الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        المسلك العاشر

                        تنقيح المناط

                        التنقيح في اللغة : التهذيب والتمييز ، ويقال : كلام منقح ، أي لا حشو فيه ، والمناط [ ص: 641 ] هو العلة .

                        قال ابن دقيق العيد : وتعبيرهم بالمناط عن العلة من باب المجاز اللغوي; لأن الحكم لما علق بها كان كالشيء المحسوس الذي تعلق بغيره ، فهو من باب تشبيه المعقول بالمحسوس ، وصار ذلك في اصطلاح الفقهاء بحيث لا يفهم عند الإطلاق غيره انتهى .

                        ومعنى تنقيح المناط عند الأصوليين : إلحاق الفرع بالأصل بإلغاء الفارق ، بأن يقال : لا فرق بين الأصل والفرع إلا كذا ، وذلك لا مدخل له في الحكم ألبتة ، فيلزم اشتراكهما في الحكم لاشتراكهما في الموجب له ، كقياس الأمة على العبد في السراية ، فإنه لا فرق بينهما إلا الذكورة ، وهو ملغى بالإجماع ، إذ لا مدخل له في العلية .

                        قال الصفي الهندي : والحق أن تنقيح المناط قياس خاص ، مندرج تحت مطلق القياس ، وهو عام يتناوله وغيره .

                        وكل منهما قد يكون ظنيا ، وهو الأكثر وقطعيا ، لكن حصول القطع فيما فيه الإلحاق بإلغاء الفارق أكثر من الذي الإلحاق فيه بذكر الجامع ، لكن ليس ذلك فرقا في المعنى ، بل في الوقوع ، وحينئذ لا فرق بينهما في المعنى .

                        قال الغزالي : تنقيح المناط يقول به أكثر منكري القياس ، ولا نعرف بين الأمة خلافا في جوازه ، ونازعه العبدري بأن الخلاف فيه ثابت بين من يثبت القياس وينكره ، لرجوعه إلى القياس .

                        وقد زعم الفخر الرازي أن هذا المسلك هو مسلك السبر والتقسيم; فلا يحسن عده نوعا آخر ، ورد عليه بأن بينهما فرقا ظاهرا ، وذلك أن الحصر في دلالة السبر والتقسيم لتعيين العلة ، إما استقلالا أو اعتبارا ، وفي تنقيح المناط لتعيين الفارق وإبطاله ، لا لتعيين العلة .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية