وحوض خير الخلق حق وبه يشرب في الأخرى جميع حزبه
( وحوض خير الخلق ) نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو الكوثر الذي أعطاه ربه عز وجل ( حق ) لا مرية فيه ( وبه ) بالحوض ( يشرب ) أي يروى ولذا عدي بالباء دون من لتضمن الشرب هاهنا معنى الري ( في الأخرى ) أي في الدار الآخرة ( وجميع حزبه ) وهم أمة الإجابة الذين آمنوا به وصدقوه واتبعوا النور الذي أنزله معه ، قال الله تبارك وتعالى بسم الله الرحمن الرحيم : ( إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ) ( الكوثر : 1 - 3 ) .
وروى بسنده إلى البخاري أبي بشر عن عن سعيد بن جبير رضي الله عنهما أنه قال في الكوثر : هو الخير الذي أعطاه الله إياه . قال ابن عباس أبو بشر قلت : فإن الناس يزعمون أنه نهر في الجنة . فقال لسعيد بن جبير سعيد : النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه اهـ .
وقد ورد في من طرق جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، واشتهر واستفاض بل تواتر في كتب السنة من الصحاح والحسان والمسانيد والسنن ، فممن روى ذلك عنه من الصحابة ذكر الحوض وتفسير الكوثر به وإثباته وصفته أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وحارثة بن وهب وجندب بن عبد الله وسهل بن سعد وعائشة وعقبة بن عامر وعبد الله بن مسعود وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو وابن عباس وأسماء بنت أبي بكر وثوبان وأبو ذر وأم سلمة وجابر بن سمرة وزيد بن أرقم وسمرة بن جندب وحذيفة وأبو برزة الأسلمي والمستورد بن شداد وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن زيد . وأسامة بن زيد
[ ص: 872 ] فأما عن فقال أنس بن مالك رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري آدم حدثنا شيبان حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : جبريل ؟ قال : هذا الكوثر " . لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال : " أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت : ما هذا يا
وقال رحمه الله تعالى : حدثنا أبو الوليد حدثنا همام عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم . وحدثنا حدثنا هدبة بن خالد همام حدثنا قتادة حدثنا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنس بن مالك جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، فإذا طينه - أو طيبه - مسك أذفر " . شك بينما أنا أسير في الجنة إذ أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف ، قلت ما هذا يا . هدبة
وقال رحمه الله تعالى : حدثنا قال حدثني سعيد بن عفير ابن وهب عن يونس قال : حدثني ابن شهاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أنس بن مالك وصنعاء من اليمن ، وإن فيه من الأباريق بعدد نجوم السماء " . ووافقه على إخراجه إن قدر حوضي كما بين أيلة مسلم بهذا اللفظ ، وبلفظ " صنعاء والمدينة " وبلفظ " ترى فيه أباريق الذهب والفضة كعدد نجوم السماء " . ما بين ناحيتي حوضي كما بين
وقال رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري حدثنا مسلم بن إبراهيم وهيب حدثنا عبد العزيز عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " ورواه ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني ، فأقول أصحابي ، فيقول لا تدري ما أحدثوا بعدك مسلم بلفظ " " . إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني ، [ ص: 873 ] فلأقولن أي رب أصحابي ، فليقالن لي : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك
وأما عن فقال ابن عمر رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري مسدد حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ابن عمر " ورواه أمامكم حوض كما بين جرباء وأذرح مسلم بلفظ " " وزاد في رواية " ما بين ناحيتيه كما بين جرباء وأذرح " زاد في أخرى : قال فيه أباريق كنجوم السماء ، من ورده فشرب منه لا يظمأ بعدها أبدا عبيد الله : " فسألته فقال : قريتين بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال " .
وأما عن حارثة بن وهب فقال رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري علي بن عبد الله حدثنا حرمي بن عمارة حدثنا شعبة عن أنه سمع معبد بن خالد حارثة بن وهب رضي الله عنه يقول : " المدينة وصنعاء " وزاد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكر الحوض فقال : كما بين عن ابن أبي عدي شعبة عن عن معبد بن خالد حارثة سمع النبي صلى الله عليه وسلم قوله : " صنعاء والمدينة " فقال له حوضه ما بين المستورد : " ألم تسمعه قال الأواني ؟ قال : لا . قال المستورد : ترى فيه الآنية مثل الكواكب " . ورواه مسلم بهذا اللفظ .
وأما عن فقال جندب بن عبد الله رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري عبدان أخبرني أبي عن شعبة عن عبد الملك قال : سمعت جندبا قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " " ورواه أنا فرطكم على الحوض مسلم هكذا .
وأما عن فقال سهل بن سعد رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثني محمد بن مطرف أبو حازم عن قال : قال [ ص: 874 ] النبي صلى الله عليه وسلم : " سهل بن سعد " قال إني فرطكم على الحوض ، من مر علي شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا . ليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم أبو حازم فسمعني النعمان بن أبي عياش فقال : هكذا سمعت من سهل ؟ فقلت نعم . فقال : أشهد على لسمعته هو يزيد فيها " أبي سعيد الخدري " ورواه فأقول : إنهم مني ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول سحقا سحقا لمن غير بعدي مسلم وفيه " لمن بدل بعدي " .
وأما عن عائشة فقال رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري حدثنا خالد بن يزيد الكاهلي إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عائشة رضي الله عنها قال : سألتها عن قوله تعالى : ( إنا أعطيناك الكوثر ) ( الكوثر : 1 ) قالت : " نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه وسلم شاطئاه عليه در مجوف ، آنيته كعدد النجوم " .
وقال مسلم رحمه الله تعالى : حدثنا حدثنا ابن أبي عمر عن يحيى بن سليم ابن خثيم عن أنه سمع عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة عائشة رضي الله عنها تقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بين ظهراني أصحابه : " " . إني على الحوض أنتظر من يرد علي منكم فوالله ليقتطعن دوني رجال فلأقولن : أي رب مني ومن أمتي ، فيقول : إنك لا تدري ما عملوا بعدك ، ما زالوا يرجعون على أعقابهم
وأما عن فقال عقبة بن عامر رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري حدثنا عمرو بن خالد الليث عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة رضي الله عنه " ورواه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف على المنبر فقال : " إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم ، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض - أو مفاتيح الأرض - وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي ، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها مسلم بهذا اللفظ ، وبلفظ [ ص: 875 ] " " . قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد ثم صعد المنبر كالمودع للأحياء والأموات فقال : إني فرطكم على الحوض وإن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة . إني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم عقبة : وكانت آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر .
وأما عن فقال عبد الله بن مسعود رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري حدثنا يحيى بن حماد أبو عوانة عن سليمان عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : " " . أنا فرطكم على الحوض
وحدثني عمرو بن علي حدثنا حدثنا محمد بن جعفر شعبة عن المغيرة قال : سمعت أبا وائل عن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " تابعه أنا فرطكم على الحوض ، وليرفعن رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول : يا رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك عاصم عن أبي وائل ، وقال حصين عن أبي وائل عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم . وروى مسلم حديث بلفظ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ابن مسعود " . وأشار إلى حديث أنا فرطكم على الحوض ، ولأنازعن أقواما ثم لأغلبن عليهم فأقول : يا رب أصحابي أصحابي فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك حذيفة بنحو رواية الأعمش ومغيرة .
وأما عن فقال أبي هريرة رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي محمد بن فليح حدثنا أبي قال حدثنا هلال عن عن عطاء بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة " . بينا أنا قائم فإذا زمرة حتى إذا [ ص: 876 ] عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال هلم ، فقلت إلى أين ؟ قال إلى النار والله ، قلت وما شأنهم ؟ قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى ، ثم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم قال هلم ، قلت إلى أين ؟ قال إلى النار والله ، قلت ما شأنهم ؟ قال إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم
وله عنه أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " . يرد علي يوم القيامة رهط من أصحابي فيحلئون عن الحوض فأقول : يا رب أصحابي ، فيقول : إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك ، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى
وله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " " . ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على حوضي
وقال مسلم رحمه الله تعالى : حدثنا حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي عن الربيع يعني ابن مسلم عن محمد بن زياد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبي هريرة " . لأذودن عن حوضي رجالا كما تذاد الغريبة من الإبل
وله عن أبي حاتم عنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيلة من عدن ، لهو أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل باللبن ، ولآنيته أكثر من عدد النجوم ، وإني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه . قالوا : يا رسول الله أتعرفنا يومئذ ؟ قال : نعم ، لكم سيما ليست لأحد من الأمم ، تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء " . إن حوضي أبعد من
وأما عن فقال عبد الله بن عمرو بن العاص رحمه الله تعالى : حدثنا [ ص: 877 ] البخاري حدثنا سعيد بن أبي مريم نافع بن عمر عن قال : قال ابن أبي مليكة قال النبي صلى الله عليه وسلم : " عبد الله بن عمرو " ورواه حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء من شرب منها فلا يظمأ أبدا مسلم بلفظ " " . حوضي مسيرة شهر وزواياه سواء وماؤه أبيض من الورق وريحه أطيب من المسك وكيزانه كنجوم السماء فمن شرب منه فلا يظمأ بعده أبدا
وأما عن فهو ما تقدم في أول الباب . وروى ابن عباس عن ابن جرير عنه رضي الله عنه قال : الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب وفضة يجري على الياقوت والدر ، ماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل . سعيد بن جبير
وله عن قال : قال لي عطاء بن السائب : ما قال محارب بن دثار في الكوثر ؟ قلت : حدثنا عن سعيد بن جبير أنه الخير الكثير . فقال : صدق والله ، إنه للخير الكثير ، ولكن حدثنا ابن عباس قال " ( ابن عمر إنا أعطيناك الكوثر ) ( الكوثر : 1 ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " . الكوثر نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على الدر والياقوت
وأما عن أسماء فقال رحمه الله تعالى : حدثنا البخاري عن سعيد بن أبي مريم نافع بن عمر قال : حدثني عن ابن أبي مليكة رضي الله عنهما قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسماء بنت أبي بكر " وكان إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم ، وسيؤخذ ناس دوني فأقول : يا رب مني ومن أمتي ، فيقال : هل شعرت ما عملوا بعدك ، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم يقول : اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا أو نفتن عن ديننا . ورواه ابن أبي مليكة مسلم بسند حديث [ ص: 878 ] متصلا بمتنه ، ولفظه كلفظ عبد الله بن عمرو . البخاري
وأما عن فقال ثوبان مسلم رحمه الله تعالى : حدثنا أبو غسان المسمعي ومحمد بن المثنى وابن بشار وألفاظهم متقاربة قالوا : حدثنا حدثني أبي عن معاذ وهو ابن هشام قتادة عن عن سالم بن أبي الجعد معدان بن أبي طلحة اليعمري عن رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثوبان لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم ، فسئل عن عرضه فقال : من مقامي إلى عمان ، وسئل عن شرابه فقال : أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، يغت فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق . إني لبعقر حوضي أذود الناس
وقال الترمذي رحمه الله تعالى : حدثنا أنبأنا محمد بن إسماعيل أنبأنا يحيى بن صالح محمد بن مهاجر عن العباس عن قال : بعث إلي أبي سلام الحبشي فحملت على البريد فلما دخل عليه قال : يا أمير المؤمنين ، لقد شق علي مركبي البريد . فقال : يا عمر بن عبد العزيز أبا سلام ما أردت أن أشق عليك ، ولكن بلغني عنك حديث تحدثه عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحوض فأحببت أن تشافهني به . قال أبو سلام حدثني رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ثوبان عدن إلى عمان البلقاء ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأكوابه عدد نجوم السماء ، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا ، أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين ، الشعث رءوسا ، الدنس ثيابا ، الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم السدد " قال حوضي من عمر : لكني نكحت المتنعمات وفتحت لي السدد ونكحت فاطمة بنت عبد الملك ، لا جرم إني لا أغسل رأسي حتى يشعث ، ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ . ورواه ابن [ ص: 879 ] ماجه بلفظ " عدن إلى أيلة أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، أكاويبه كعدد نجوم السماء ، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا " الحديث . وفيه قال : فبكى إن حوضي ما بين عمر حتى اخضلت لحيته . وفيه " ولا أدهن رأسي حتى يشعث " .
وأما عن أبي ذر فقال مسلم رحمه الله تعالى : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم - واللفظ - قال لابن أبي شيبة إسحاق : أخبرنا - وقال الآخران حدثنا - عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت أبي ذر قال : " محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها ، ألا في الليلة المظلمة المصحية آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ آخر ما عليه يشخب في ميزابان من الجنة من شرب منه لم يظمأ ، عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل " رواه قلت يا رسول الله ، ما آنية الحوض ؟ قال : والذي نفس الترمذي بهذا اللفظ وقال حسن صحيح غريب .
وأما عن رضي الله عنها فقال أم سلمة : حدثني مسلم بن الحجاج أخبرني يونس بن عبد الأعلى الصدفي أخبرني عبد الله بن وهب أن عمرو وهو ابن الحارث بكيرا حدثه عن القاسم بن عباس الهاشمي عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : " أم سلمة " . كنت أسمع الناس يذكرون الحوض ولم أسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما كان يوما من ذلك والجارية تمشطني فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أيها الناس . فقلت للجارية : استأخري عني . قالت : إنما دعا الرجال ولم يدع النساء . فقلت : إني من الناس . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني لكم فرط على الحوض ، فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني [ ص: 880 ] كما يذب البعير الضال ، فأقول فيم هذا ؟ فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا
وأما عن فقال جابر بن سمرة مسلم رحمه الله تعالى : حدثني الوليد بن شجاع بن الوليد السكوني حدثني أبي رحمه الله تعالى حدثني زياد بن خيثمة عن عن سماك بن حرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " جابر بن سمرة " . ألا إني فرط لكم على الحوض ، وإن بعد ما بين طرفيه كما بين صنعاء وأيلة كأن الأباريق فيه النجوم
وأما عن فقال زيد بن أرقم أبو داود رحمه الله تعالى : حدثنا حدثنا حفص بن عمر النمري شعبة عن عن عمرو بن مرة أبي حمزة عن قال : " زيد بن أرقم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلا فقال : ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد على الحوض . قال قلت : كم كنتم يومئذ ؟ قال : سبعمائة أو ثمانمائة " .
وأما عن فقال سمرة بن جندب الترمذي رحمه الله تعالى : حدثنا أحمد بن نيزك البغدادي أنبأنا أنبينا محمد بن بكار الدمشقي عن سعيد بن بشير قتادة عن الحسن عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لكل نبي حوضا وإنهم يتباهون أيهم أكثر وارده ، وإني أرجو أن أكون أكثرهم وارده " هذا حديث حسن غريب . وقد روى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، ولم يذكر فيه عن سمرة وهو أصح اهـ .
[ ص: 881 ] وأما عن حذيفة فتقدمت الإشارة إليه عند الشيخين بعد روايتهما حديث . ابن مسعود
وقال رحمه الله تعالى : حدثنا ابن ماجه حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن أبي مالك سعد بن طارق ربعي عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيلة إلى عدن ، والذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد النجوم ، ولهو أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، والذي نفسي بيده إني لأذود عنه الرجال كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه . قيل يا رسول الله أتعرفنا ؟ قال نعم ، تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء ليست لأحد غيركم " . ورواه إن حوضي لأبعد من مسلم في الطهارة بهذا اللفظ وبهذا السند .
وأما عن أبي برزة فقال أبو داود رحمه الله تعالى : حدثنا حدثنا مسلم بن إبراهيم عبد السلام بن أبي حازم أبو طالوت قال : شهدت أبا برزة دخل على فحدثني فلان سماه عبيد الله بن زياد مسلم وكان في السماط فلما رآه عبيد الله قال : إن محمديكم هذا الدحداح ، ففهمها الشيخ فقال : ما كنت أحسب أني أبقى في قوم يعيروني بصحبة محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال له عبيد الله : إن صحبة محمد صلى الله عليه وسلم لك زين غير شين ، ثم قال : إنما بعثت إليك لأسألك عن الحوض ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فيه شيئا ؟ فقال أبو برزة : نعم ، لا مرة ولا اثنتين ولا ثلاثا ولا أربعا ولا خمسا ، فمن كذب به فلا سقاه الله منه ، ثم خرج مغضبا .
وأما عن المستورد فتقدم في المتفق عليه من حديث حارثة بن وهب .
وأما حديث فقال أبي سعيد الخدري رحمه الله تعالى : حدثنا ابن ماجه أبو [ ص: 882 ] بكر بن أبي شيبة حدثنا حدثنا محمد بن بشر زكريا حدثنا عطية عن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أبي سعيد الخدري الكعبة وبيت المقدس ، أبيض من اللبن آنيته عدد النجوم ، وإني لأكثر الأنبياء تبعا يوم القيامة " . إن لي حوضا ما بين
وأما عن فرواه عبد الله بن زيد البخاري ومسلم عنه مطولا في قصة قسم غنائم حنين ، وفي آخره قوله صلى الله عليه وسلم للأنصار رضي الله عنهم : " " . إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض
وأما عن فقال أسامة بن زيد رحمه الله تعالى : حدثني ابن جرير البرني حدثنا حدثنا ابن أبي مريم أخبرني محمد بن جعفر بن أبي كثير حرام بن عثمان عن عن عبد الرحمن الأعرج " أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فلم يجده فسأل عنه امرأته وكانت من حمزة بن عبد المطلب بني النجار فقالت : خرج يا نبي الله عامدا نحوك ، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار . أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل ، فقدمت إليه حيسا فأكل منه ، فقالت : يا رسول الله هنيئا لك ومريئا ، لقد جئت وأنا أريد أن آتيك لأهنيك وأمريك ، أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا في الجنة يدعى الكوثر . فقال : أجل وعرضه - يعني أرضه - ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ " . قال ابن كثير رحمه الله تعالى : حرام بن عثمان ضعيف ، ولكن هذا سياق حسن ، وقد صح أصل هذا بل قد تواتر من طرق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث اهـ . قلت : وقد ذكرنا منها ما تيسر . وفي الباب عدة أحاديث غير ما ذكرنا ، ولمن ذكرنا من الصحابة أحاديث أخر لم [ ص: 883 ] نذكرها ولهم روايات في الأصول التي عزونا إليها غير ما سقنا ، وإنما أشرنا إشارة إلى بعضها لتعرف شهرة هذا الباب واستفاضته وتواتره مع الإيجاز والاختصار . ولله الحمد والمنة .