الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                    معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                    إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة

                                                                                                                                                                    البوصيري - شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري

                                                                                                                                                                    صفحة جزء
                                                                                                                                                                    15 - باب في ذكر الشفاعة فيه حديث ابن عمر وتقدم في تفسير سورة النساء، وحديث أم سلمة وتقدم في علامات النبوة في باب إخباره بالمغيبات، وحديث الحارث بن أقيس وسيأتي في عظم أهل النار [ ص: 187 ] وقبحهم، وحديث أبي سعيد الخدري وتقدم في صفة الدجال، وحديث أبي هريرة وتقدم في كتاب البعث، وحديث زيد بن أرقم وتقدم في الجنائز في باب عذاب القبر، وحديث أبي ذر وتقدم في الخصائص.

                                                                                                                                                                    [ 7758 / 1 ] وعن أبي نضرة قال: "خطبنا ابن عباس - رضي الله عنهما - على منبر البصرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نبي إلا وله دعوة كلهم قد تنجزها في الدنيا، وإني ادخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، ألا وإني سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد، تحته آدم فمن دونه ولا فخر، ويشتد كرب ذلك اليوم على الناس، فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فليشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا. فيأتون آدم - عليه الصلاة والسلام - فيقولون: أنت خلقك الله بيده، وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته فاشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا. فيقول: إني لست هناكم إني أخرجت من الجنة بخطيئتي وإنه لا يهمني إلا نفسي ولكن ائتوا نوحا - عليه السلام - أول النبيين. فيأتون نوحا، فيقولون: اشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا. فيقول: لست هناكم إني دعوت دعوة أغرقت أهل الأرض، وإنه لا يهمني إلا نفسي، ولكن ائتوا إبراهيم خليل الله. فيأتون إبراهيم - عليه السلام - فيقولون: اشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا. فيقول: إني لست هناكم، إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات، وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله ما حاول بهن إلا عن دين الله، قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله لسارة: قولي: إنه أخي، ولكن ائتوا موسى - عليه السلام - عبدا اصطفاه الله برسالاته وبكلماته. فيأتون فيقولون: اشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا. فيقول: إني لست هناكم إني قتلت نفسا بغير حق وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي، ولكن ائتوا عيسى - عليه السلام - روح الله وكلمته. فيأتون عيسى، فيقولون: اشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا. فيقول: إني لست هناكم إني اتخذت وأمي إلاهين من دون الله، ولكن أرأيتم لو أن متاعا في وعاء قد ختم عليه أكان يوصل إلى ما في الوعاء حتى يفض الخاتم؟ فيقولون: لا: فيقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد حضر اليوم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيأتيني الناس فيقولون: اشفع لنا إلى ربنا حتى يقضي بيننا. فأقول: أنا لها أنا لها، حتى يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فإذا أراد الله - عز وجل - أن يقضي بين خلقه نادى مناد: أين محمد وأمته؟ فأقوم وتتبعني أمتي غرا محجلين من أثر الطهور. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن الآخرون الأولون، أول من يحاسب وتفرج لنا الأمم عن طريقنا فأنتهي إلى باب الجنة فأستفتح فيقال: من هذا؟ فأقول: أحمد. فيفتح لي، فأنتهي إلى ربي - عز وجل - وهو على كرسيه فأخر ساجدا وأحمد ربي [ ص: 188 ] بمحامد لم يحمده بها أحد قبلي ولا يحمده بها أحد بعدي، فيقال لي: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأشفع فيقال: اذهب فأخرج من النار من كان في قلبه من الخير كذا. فأنطلق فأخرجهم، ثم أرجع فأخر ساجدا فيقال: ارفع رأسك، وقل يسمع، واشفع تشفع، وسل تعطه. فيحد لي حدا فأخرجهم ".

                                                                                                                                                                    رواه أبو داود الطيالسي واللفظ له وأحمد بن حنبل .

                                                                                                                                                                    [ 7758 / 2 ] والحارث ولفظه: عن ابن عباس قال: "خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إذا كان يوم القيامة طال على الناس الحساب فقالوا: اذهبوا بنا إلى أبينا آدم فليشفع إلى ربنا فليحاسبنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت آدم أبونا، وأنت الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته، وأسجد لك ملائكته، وقد طال علينا الحساب، فاشفع لنا إلى ربنا فليحاسبنا، فقد طال علينا الحساب، فيقول: لست هناكم إني أخرجت من الجنة بخطيئتي، ولكن ائتوا أباكم نوحا. فيأتونه، فيقولون: اشفع لنا إلى ربنا فليحاسبنا فقد طال علينا الحساب. فيقول: إني لست هناكم إني دعوت دعوة أغرقت أهل الأرض، ولكن ائتوا إبراهيم. فيأتونه فيقولون: أنت الذي اتخذك الله خليلا، فاشفع لنا إلى ربك فليحاسبنا فقد طال علينا الحساب. فيقول: إني لست هناكم إني كذبت ثلاث كذبات، ولكن ائتوا موسى - عليه السلام - فليشفع لكم إلى ربكم فيأتون موسى فيقولون: أنت الذي كلمك الله، فاشفع لنا إلى ربك فليحاسبنا، فقد طال علينا الحساب. فيقول لهم: إني لست هناكم إني قتلت نفسا بغير حقها، ولكن ائتوا عيسى - عليه السلام - فليشفع لكم إلى ربكم. فيأتونه، فيقولون: أنت روح الله وكلمته فاشفع لنا إلى ربنا فليحاسبنا، فقد طال علينا الحساب. فيقول: إني لست هناكم إني عبدت من دون الله، ولكن أرأيتم لو كان متاع في وعاء عليه خاتم ما كان يوصل إلى ذلك المتاع حتى يفك الخاتم، فائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فإنه خاتم النبيين. قال: فيأتوني فآتي ربي - عز وجل - فأخر له ساجدا، فيقال لي: ارفع رأسك. فأحمد الله بمحامد لم يحمده بها أحد قبلي، ولا يحمده بها أحد بعدي، ثم أخر له ساجدا، فيقال لي: ارفع رأسك، وسل [ ص: 189 ] تعطه، واشفع تشفع، حتى أخرج من النار من كان في قلبه حبة من خردل من قول: لا إله إلا الله ".

                                                                                                                                                                    [ 7758 / 3 ] ورواه أبو يعلى الموصلي نحو حديث الحارث إلا أنه قال في آخره: "أرأيتم لو كان متاعا في وعاء مختوم أكان يقدر على ما فيه حتى يفض الخاتم؟ فيقولون: لا. فيقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وقد حضر، وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتوني فيقولون: يا محمد اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا. فأقول: أنا لها حين يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فإذا أراد الله أن يقضي بين خلقه نادى مناد: أين أحمد وأمته أين أحمد وأمته. فيجيئون، فنحن الأولون الآخرون، آخر من يبعث وأول من يحاسب، فتفرج لنا الأمم عن طريقنا، فنمضي غرا محجلين من آثار الوضوء، فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها ".

                                                                                                                                                                    [ 7758 / 4 ] ورواه أحمد بن حنبل بتمامه إلا أنه قال: "فتقول الأمم: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها، فيأتون باب الجنة فآخذ بحلقة الباب فأقرع الباب، فيقال: من أنت؟ فأقول: أنا محمد؛ فآتي ربي - عز وجل - على كرسيه - أو سريره شك حماد - فأخر له ساجدا، فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي، ولن يحمده بها أحد بعدي، فيقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، وقل يسمع، واشفع تشفع. فأقول: أي رب أمتي أمتي. فيقول: أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا - لم يحفظه حماد - ثم أعود فأسجد فأقول ما قلت، فيقال: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: أي رب أمتي أمتي. فيقول: أخرج من النار من كان في قلبه مثقال كذا وكذا، دون الأول، ثم أعود فأسجد فأقول مثل ذلك، فيقال: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع. فأقول: أي رب أمتي. فيقال: أخرج من كان في قلبه كذا وكذا دون ذلك ".

                                                                                                                                                                    ورواه ابن ماجه مختصرا بسند رواته ثقات.

                                                                                                                                                                    التالي السابق


                                                                                                                                                                    الخدمات العلمية