الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        ( القسم الرابع ) : أن المناسب إما مؤثر ، أو غير مؤثر ، وغير المؤثر ، إما ملائم ، أو غير ملائم ، ( وغير الملائم ) إما غريب ، أو مرسل ، أو ملغى .

                        ( الصنف الأول ) : المؤثر : وهو أن يدل النص ، أو الإجماع على كونه علة ، تدل على تأثير عين الوصف في عين الحكم أو نوعه في نوعه .

                        ( الصنف الثاني ) : الملائم : وهو أن يعتبر الشارع عينه في عين الحكم ، بترتيب الحكم على وفق الوصف ، لا بنص ولا إجماع ، وسمي ملائما; لكونه موافقا لما اعتبره الشارع ، وهذه المرتبة دون ما قبلها .

                        ( الصنف الثالث ) : الغريب : وهو أن يعتبر عينه في عين الحكم ، بترتيب الحكم على وفق الوصف فقط ، ولا يعتبر عين الوصف من جنس الحكم ، ولا عينه ولا جنسه في جنسه بنص ولا إجماع ، كالإسكار في تحريم الخمر ، فإنه اعتبر الإسكار في عين الحكم ، بترتيب التحريم على الإسكار فقط .

                        ومن أمثلة الغريب : توريث المبتوتة في مرض الموت ، إلحاقا بالقاتل الممنوع من الميراث ، تعليلا بالمعارضة بنقيض القصد ، فإن المناسبة ظاهرة ، لكن هذا النوع من المصلحة لم يعهد اعتباره في غير هذا الخاص ، فكان غريبا لذلك .

                        ( الصنف الرابع ) : المرسل غير الملائم ، وقد عرفت مما تقدم من كلام ابن الحاجب الاتفاق على رده ، وحكاه غيره عن الأكثرين .

                        [ ص: 634 ] ( الصنف الخامس ) : الغريب غير الملائم ، وهو مردود بالاتفاق . واختلفوا هل تنخرم المناسبة بالمعارضة التي تدل على وجود مفسدة ، أو فوات مصلحة تساوي المصلحة ، أو ترجع عليها ؛ على قولين :

                        ( الأول ) : أنها تنخرم ، وإليه ذهب الأكثرون ، واختاره الصيدلاني وابن الحاجب; لأن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح; ولأن المناسبة أمر عرفي ، والمصلحة إذا عارضها ما يساويها لم تعد عند أهل العرف مصلحة .

                        ( الثاني ) : أنها لا تنخرم ، واختاره الفخر الرازي في المحصول ، والبيضاوي في المنهاج ، وهذا الخلاف إنما هو إذا لم تكن المعارضة دالة على انتفاء المصلحة ، أما إذا كانت كذلك فهي قادحة ( بلا خلاف ) .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية