الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جاز بيع ( غائب ) فهو عطف على عمود إن وصف بل [ ص: 26 ] ( ولو بلا وصف ) لنوعه أو جنسه لكن ( على ) شرط ( خياره ) أي المشتري ( بالرؤية ) للمبيع ليخف غرره لا على اللزوم أو السكت فيفسد في غير التولية إذ فيها لا يضر السكوت لأنها معروف فقوله على خياره إلخ شرط في المبالغ عليه فقط إذ البيع على الوصف يجوز بإلزام فلو حذف ولو : كان أوضح ( أو ) بيع غائب بالصفة على اللزوم ، ولو ( على يوم ) ذهابا فقط فيجوز وأولى أكثر ، فكلامه فيما بيع بالصفة على اللزوم لا فيما بيع على الصفة بالخيار ولا فيما بيع على خيار بالرؤية ولا فيما بيع على رؤية متقدمة فلا يشترط كون ذلك على يوم بل ، ولو حاضرا في المجلس فأتى بهذا في حيز المبالغة للرد على من قال : إن ما على يوم فدون كالحاضر لسهولة إحضاره وإلا كان حقه أن يذكره بعد قوله الآتي : ولم تمكن رؤيته بلا مشقة ، المفروض في بيع الغائب على الصفة باللزوم واعترض على المصنف بأنه يقتضي أنه لا بد من إحضار حاضر بالبلد مجلس العقد ورؤيته مع أن الذي يفيده النقل أن حاضر مجلس العقد لا بد من رؤيته إلا فيما في فتحه ضرر أو فساد غير حاضر مجلس العقد يجوز بيعه بالصفة على اللزوم ، ولو بالبلد ، وإن لم يكن في إحضاره مشقة ( أو وصفه ) أي ولو وصفه ( غير بائعه ) فيجوز والأولى حذف غير ; لأن وصف غير البائع لا خلاف فيه ، وإنما الخلاف في وصف البائع وأجيب بأن وصف يقرأ مصدرا معطوفا على المصدر المنفي ونفي النفي إثبات والتقدير [ ص: 27 ] ولو بلا وصفه غير بائعه أي بأن وصفه بائعه .

التالي السابق


( قوله : وجاز بيع غائب ) اعلم أن بيع الغائب فيه ست صور ; لأنه إما أن يباع على الصفة أو بدونها وفي كل منهما إما أن يباع على البت أو على الخيار أو على السكوت وكلها جائزة إلا ما بيع بدون صفة على اللزوم أو السكوت فقول المصنف وجاز بيع غائب أي على البت أو على الخيار أو السكوت هذا إذا وصف ذلك المبيع الغائب بل وإن بلا وصف إن كان البيع على الخيار للمشتري لا إن كان بتا أو على السكوت ، فإنه لا يجوز فقوله : على خياره بالرؤية قيد فيما بعد لو فقط وهو المبيع بلا وصف وما ذكره هو المشهور ومذهب المدونة كما عزاه له غير واحد وأشار بلو لرد القول بأن الغائب لا يباع إلا بالصفة أو رؤية متقدمة ولا يجوز بيعه بلا وصف مطلقا ، ولو كان على الخيار ونسب هذا القول لبعض كبراء أصحاب [ ص: 26 ] الإمام قال ح قال في المقدمات وهو الصحيح .

( قوله : ولو بلا وصف لنوعه أو جنسه ) يحتمل أن المراد أنه لم يذكر الجنس أو النوع بناء على ما لابن عبد السلام ، فإنه قال : وظاهر سلمها الثالث أنه لا يحتاج لذكر جنس السلعة أهي عبد أو ثوب مثلا ويحتمل أن مراد الشارح أن المنفي وصف الجنس أو النوع ، وأما هما فلا بد من ذكره بناء على ما قاله ح ( قوله : على شرط خياره ) أي لكن بشرط أن يجعل الخيار للمشتري إذا رأى المبيع ( قوله : إذ فيها لا يضر ) يعني أنه إذا قال له : وليتك ما اشتريت بما اشتريت بدون وصف لما اشتراه فيجوز إذا جعل الخيار للمولى أو دخلا على السكوت ويكون للمولى في هذه الحالة الخيار ، وأما على اللزوم فيمنع للجهالة ( قوله : شرط في المبالغ عليه ) أي وهو الذي لم يوصف ، وأما الذي وصف فيجوز بيعه على البت وعلى الخيار وعلى السكوت فالصور ست ، المنع في اثنتين والجواز في أربع ( قوله : ولو على يوم ) أي هذا إذا كان غائبا غيبة بعيدة بل ولو كان غائبا على يوم ، حاصله أن ما بيع على الصفة باللزوم لا بد في جواز بيعه من كونه غائبا عن مجلس العقد ، ولو كانت مسافة الغيبة يوما ، وأما ما بيع على الصفة بالخيار أو بيع على الخيار بلا وصف أو بيع على رؤية متقدمة بتا أو على الخيار فلا يشترط في جواز بيعه غيبته بل يجوز بيعه ولو كان حاضرا في المجلس ، إذا علمت هذا تعلم أن قول المصنف ، ولو كان غائبا على يوم فيما بيع على الصفة باللزوم كما قال الشارح ( قوله : للرد على من قال ) أي وهو ابن شعبان ( قوله : كالحاضر ) أي في كونه لا يجوز بيعه على الصفة بتا بل لا بد من حضوره في مجلس العقد ورؤيته ( قوله : وإلا كان حقه إلخ ) أي وإلا يكن ذكره هنا في حيز المبالغة للرد فلا وجه لذكره هنا وكان حقه أن يذكره بعد قوله الآتي ولم تمكن رؤيته بلا مشقة المفروض في بيع الغائب بالصفة على اللزوم بأن يقول : ولم تمكن رؤيته بلا مشقة وهو على يوم ( قوله : واعترض على المصنف ) المعترض له بذلك الاعتراض ح وقوله : بأنه يقتضي إلخ أي لأنه قال : ولو كان غائبا على يوم فمفاده أنه إذا كان على دون يوم الصادق بالحاضر في البلد لا بد من إحضاره بمجلس العقد ولا يجوز بيعه على الصفة باللزوم ( قوله : مع أن الذي يفيده النقل ) مراده به المدونة فقد ذكر بعضهم أن هذا يؤخذ منها من خمس مواضع وتحصل من كلام الشارح أولا وآخرا أن ما بيع على الصفة بالخيار أو بلا وصف على الخيار بالرؤية أو بيع على رؤية متقدمة سواء كان بتا أو على الخيار لا يشترط فيه أن يكون غائبا بل يجوز بيعه ولو كان حاضرا في مجلس العقد أو بالبلد ، وأما ما بيع بالصفة على اللزوم فمفاد المصنف أنه لا بد أن يكون غائبا يوما فأكثر ولا يجوز بيعه إن كان حاضرا بالبلد إلا إذا حضر مجلس العقد ورئي ومفاد النقل أنه إن كان حاضرا في مجلس العقد فلا بد من رؤيته إلا إذا كان في رؤيته ضرر ، وإن كان حاضرا بالبلد دون مجلس العقد صح بيعه على اللزوم ، وإن لم يكن في إحضاره في مجلس العقد مشقة .

( قوله : أي ولو وصفه ) أشار الشارح إلى أنه عطف على قوله بلا وصف فهو في حيز المبالغة ( قوله : وإنما الخلاف في وصف البائع ) ففي الموازية والعتبية لا يجوز أن يباع الشيء بوصف بائعه لأنه لا يوثق بوصفه إذ قد يقصد الزيادة في الصفة لإنفاق سلعته وهو خلاف ما ارتضاه ابن رشد واللخمي من جواز البيع بوصف البائع نعم لا يجوز النقد فهو أي كون الوصف من غير البائع شرط في النقد عندهما لا في صحة البيع ا هـ فمتى كان الوصف من البائع منع النقد كان تطوعا أو بشرط كان المبيع عقارا أو غيره كما ارتضاه شيخنا [ ص: 27 ] قوله : ولو بلا وصفه ) أي ولو انتفى وصف غير البائع له




الخدمات العلمية