الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3631 ) فصل : ولا يجوز أن يكون رأس مال الشركة مجهولا ، ولا جزافا ; لأنه لا بد من الرجوع به عند المفاصلة ، ولا يمكن مع الجهل والجزاف . ولا يجوز بمال غائب ، ولا دين ; لأنه لا يمكن التصرف فيه في الحال ، وهو مقصود الشركة .

                                                                                                                                            ( 3632 ) فصل : ولا يشترط لصحتها اتفاق المالين في الجنس ، بل يجوز أن يخرج أحدهما دراهم والآخر دنانير . نص عليه أحمد . وبه قال الحسن ، وابن سيرين وقال الشافعي : لا تصح الشركة إلا أن يتفقا في مال واحد ، بناء على أن خلط المالين شرط ، ولا يمكن إلا في المال الواحد . ونحن لا نشترط ذلك ، ولأنهما من جنس الأثمان ، فصحت الشركة فيهما ، كالجنس الواحد ، ومتى تفاصلا ، رجع هذا بدنانيره ، وهذا بدراهمه ، ثم اقتسما الفضل .

                                                                                                                                            نص عليه أحمد ، فقال : يرجع هذا بدنانيره ، وهذا بدراهمه . وقال : كذا يقول محمد والحسن ، وقال القاضي : إذا أرادا المفاصلة ، قوما المتاع بنقد البلد ، وقوما مال الآخر به ، ويكون التقويم حين صرفا الثمن فيه . ولنا أن هذه شركة صحيحة ، رأس المال فيها الأثمان ، فيكون الرجوع بجنس رأس المال ، كما لو كان الجنس واحدا .

                                                                                                                                            ( 3633 ) فصل : ولا يشترط تساوي المالين في القدر . وبه قال الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . وقال بعض أصحاب الشافعي : يشترط ذلك . ولنا ، أنهما مالان من جنس الأثمان ، فجاز عقد الشركة عليهما ، كما لو تساويا .

                                                                                                                                            ( 3634 ) فصل : ولا يشترط اختلاط المالين ، إذا عيناهما وأحضراهما . وبهذا قال أبو حنيفة ومالك ، إلا أن مالكا شرط أن تكون أيديهما عليه ، بأن يجعلاه في حانوت لهما ، أو في يد وكيلهما .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : لا يصح حتى يخلطا المالين ; لأنهما إذا لم يخلطاهما فمال كل واحد منهما يتلف منه دون صاحبه ، أو يزيد له دون صاحبه ، فلم تنعقد الشركة ، كما لو كان من المكيل . ولنا ، أنه عقد يقصد به الربح ، فلم يشترط فيه خلط المال ، كالمضاربة ، ولأنه عقد على التصرف ، فلم يكن من شرطه الخلط كالوكالة . وعلى مالك ، فلم يكن من شرطه أن تكون أيديهما عليه ، كالوكالة .

                                                                                                                                            وقولهم : إنه يتلف من مال صاحبه ، أو يزيد على ملك صاحبه . ممنوع ، بل ما يتلف من مالهما وزيادته لهما ; لأن الشركة اقتضت ثبوت الملك لكل واحد منهما في نصف مال صاحبه ، فيكون تلفه منهما ، وزيادته لهما . وقال أبو حنيفة : متى تلف أحد المالين ، فهو من ضمان صاحبه . ولنا ، أن الوضيعة والضمان أحد موجبي الشركة ، فتعلق بالشريكين ، كالربح ، وكما لو اختلطا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية