الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3883 ) فصل : وإذا أقر الوارث بمن يحجبه ، كأخ أقر بابن للميت ، وأخ من أب أقر بأخ من أبوين ، وابن ابن أقر بابن للميت ، ثبت نسب المقر به ، وورث وسقط المقر . وهذا اختيار ابن حامد والقاضي ، وقول أبي العباس بن سريج . وقال أكثر أصحاب الشافعي : يثبت نسب المقر به ، ولا يرث ; لأن توريثه يفضي إلى إسقاط توريثه . فسقط ، بيانه أنه لو ورث لخرج المقر به عن كونه وارثا ، فيبطل إقراره ، ويسقط نسب المقر به وتوريثه ، فيؤدي توريثه إلى إسقاط نسبه وتوريثه ، فأثبتنا النسب دون الميراث .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه ابن ثابت النسب ، لم يوجد في حقه أحد موانع الإرث ، فيدخل في عموم قوله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين } . أي فيرث ، كما لو ثبت نسبه ببينة ، ولأن ثبوت النسب سبب للميراث ، فلا يجوز قطع حكمه عنه ، ولا يورث محجوب به مع وجوده وسلامته من الموانع . وما احتجوا به لا يصح ; لأننا إنما نعتبر كون المقر وارثا على تقدير عدم المقر به ، وخروجه بالإقرار عن الإرث لا يمنع صحته ، بدليل أن [ ص: 118 ] الابن إذا أقر بأخ فإنه يرث ، مع كونه يخرج بإقراره عن أن يكون جميع الورثة .

                                                                                                                                            فإن قيل : إنما يقبل إقراره إذا صدقه المقر به ، فصار إقرارا من جميع الورثة ، وإن كان المقر به طفلا أو مجنونا ، لم يعتبر قوله ، فقد أقر كل من يعتبر قوله . قلنا : ومثله هاهنا ، فإنه إن كان المقر به كبيرا ، فلا بد من تصديقه ، فقد أقر به كل من يعتبر إقراره ، وإن كان صغيرا غير معتبر القول ، لم يثبت النسب بقول الآخر كما لو كانا اثنين أحدهما صغير فأقر البالغ بأخ آخر ، لم يقبل ، ولم يقولوا : أنه لا تعتبر موافقته ، كذا هاهنا .

                                                                                                                                            ولأنه لو كان في يد إنسان عبد محكوم له بملكه ، فأقر به لغيره ، ثبت للمقر له ، وإن كان المقر يخرج بالإقرار عن كونه مالكا ، كذا هاهنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية