الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جاز للسيد ( بيع ما ) أي طعام ( على مكاتب ) كاتبه به ( منه ) أي من المكاتب أي له قبل قبضه منه بعين ، أو عرض ; لأنه يغتفر بين السيد وعبده ما لا يغتفر بين غيرهما ( وهل ) محل الجواز ( إن عجل العتق ) للمكاتب بأن يبيعه جميع ما عليه من النجوم ، أو بعضها ويعجل العتق على بقاء الباقي في ذمته [ ص: 154 ] أو الجواز مطلقا ; لأن الكتابة ليست دينا ثابتا في الذمة ولا يحاصص بها السيد الغرماء في موت ولا فلس ويجوز بيعها للمكاتب بدين مؤجل لا لأجنبي ( تأويلان و ) جاز لمن اشترى طعاما ( إقراضه ) قبل قبضه ( أو وفاؤه ) قبل قبضه ( عن قرض ) عليه إذ ليس في ذلك توالي عقدتي بيع لم يتخللهما قبض ، وأما وفاؤه عن دين فيمنع لوجود علة المنع ( و ) جاز ( بيعه لمقترض ) أي يجوز لمن تسلف طعاما أن يبيعه قبل قبضه من المسلف وسواء باعه لأجنبي ، أو للمقرض ; لأن القرض يملك بالقول . .

التالي السابق


( قوله وجاز للسيد إلخ ) أي سواء قلنا إن الكتابة عتق ، أو قلنا إنها بيع ; لأنه يغتفر بين السيد وعبده ما لا يغتفر بين غيرهما قاله شيخنا ( قوله أي طعام ) جعل ما واقعة على طعام ، وإن كانت من صيغ العموم مأخوذ من قرينة كون البحث في بيع الطعام قبل قبضه ( قوله كاتبه به ) أي لأجل معلوم ( قوله ; لأنه يغتفر إلخ ) أي ، وأما بيع ما على المكاتب من الطعام قبل قبضه منه لغيره فلا يجوز ; لأنه يغتفر إلخ .

( قوله وهل محل الجواز إن عجل العتق ) أي ; لأن العتق لكونه أمرا عظيما محترما يتشوف الشارع إليه اغتفر لأجله بيع الطعام قبل قبضه ( قوله بأن يبيعه جميع ما عليه من النجوم ) أي ; لأنه إذا باع له جميعها خرج حرا بمجرد البيع ولا يتوقف العتق على صيغة ( قوله ، أو بعضها ) أي ، أو باعه بعض النجوم وأبقى النجوم الباقية لأجلها وعجل عتقه على ذلك بأن يقول للعبد : أنت حر على أن تأتيني بكذا من الدراهم [ ص: 154 ] عوضا عن النجم الأول وباقي النجوم في ذمتك حتى تحل ، وعلى هذا التأويل فلا يجوز للسيد أن يبيع نجما من نجوم الكتابة للمكاتب قبل قبض ذلك النجم والحال أنه لم يعجل العتق الآن ; لأنه من باب بيع الطعام قبل قبضه ولم توجد حرمة العتق التي اغتفر ارتكاب المحظور لمراعاتها ( قوله ، أو الجواز مطلقا ) أي سواء باعه جميع نجوم الكتابة ، أو باعه نجما منها وأبقى الباقي لأجله عجل عتقه حين باعه النجم ، أو لم يعجله ( قوله ليست دينا ثابتا في الذمة ) أي في ذمة العبد حتى يلزم بيع الطعام قبل قبضه ( قوله ولا يحاصص بها السيد الغرماء ) أي غرماء المكاتب في موته ولا في فلسه وهذا كالعلة لما قبله ، وكذا ما بعده ( قوله ويجوز بيعها للمكاتب بدين ) أي فلو كانت دينا في ذمته لمنع ذلك لما فيه من فسخ الدين في الدين ( قوله لا لأجنبي ) أي ولا تباع بدين لأجنبي ; لأنه بيع دين بدين وهذا مجرد إفادة حكم ، وإلا فالمناسب للغرض الذي نحن بصدده ما قبله فقط ( قوله ، أو وفاؤه عن قرض ) أي أنه يجوز لمن اشترى طعاما أن يحيل على البائع قبل أن يقبضه منه شخصا بطعام له عليه من قرض ، وأما عكسه ، وهو أن يحيل بطعام عليك من بيع على طعام لك على شخص من قرض فقد نص ابن المواز على عدم جوازه ; لأن المشتري منك إذا أحلته فقد باع لك الطعام الذي له في ذمتك من بيع بغيره قبل قبضه منك وهو ظاهر ا هـ . بن ( قوله ، وأما وفاؤه عن دين ) أي غير قرض بأن كان عن مبايعة ( قوله وجاز بيعه لمقترض ) الجار والمجرور متعلق بجاز المدلول عليه بالعطف أي جاز لمن اقترض طعاما بيعه قبل قبضه وهذا عكس قوله وجاز لمن اشترى طعاما إقراضه ، ثم إن الجواز مقيد بأن يكون ذلك المقترض اقترضه من ربه ، وأما لو اقترضه ممن اشتراه قبل أن يقبضه المشتري فلا يجوز للمقترض أن يبيعه قبل أن يقبضه من البائع لمقرضه كما في المدونة ونصها ، وإن ابتعت طعاما فلم تقبضه حتى أسلفته رجلا فلا يعجبني أن تبيعه قبل أن تقبضه .




الخدمات العلمية