أما الأول فقال الخليل : برح يبرح براحا : إذا رام من موضعه ، وأبرحته أنا . قال العامري : يقول الرجل لراحلته إذا كانت بطيئة : لا تبرح براحا ينتفع به . ويقول : ما برحت أفعل ذلك ، في معنى مازلت . قال الله تعالى حكاية عمن قال : لن نبرح عليه عاكفين ، أي : لن نزال . وأنشد :
فأبرح ما أدام الله قومي بحمد الله منتطقا مجيدا
أي : لا أزال . ومجيد : صاحب فرس جواد ، ومنتطق : قد شد عليه النطاق . ويقول العرب : " برح الخفاء " أي انكشف الأمر . وقال :برح الخفاء فما لدي تجلد
قال الفراء : وبرح بالفتح أيضا ، أي : مضى ، ومنه سميت البارحة . قالوا :[ ص: 239 ] البارحة الليلة التي قبل ليلتك ، صفة غالبة لها . حتى صار كالاسم . وأصلها من برح ، أي : زال عن موضعه .
قال أبو عبيدة في المثل : " ما أشبه الليلة بالبارحة " للشيء ينتظره خيرا من شيء ، فيجيء مثله .
قال أبو عبيد : البراح المكاشفة ، يقال : بارح براحا كاشف . وأحسب أن البارح الذي هو خلاف السانح من هذا; لأنه شيء يبرز ويظهر . قال الخليل : البروح مصدر البارح وهو خلاف السانح ، وذلك من الظباء والطير يتشاءم به أو يتيمن ، قال :
وهن يبرحن له بروحا وتارة يأتينه سنوحا
والأصل الآخر قال أبو عبيد : يقال : ما أبرح هذا الأمر ، أي : أعجبه . وأنشد للأعشى :
[ ص: 240 ]
فأبرحت ربا وأبرحت جارا
وقالوا : معناه أعظمت ، والمعنى واحد . قال : يقال : أبرحت بفلان ، أي : حملته على ما لا يطيق فتبرح به وغمه . وأنشد : ابن الأعرابيأبرحت مغروسا وأنعمت غارسا
: البريح التعب . قال ابن الأعرابي أبو وجزة :على قعود قد ونى وقد لغب به مسيح وبريح وصخب
قال الخليل : يقال : برح فلان تبريحا فهو مبرح : إذا أذى بالإلحاح; والاسم البرح . قال : ذو الرمة
والهوى برح على من يطالبه
والتباريح : الكلفة والمشقة . وضربه ضربا مبرحا . وهذا الأمر أبرح علي من ذاك ، أي : أشق . قال : ذو الرمة[ ص: 241 ]
أنينا وشكوى بالنهار كثيرة علي وما يأتي به الليل أبرح
لا بل هو الشوق من دار تخونها مرا سحاب ومرا بارح ترب