[ 291 ] أخبرنا ، أخبرنا أبو طاهر الفقيه حدثنا أبو حامد بن بلال ، يحيى بن الربيع المكي ، حدثنا عن سفيان ، ، عن الزهري عن أبي إدريس ، عبادة بن الصامت ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم في بيعة النساء : " تبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا - يعني الآية كلها - فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارته ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فهو إلى الله عز وجل إن شاء غفر له وإن شاء عذبه " أخرجاه في الصحيح ، من حديث [ ص: 467 ] سفيان بن عيينة
قال رحمه الله : " قوله في بيعة النساء أراد كما في بيعة النساء ، وهو قوله عز وجل : ( البيهقي يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ، ولا يسرقن ، ولا يزنين ، ولا يقتلن أولادهن ، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ، ولا يعصينك في معروف ) .
وقوله : " أراد به ما خلا الشرك كما أراد بقوله : " فعوقب به " ما خلا الشرك ، فجعل الحد كفارة ، لما أصاب من الذنب بعد الشرك ، وجعل ما لم يحد فيه موكولا إلى مشيئة الله عز وجل إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه ، ثم التعذيب لا يكون مؤبدا بدليل أخبار الشفاعة ، وما ورد في معناها من كتاب الله عز وجل . " من أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه
فإن قيل : المعنى أنه يغفر الصغائر لمجتنب الكبائر ، ولا يغفرها لمن لا يجتنب الكبائر كما قال : في آية أخرى : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) .
قيل : المراد بالكبائر التي شرط في المغفرة اجتنابها هي الشرك فهي في هذه الآية مطلقة ، وتكفير السيئات بها مطلقة ، وهما في الآية التي احتججنا بها في الموضعين جميعا مقيدتان فوجب الجمع بينهما ، وحمل المطلق على المقيد ، فإن قيل قد توعد أصحاب الكبائر بالنار والخلود فيها ، ولم يستثن منهم إلا التائبين [ ص: 468 ] فقال : ( ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ) إلى أن قال : ( إلا من تاب ) .
قيل : هذا الوعيد ينصرف إلى جميع ما تقدم ذكره ، فإن الله جل ثناؤه افتتح هذه الآية بذكر الشرك فقال : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) فانصرف قوله : ومن يفعل ذلك إلى جميع ما تقدم ذكره ، ومن جمع بين هذه الكبائر استوجب هذا الوعيد ، والذي يدل على هذا أنه قال : ( يضاعف له العذاب ) .
وإنما أراد - والله أعلم - أن من جمع بين الشرك ، وغيره من الكبائر جمع عليه مع عذاب الشرك عذاب الكبائر فيصير العذاب مضاعفا عليه ، ثم قال : ( إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا ) فذكر في التوبة الإيمان والعمل الصالح ، وذلك ليحبط الإيمان كفره ، ويحبط إصلاحه في الإيمان ما تقدم من إفساده في الكفر كما روينا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن قيل : وقد قال : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها ) .
قيل : قد ذهب أهل التفسير إلى أن هذه الآية نزلت فيمن قتل وارتد عن الإسلام ، وذهب بعض أصحابنا إلى أن هذه الآية مقصورة على سببها " .