الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        [ ص: 488 ] [ ص: 489 ] الفصل الثاني

                        [ في وقوع الإجمال في الكتاب والسنة ]

                        اعلم أن الإجمال واقع في الكتاب والسنة ، قال أبو بكر الصيرفي : ولا أعلم أحدا أبى هذا غير داود الظاهري .

                        وقيل : إنه لم يبق مجمل في كتاب الله تعالى بعد موت النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - .

                        وقال إمام الحرمين : إن ( المختار أن ) ما يثبت التكليف به لا إجمال فيه ; لأن التكليف بالمجمل تكليف بالمحال ، وما لا يتعلق به تكليف ; فلا يبعد استمرار الإجمال فيه بعد وفاته - صلى الله عليه وآله وسلم - .

                        قال الماوردي ، والروياني : يجوز التعبد بالخطاب المجمل قبل البيان ; لأنه - صلى الله عليه وآله وسلم - بعث معاذا إلى اليمن ، وقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله الحديث .

                        وتعهدهم بالتزام الزكاة قبل بيانها ، قالا : وإنما جاز الخطاب بالمجمل ، وإن كانوا لا يفهمونه لأحد الأمرين :

                        ( الأول ) : أن يكون إجماله توطئة للنفس على قبول ما يتعقبه من البيان ، فإنه لو بدأ في تكليف الصلاة وبينها لجاز أن تنفر النفوس منها ولا تنفر من إجمالها .

                        ( والثاني ) : أن الله تعالى جعل من الأحكام جليا ، وجعل منها خفيا ، ليتفاضل الناس [ ص: 490 ] في العلم بها ويثابوا على الاستنباط لها ، فلذلك جعل منها مفسرا جليا ، وجعل منهما مجملا خفيا .

                        قال الأستاذ أبو إسحاق الشيرازي : وحكم المجمل التوقف فيه إلى أن يفسر ، ولا يصح الاحتجاج بظاهره في شيء يقع فيه النزاع .

                        قال الماوردي : إن كان الإجمال من جهة الاشتراك ، واقترن به تبيينه أخذ به ، فإن تجرد عن ذلك واقترن به عرف يعمل به ، فإن تجرد عنهما وجب الاجتهاد في المراد منه ، وكان من خفي الأحكام التي وكل العلماء فيها إلى الاستنباط ، فصار داخلا في المجمل ; لخفائه ، وخارجا منه ; لإمكان استنباطه .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية