وأما : المرجحات باعتبار المتن فهي أنواع
( النوع الأول ) : أن يقدم الخاص على العام ، كذا قيل ، ولا يخفاك أن تقديم الخاص على العام بمعنى العمل به فيما تناوله ، والعمل بالعام فيما بقي ليس من باب الترجيح ، بل من باب الجمع ، وهو مقدم على الترجيح .
( النوع الثاني ) : أنه يقدم الأفصح على الفصيح ؛ لأن الظن بأنه لفظ النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أقوى .
وقيل : لا يرجح بهذا ؛ لأن البليغ يتكلم بالأفصح والفصيح .
( النوع الثالث ) : أنه يقدم العام الذي لم يخصص على العام الذي قد خصص ، كذا نقله عن المحققين ، وجزم به إمام الحرمين ، وعللوا ذلك بأن دخول التخصيص يضعف اللفظ ، ويصير به مجازا ، قال سليم الرازي : لأن الذي قد خصص قد أزيل عن تمام مسماه . الفخر الرازي
واعترض على ذلك الصفي الهندي : بأن المخصص راجح ، من حيث كونه خاصا بالنسبة إلى العام ، الذي لم يخصص ( واختار ابن المنير تقديم العام المخصوص على [ ص: 791 ] العام الذي لم يخصص ) ؛ لأن المخصوص قد قلت أفراده ، حتى قارب النص ، إذ كل عام لا بد أن يكون نصا في أقل متناولاته .
( النوع الرابع ) : أنه يقدم العام الذي لم يرد على سبب على العام الوارد على سبب ، كذا قال في البرهان ، إمام الحرمين وإلكيا ، والشيخ في اللمع أبو إسحاق الشيرازي في التقريب وسليم الرازي والرازي في المحصول قالوا : لأن الوارد على غير سبب متفق على عمومه ، والوارد على سبب مختلف في عمومه .
قال الصفي الهندي : ومن المعلوم أن هذا الترجيح إنما يتأتى بالنسبة إلى ذلك السبب ، وأما بالنسبة إلى سائر الأفراد المندرجة تحت العامين . فلا انتهى .
وفيه نظر ، لأن الخلاف في عموم الوارد على سبب هو كائن في سائر الأفراد .
( النوع الخامس ) : أنها تقدم الحقيقة على المجاز ؛ لتبادرها إلى الذهن ، هذا إذا لم يغلب المجاز .
( النوع السادس ) : أنه يقدم المجاز الذي هو أشبه بالحقيقة على المجاز الذي لم يكن كذلك .
( النوع السابع ) : أنه يقدم ما كان حقيقة شرعية ، أو عرفية على ما كان حقيقة لغوية ، قال في المحصول : وهذا ظاهر في اللفظ الذي قد صار شرعيا ، لا فيما لم يكن كذلك ، كذا قال ، ولا يخفى أن الكلام فيما صار شرعيا ، لا فيما لا يثبت كونه شرعيا ، فإنه خارج عن هذا .
( النوع الثامن ) : أنه يقدم ما كان مستغنيا عن الإضمار في دلالته على ما هو مفتقر إليه .
( النوع التاسع ) : أنه يقدم الدال على المراد من وجهين على ما كان دالا على المراد من وجه واحد .
( النوع العاشر ) : أنه يقدم ما دل على المراد بغير واسطة على ما دل عليه بواسطة .
( النوع الحادي عشر ) : أنه يقدم ما كان فيه الإيماء إلى علة الحكم على ما لم يكن [ ص: 792 ] كذلك ؛ لأن دلالة المعلل أوضح من دلالة ما لم يكن معللا .
( النوع الثاني عشر ) : أنه يقدم ما ذكرت فيه العلة متقدمة على ما ذكرت فيه العلة متأخرة ، وقيل : العكس .
( النوع الثالث عشر ) : أنه يقدم ما ذكر فيه معارضة على ما لم يذكر ، كقوله : كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فزوروها على الدال على تحريم الزيارة مطلقا .
( النوع الرابع عشر ) : أنه يقدم المقرون بالتهديد على ما لم يقرن به .
( النوع الخامس عشر ) : أن يقدم المقرون بالتأكيد على ما لم يقرن به .
( النوع السادس عشر ) : أنه يقدم ما كان مقصودا به البيان على ما لم يقصد به .
( النوع السابع عشر ) : أن يقدم مفهوم الموافقة على مفهوم المخالفة ، وقيل : بالعكس ، وقيل : لا يرجح أحدهما على الآخر والأول أولى .
( النوع الثامن عشر ) : أنه يقدم النهي على الأمر .
( النوع التاسع عشر ) : أنه يقدم النهي على الإباحة .
( النوع العشرون ) : أنه يقدم الأمر على الإباحة .
( النوع الحادي والعشرون ) : أنه يقدم الأقل احتمالا على الأكثر احتمالا .
( النوع الثاني والعشرون ) : أنه يقدم المجاز على المشترك .
( النوع الثالث والعشرون ) : أنه يقدم الأشهر في الشرع ، أو اللغة ، أو العرف على غير الأشهر فيها .
( النوع الرابع والعشرون ) : أنه يقدم ما يدل بالاقتضاء على ما يدل بالإشارة وعلى ما يدل بالإيماء وعلى ما يدل بالمفهوم ، موافقة ومخالفة .
( النوع الخامس والعشرون ) : أنه يقدم ما يتضمن تخصيص العام على ما يتضمن تأويل الخاص ؛ لأنه أكثر .
( النوع السادس والعشرون ) : أنه يقدم المقيد على المطلق .
[ ص: 793 ] ( النوع السابع والعشرون ) : أنه يقدم ما كانت صيغة عمومه بالشرط الصريح ، على ما كان صيغة عمومه بكونه نكرة في سياق النفي ، أو جمعا معرفا ، أو مضافا ونحوهما .
( النوع الثامن والعشرون ) : أنه يقدم الجمع المحلى ، والاسم الموصول على اسم الجنس المعرف باللام ، لكثرة استعماله في المعهود ، فتصير دلالته أضعف ، على خلاف معروف في هذا ، وفي الذي قبله .