[ ص: 655 ] قال : هو أن الآمدي ، والأول قلما يتفق في الأقيسة . يبين القالب أن ما ذكره المستدل يدل عليه لا له ، أو يدل عليه وله
ومثله في المنصوص : باستدلال الحنفي في بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : توريث الخال فأثبت إرثه عند عدم الوارث ، فيقول المعترض : هذا يدل عليك لا لك; لأن معناه نفي توريث الخال بطريق المبالغة ، كما يقال : الجوع زاد من لا زاد له ، والصبر حيلة من لا حيلة له ، أي ليس الجوع زادا ، ولا الصبر حيلة . الخال وارث من لا وارث له
قال في المحصول : القلب معارضة إلا في أمرين : الفخر الرازي
( أحدهما ) : أنه لا يمكن فيه الزيادة في العلة ، وفي سائر المعارضات يمكن .
( والثاني ) : لا يمكن منع وجود العلة في الفرع والأصل ; لأن أصله وفرعه أصل المعلل وفرعه ، ويمكن ذلك في سائر المعارضات ، أما فيما وراء هذين الوجهين فلا فرق بينه وبين المعارضة .
قال الهندي : والتحقيق أنه دعوى; لأن ما ذكره المستدل عليه لا له في تلك المسألة على ذلك الوجه انتهى . وجعله وشراح كلامه قسمين : ابن الحاجب
( أحدهما ) : تصحيح مذهب المعترض ، فيلزم منه بطلان مذهب المستدل; لتنافيهما .
( وثانيهما ) : إبطال مذهب المستدل ابتداء ، إما صريحا أو بالالتزام . ومثال [ ص: 656 ] الأول يقول الحنفي : الاعتكاف يشترط فيه الصوم; لأنه لبث ، فلا يكون بمجرده قربة ، كالوقوف بعرفة .
فيقول : فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف الشافعي بعرفة .
ومثال الثاني : أن يقول الحنفي في أنه يكفي مسح ربع الرأس : عضو من أعضاء الوضوء ، فلا يكفي أقله ، كسائر الأعضاء ، فيقول : فلا يقدر بالربع ، كسائر الأعضاء ، هذا الصريح . الشافعي
وأما الالتزام : فمثاله أن يقول الحنفي : بيع غير المرئي بيع معاوضة ، فيصح مع الجهل بأحد العوضين ، كالنكاح ، فيقول : فلا يثبت فيه خيار الرؤية ، كالنكاح . الشافعي
وقد ذهب إلى اعتبار هذا الاعتراض الجمهور ، وأنه قادح .
وأنكره بعض أهل الأصول ، وقال : إن الحكمين ، أي ما يثبته المستدل ، وما يثبته القالب ، إن لم يتنافيا; فلا قلب ، إذ لا منع من اقتضاء العلة الواحدة لحكمين غير متنافيين ، وإن استحال اجتماعهما في صورة واحدة ، فلم يمكن الرد إلى ذلك الأصل بعينه; فلا يكون قلبا; إذ فيه من الرد إلى ذلك الأصل .
وأجاب الجمهور عن هذا بأن الحكمين غير متنافيين لذاتهما ، فلا جرم يصح اجتماعهما في الأصل ، لكن قام الدليل على امتناع اجتماعهما في الفرع ، فإذا ; امتنع ثبوت الحكم الأول ، وظاهر كلام أثبت القالب الحكم الآخر في الفرع بالرد إلى الأصل أنه لازم جدلا لا دينا . إمام الحرمين
وقال : إن هذا القلب إنما ذكره المتأخرون من أصحابنا حيث استدل أبو الطيب الطبري أبو حنيفة بقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في مسألة [ ص: 657 ] الساحة قال : وفي هدم البناء ضرار بالغاصب ، فقال له أصحابنا : وفي بيع صاحب الساحة لساحته إضرار به . لا ضرر ولا ضرار
قال ومن أصحابنا من قال : لا يصح سؤال القلب ، قال : وهو شاهد زور ، يشهد لك ويشهد عليك ، قال : وهذا باطل ; لأن القالب عارض المستدل بما لا يمكن الجمع بينه وبين دليله ، فصار كما لو عارضه بدليل آخر .
وقيل : هو باطل ، إذ لا يتصور إلا في الأوصاف الطردية .
ومن : جعل المعلول علة ، والعلة معلولا ، وإذا أمكن ذلك تبين أن لا علة ، فإن العلة هي الموجبة ، والمعلول هو الحكم الواجب لها . أنواع القلب
وقد فرقوا بين القلب والمعارضة بوجوه :
منها ما قدمنا عن الفخر الرازي .
وقال القاضي ، والشيخ أبو الطيب الطبري : إنه معارضة ، فإنه لا يفسد العلة . أبو إسحاق الشيرازي
وقال في " مختصر المنتهى " والحق أنه نوع معارضة ، اشترك فيه الأصل والجامع ، فكان أولى بالقبول . ابن الحاجب