الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بدح ) الباء والدال والحاء أصل واحد ترد إليه فروع متشابهة ، وما بعد ذلك فكله محمول على غيره أو مبدل منه . فأما الأصل فاللين والرخاوة والسهولة . قال الهذلي :


                                                          كأن أتي السيل مد عليهم إذا دفعته في البداح الجراشع

                                                          ثم اشتق من هذا قولهم للمرأة البادن الضخمة بيدح . قال الطرماح :


                                                          أغار على نفسي لسلمة خاليا     ولو عرضت لي كل بيضاء بيدح

                                                          قال أبو سعيد : البدحاء من النساء الواسعة الرفغ . قال :


                                                          بدحاء لا يستره فخذاها

                                                          يقال : بدحت المرأة [ و ] تبدحت : إذا حسنت مشيتها . قال الشاعر :


                                                          يبدحن في أسوق خرس خلاخلها     مشي المهار بماء تتقي الوحلا

                                                          وقال آخر :


                                                          يتبعن سدو رسلة تبدح     يقودها هاد وعين تلمح

                                                          تبدح : تبسط . ومن هذا الباب قول الخليل : [ البدح ] ضربك بشيء فيه [ ص: 215 ] رخاوة ، كما تأخذ بطيخة فتبدح بها إنسانا . وتقول : رأيتهم يتبادحون بالكرين والرمان ونحو ذلك عبثا . فهذا الأصل الذي هو عمدة الباب .

                                                          وأما الكلمات الأخر فقولهم : بدحه الأمر ، وإنما هي حاء مبدلة من هاء ، والأصل بدهه . وكذلك قولهم ابتدحت الشيء : إذا ابتدأت به من تلقاء نفسك ، إنما هو في الأصل ابتدعت واختلقت . قال الشاعر :


                                                          يا أيها السائل بالجحجاح     لفي مراد غير ذي ابتداح

                                                          وكذلك البدح ، وهو العجز عن الحمالة إذا احتملها الإنسان ، وكذلك عجز البعير عن حمل حمله . قال الشاعر :


                                                          وكاين بالمعن من أغر سميدع     إذا حمل الأثقال ليس ببادح

                                                          فهذا من العين ، وهو الإبداع الذي مضى ذكره ، إذا كل وأعيا . فأما قول القائل :


                                                          بالهجر من شعثاء وال     حبل الذي قطعته بدحا

                                                          فهو من الهاء ، كأنها فاجأت به من البديهة ، وقد مضى ذكره . وأما الذي حكاه أبو عبيد من قولهم بدحته بالعصا ، أي : ضربته بها ، فمحمول على قولهم : بدحته بالرمان وشبهها ، والأصل ذاك .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية