[ ص: 513 ] ( شهد ) في أسماء الله تعالى الشهيد هو الذي لا يغيب عنه شيء . والشاهد : الحاضر وفعيل من أبنية المبالغة في فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم ، وإذا أضيف إلى الأمور الباطنة فهو الخبير ، وإذا أضيف إلى الأمور الظاهرة فهو الشهيد . وقد يعتبر مع هذا أن يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم .
* ومنه حديث علي وشهيدك يوم الدين أي شاهدك على أمته يوم القيامة .
( هـ ) ومنه الحديث سيد الأيام يوم الجمعة ، هو شاهد أي هو يشهد لمن حضر صلاته . وقيل في قوله تعالى : وشاهد ومشهود إن شاهدا يوم الجمعة ، ومشهودا يوم عرفة ، لأن الناس يشهدونه : أي يحضرونه ويجتمعون فيه .
* ومنه حديث الصلاة أي تشهدها الملائكة وتكتب أجرها للمصلي . فإنها مشهودة مكتوبة
* ومنه حديث صلاة الفجر أي يحضرها ملائكة الليل والنهار ، هذه صاعدة وهذه نازلة . فإنها مشهودة محضورة
( هـ س ) وفيه قد تكرر ذكر الشهيد والشهادة في الحديث . والشهيد في الأصل من قتل مجاهدا في سبيل الله ، ويجمع على شهداء ، ثم اتسع فيه فأطلق على من سماه النبي صلى الله عليه وسلم من المبطون ، والغرق ، والحرق ، وصاحب الهدم ، وذات الجنب وغيرهم . وسمي شهيدا لأن الله وملائكته شهود له بالجنة . وقيل : لأنه حي لم يمت ، كأنه شاهد : أي حاضر . وقيل لأن ملائكة الرحمة تشهده . وقيل : لقيامه بشهادة الحق في أمر الله حتى قتل . وقيل : لأنه يشهد ما أعد الله له من الكرامة بالقتل . وقيل : غير ذلك . فهو فعيل بمعنى فاعل ، وبمعنى مفعول على اختلاف التأويل . المبطون شهيد والغرق شهيد
( س ) وفيه هو الذي لا يعلم صاحب [ ص: 514 ] الحق أن له معه شهادة . وقيل : هي في الأمانة والوديعة وما لا يعلمه غيره . وقيل : هو مثل في سرعة إجابة الشاهد إذا استشهد أن لا يؤخرها ولا يمنعها . وأصل الشهادة الإخبار بما شاهده وشهده . خير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها
( س ) ومنه الحديث هذا عام في الذي يؤدي الشهادة قبل أن يطلبها صاحب الحق منه ، فلا تقبل شهادته ولا يعمل بها ، والذي قبله خاص . وقيل : معناه هم الذين يشهدون بالباطل الذي لم يحملوا الشهادة عليه ، ولا كانت عندهم . ويجمع الشاهد على شهداء ، وشهود ، وشهد ، وشهاد . يأتي قوم يشهدون ولا يستشهدون
[ هـ ] وفي حديث عمر ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس أن لا تعربوا عليه ؟ قالوا : نخاف لسانه ، قال : ذلك أحرى أن لا تكونوا شهداء أي إذا لم تفعلوا ذلك لم تكونوا في جملة الشهداء الذين يستشهدون يوم القيامة على الأمم التي كذبت أنبياءها .
* ومنه الحديث أي لا تسمع شهادتهم . وقيل : لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأمم الخالية . اللعانون لا يكونون شهداء
* وفي حديث اللقطة الأمر بالشهادة أمر تأديب وإرشاد ، لما يخاف من تسويل النفس وانبعاث الرغبة فيها فتدعوه إلى الخيانة بعد الأمانة ، وربما نزل به حادث الموت فادعاها ورثته وجعلوها من جملة تركته . فليشهد ذا عدل
* ومنه الحديث ارتفع شاهداك بفعل مضمر معناه : ما قال شاهداك . شاهداك أو يمينه
( هـ س ) وفي حديث أبي أيوب رضي الله عنه سماه الشاهد لأنه يشهد بالليل : أي يحضر ويظهر . أنه ذكر صلاة العصر ثم قال : لا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد ، قيل : وما الشاهد ؟ قال : النجم
* ومنه قيل لصلاة المغرب : صلاة الشاهد .
* وفي حديث عائشة قالت لامرأة وقد تركت الخضاب والطيب : [ ص: 515 ] عثمان بن مظعون يقال : امرأة مشهد إذا كان زوجها حاضرا عندها ، وامرأة مغيب إذا كان زوجها غائبا عنها . ويقال : فيه مغيبة ، ولا يقال : مشهدة . أرادت أن زوجها حاضر لكنه لا يقربها فهو كالغائب عنها . أمشهد أم مغيب ؟ فقالت : مشهد كمغيب
( س ) وفي حديث ابن مسعود يريد تشهد الصلاة ، وهو التحيات ، سمي تشهدا لأن فيه شهادة أن لا إله إلا الله وأن كان يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن محمدا رسول الله ، وهو تفعل من الشهادة .