رحمه الله تعالى وهو يقتضي أن يكون المعتمد هنا قول أبي يوسف رحمه الله تعالى .

                ( 18 ) قوله : الثامنة : ادعى الإنفاق على رقيقه إلخ .

                أقول : هذا قول محمد رحمه الله وفي قول أبي يوسف رحمه الله يقبل قول الوصي وأجمعوا أن العبيد لو كانوا أحياء فالقول قول الوصي كذا في الخانية .

                ( 19 ) قوله : وهو أن كل شيء كان مسلطا عليه فإنه يصدق فيه إلخ .

                أقول : أطلقه وهو مقيد بما إذا صدقه الظاهر ، ولم يكذبه




                الخدمات العلمية