الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                        معلومات الكتاب

                        إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

                        الشوكاني - محمد بن علي بن محمد الشوكاني

                        صفحة جزء
                        وهو إسقاط وصف من أوصاف العلة المركبة ، وإخراجه عن الاعتبار ، بشرط أن يكون المحذوف مما لا يمكن أخذه في حد العلة .

                        هكذا قال أكثر الأصوليين ، والجدليين ، ومنهم من فسره : بأنه وجود المعنى في صورة ، مع عدم الحكم فيه ، والمراد وجود معنى تلك العلة في موضع آخر ، ولا يوجد معها ذلك الحكم ، وعلى هذا التفسير يكون كالنقض .

                        ولهذا قال ابن الحاجب في المختصر : الكسر : وهو نقض المعنى ، والكلام فيه كالنقض .

                        ومثاله : أن يعلل المستدل على القصر في السفر بالمشقة ، فيقول المعترض : ما ذكرته من المشقة ينتقض بمشقة أرباب الصنائع الشاقة في الحضر .

                        وقد ذهب الأكثرون إلى أن الكسر غير مبطل .

                        وأما جماعة من الأصوليين ، منهم الفخر الرازي ، والبيضاوي ; فجعلوه من القوادح .

                        قال الصفي الهندي : الكسر نقض يرد على بعض أوصاف العلة ، وذلك هو ما عبر عنه الآمدي بالنقض المكسور . قال الصفي الهندي : وهو مردود عند الجماهير ، إلا إذا بين الخصم إلغاء القيد ، ونحن لا نعني بالكسر إلا إذا بين ، أما إذا لم يبين; فلا خلاف [ ص: 652 ] أنه مردود ، وأما إذا بين; فالأكثرون على أنه قادح ، وقول الآمدي : والأكثرون على أنه غير قادح مردود .

                        وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في التلخيص : واعلم أن الكسر سؤال مليح ، والاشتغال به ينتهي إلى بيان الفقه ، وتصحيح العلة ، وقد اتفق أكثر أهل العلم على صحته ، وإفساد العلة به ، ويسمونه النقض من طريق المعنى ، والإلزام من طريق الفقه ، وأنكره طائفة من الخراسانيين ، قال : وهذا غير صحيح ; لأن الكسر نقض من حيث المعنى ، فهو بمنزلة النقض من طريق اللفظ انتهى .

                        وقد جعلوا منه ما رواه البيهقي عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - : أنه دعي إلى دار فأجاب ، ودعي إلى دار أخرى فلم يجب ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن في دار فلان كلبا ، فقيل : وفي هذا الدار سنور ، فقال : السنور سبع .

                        ووجه الدلالة : أنهم ظنوا أن الهرة يكسر المعنى ، فأجاب بالفرق ، وهو أن الهرة سبع ، أي ليست بنجسة ، كذا قيل .

                        قال في المنخول : قال الجدليون : الكسر يفارق النقض ، فإنه يرد على إخالة المعلل ، لا على عبارته ، والنقض يرد على العبارة ، قال : وعندنا لا معنى للكسر ، فإن كل عبارة لا إخالة فيها; فهي طرد محذوف ، فالوارد على الإخالة نقض ، ولو أورد على أحد الوصفين مع كونهما مختلفين; فهو باطل لا يقبل .

                        التالي السابق


                        الخدمات العلمية