الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
      معلومات الكتاب

      معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول

      الحكمي - حافظ بن أحمد الحكمي

      صفحة جزء
      5 - عامل الكبيرة يكفر باستحلاله إياها .


      ولا نكفر بالمعاصي مؤمنا إلا مع استحلاله لما جنى

      .

      ( ولا نكفر بالمعاصي ) التي قدمنا ذكرها ، وأنها لا توجب كفرا ، والمراد بها الكبائر التي ليست بشرك ، ولا تستلزمه ولا تنافي اعتقاد القلب ولا عمله ، ( مؤمنا ) مقرا بتحريمها معتقدا له ، مؤمنا بالحدود المترتبة عليها ، ولكن نقول يفسق بفعلها ، ويقام عليه الحد بارتكابها ، وينقص إيمانه بقدر ما تجارأ عليه منها .

      والدليل على فسقه ونقصان إيمانه قول الله - عز وجل : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ) ، ( النور 4 - 5 ) ، وما في معناها من آيات الحدود والكبائر ، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم : لا يزني الزاني [ ص: 1040 ] حين يزني وهو مؤمن ، ولا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ، ولا يشرب حين يشرب وهو مؤمن ، والتوبة معروضة بعد . الحديث في الصحيحين وغيرهما ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه .

      والدليل على أن النفي في هذا الحديث وغيره ليس لمطلق الإيمان ، بل لكماله هو ما قدمنا من النصوص التي صرحت بتسميته مؤمنا ، وأثبتت له أخوة الإيمان ، وأبقت له أحكام المؤمنين .

      ( إلا مع استحلاله لما جنى ) هذه هي المسألة الخامسة ، وهو أن عامل الكبيرة يكفر باستحلاله إياها ، بل يكفر بمجرد اعتقاده بتحليل ما حرم الله ورسوله ، لو لم يعمل به ; لأنه حينئذ يكون مكذبا بالكتاب ، ومكذبا بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وذلك كفر بالكتاب والسنة والإجماع .

      فمن جحد أمرا مجتمعا عليه ، معلوما من الدين بالضرورة ، فلا شك في كفره .

      التالي السابق


      الخدمات العلمية