( حدثنا  محمد بن عبيد ) بالتصغير ( المحاربي     ) بضم أوله وبمهملة ، وكسر راء وموحدة نسبة  لبني محارب   قبيلة من العرب ، وفي نسخة : زيادة الكوفي أخرج حديثه  أبو داود   والترمذي   والنسائي  ، ( حدثنا   عبد العزيز بن أبي حازم     ) بمهملة وكسر زاي أخرج حديثه الستة ( عن   موسى بن عقبة     ) مر ذكره ( عن  نافع  عن   ابن عمر  قال :  اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب     ) قال  ميرك     : زاد  عبيد الله  عن  نافع  عن   ابن عمر  عند   البخاري  ، وجعل فصه مما يلي كفه ، ونقش فيه  محمد   رسول الله ، وليس فيه قوله : ( فكان يلبسه في يمينه ) أي قبل تحريم الذهب على الرجال ، قال  ميرك     : وأخرجه   البخاري  أيضا من طريق  جويرية   [ ص: 191 ] عن   ابن عمر  وقال في آخره : قال  جويرية  ولا أحسبه إلا قال في يده اليمنى ( فاتخذ الناس ) أي الذكور منهم أو الكل ، ثم نسخ وأبيح للنساء ( خواتيم من ذهب فطرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي للوحي بتحريمه والظاهر أن الفاء تعقيبية ، وجعلها  العصام  تفريعية ، حيث قال : تفريع للطرح على اتخاذ الناس دون لبسهم ، دل على أن ما صار منهيا هو اتخاذه من غير اعتبار اللبس ، حيث كره اتخاذهم ذلك انتهى . وفيه أن الظاهر أن الناس اتخذوها للبس أو اتخذوها ولبسوها وليس في الحديث ، ما يدل على أن الطرح قبل لبسهم مع أن مجرد اتخاذ خاتم الذهب ليس بمنهي إجماعا ، وقد طرحه صلى الله عليه وسلم ( وقال لا ألبسه أبدا ) وهو يدل على أن المكروه لبسه ، وأما جعل نفي اللبس كناية عن كراهية الاتخاذ ، ففي غاية من البعد ، ومما يدل على أن المقصود كراهة اللبس ، وعلى أنهم لبسوه قبل ذلك ، قوله : ( فطرح الناس خواتيمهم ) أي من أيديهم والخواتيم جمع خاتم كالخواتم والياء فيها للإشباع ، قال  ابن حجر     : وهذا هو الناسخ لحله مع قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة ، وقد  أخذ ذهبا في يد وحريرا في يد ، وقال : هذان حرامان على ذكور أمتي ، حل لإناثها     . ووقع لبعض من لا إلمام له بالفقه هنا تخليط فاجتنبه ، كيف والأئمة الأربعة على تحريمه للنهي عنه في الصحيحين وغيرهما ، ورخصت فيه طائفة ، واستدلوا بأن خمسة من الصحابة ماتوا وخواتيمهم من ذهب ، ويرد بأن ذلك إن صح عنهم يتعين حمله على أنه لم يبلغهم النهي عنه انتهى . قال الإمام محيي السنة : هذا الحديث يشتمل على أمرين : تبدل الحكم فيهما  اتخاذ خاتم الذهب   ، تبدل جوازه بالامتناع في حق الرجال ، واللبس في اليمين تبدل باللبس في اليسار ، وتقرر الأمر عليه ، وهذا ينافي ما قال  النووي     : من أن الإجماع على جواز  التختم في اليمنى واليسرى   ، هذا وقد ثبت من طريق   ابن شهاب  عن  أنس  أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق يوما ثم إن الناس اصطنعوا الخواتيم من ورق ، ولبسوها فطرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمه ، وطرح الناس خواتيمهم  ، مع جواز لبسه للخوف عليهم من التكبر والخيلاء انتهى . وقد تقدم أن وجهه هو أن لا  يلبس أحد ممن لا يحتاج إلى الختم به   ، قال  ميرك     : وفي رواية  عبيد الله  فلما رآهم اتخذوها رمى به  وفي رواية  جويرية  ،  فرقى المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، فقال : إني كنت اصطنعته ، وإني لا ألبسه  ، وفي رواية   المغيرة بن زياد  فرمى به فلا يدرى ما فعل  ، قال : وهذا يحتمل أن يكون لكونه من ذهب ، وصادف وقت تحريم لبس الذهب للرجال ، والله أعلم .  
واعلم أن جمهور السلف والخلف على حرمة التختم بخاتم الذهب للرجال دون النساء ، والاعتبار بالحلقة عند  الحنفية  فلا بأس ،  بمسمار الذهب على الخاتم   خلافا للشافعية ، وذهب بعض العلماء إلى أن لبس خاتم الذهب مكروه كراهة تنزيه ، لا تحريم ، فقول   القاضي عياض  أن الناس مجمعون على تحريمه ، ليس بسديد ، اللهم إلا أن يقال : أراد بالناس الجمهور ، أو يقال : انقرض قرن من قال بكراهة      [ ص: 192 ] التنزيه ، واستقر الإجماع على التحريم ، ويؤيده أن جماعة من الصحابة   كسعد بن أبي وقاص  ،   وطلحة بن عبيد الله  ،  وصهيب   وجابر بن سمرة  ،   وعبد الله بن يزيد الخطمي  ،  وحذيفة  وأبي أسيد  ، كانوا يجعلون خواتيمهم من ذهب ، كما رواه   ابن أبي شيبة  في مصنفه ، واستغرب  ابن حجر  ما ورد من ذلك ما جاء عن  البراء  الذي روى النهي عن خاتم الذهب ، فأخرج   ابن أبي شيبة  بسند صحيح عن أبي السفر ، قال :  رأيت على  جابر  خاتما من ذهب  ، وأخرج  البغوي  عن  شعبة  عن   ابن إسحاق  نحوه وأخرج  أحمد  من طريق  محمد بن مالك  رأيت على  البراء  خاتما من ذهب ، فقال : قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما فألبسنيه ، فقال : البس ما كساك الله ورسوله  ، قال  الحازمي     : إسناده ليس بذاك ، ولو صح فهو منسوخ ، قال  العسقلاني     : لو ثبت النسخ عند  البراء  ما لبسه بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد روى حديث النهي المتفق على صحته عنه ، وهو حديث : "  أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ، ونهانا عن سبع     " وذكر الحديث ، وفيه : "  نهانا عن خاتم الذهب     " فالجمع بين روايته وفعله ، إما بأن يكون حمل النهي على التنزيه ، أو فهم الخصوصية من قوله البس ما كساك الله ورسوله ، وهذا أولى من قول   البخاري  ، لعل  البراء  لم يبلغه النهي ، ويؤيد الاحتمال الثاني أنه وقع في رواية  أحمد  كان الناس يقولون  للبراء     : لم تتختم بالذهب ونهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيذكر هذا الحديث ، ثم يقول : كيف تأمروني أن أضع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البس ما كساك الله ورسوله     .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					