( 3636 ) فصل لأن كل واحد منهما يدفع المال إلى صاحبه أمنة ، وبإذنه له في التصرف وكله . ومن شرط صحتها أن يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف ، فإن أذن له مطلقا في جميع التجارات ، تصرف فيها ، وإن عين له جنسا أو نوعا أو بلدا ، تصرف فيه دون غيره ; لأنه متصرف بالإذن ، فوقف عليه ، كالوكيل . : وشركة العنان مبنية على الوكالة والأمانة ;
ويجوز لكل واحد منهما أن يبيع ويشتري مساومة ومرابحة وتولية ومواضعة ، وكيف رأى المصلحة ; لأن هذا عادة التجار . وله أن يقبض المبيع والثمن ، ويقبضهما ، ويخاصم في الدين ، ويطالب به ، ويحيل ، ويحتال ، ويرد بالعيب فيما وليه هو ، وفيما ولي صاحبه . وله أن يستأجر من رأس مال الشركة ويؤجر ; لأن المنافع أجريت مجرى الأعيان ، فصار كالشراء والبيع ، والمطالبة بالأجر لهما وعليهما ; لأن حقوق العقد لا تختص العاقد .
( 3637 ) فصل ; لأن الشركة تنعقد على التجارة ، وليست هذه الأنواع تجارة ، سيما تزويج العبد ، فإنه محض ضرر . وليس له أن يقرض ولا يحابي ; لأنه تبرع . وليس له التبرع . وليس له أن يشارك بمال الشركة ، ولا يدفعه مضاربة ; لأن ذلك يثبت في المال حقوقا ، ويستحق ربحه لغيره ، وليس ذلك له . : وليس له أن يكاتب الرقيق ، ولا يعتق على مال ولا غيره ، ولا يزوج الرقيق
وليس له أن يخلط مال الشركة بماله ، ولا مال غيره ; لأنه يتضمن إيجاب حقوق في المال ، وليس هو من التجارة المأذون فيها . ولا يأخذ بالمال سفتجة ; ولا يعطي به سفتجة ; لأن في ذلك خطرا لم يؤذن فيه . وليس له أن يستدين على مال الشركة ، فإن فعل فذلك له ، وله ربحه وعليه وضيعته . قال ، في رواية أحمد ، في من استدان في المال بوجهه ألفا : فهو له ، وربحه له والوضيعة عليه . صالح
وقال : إذا استقرض شيئا ، لزمهما ، وربحه لهما ; لأنه تمليك مال بمال ، فهو كالصرف . ونص القاضي يخالف هذا . ولأنه أدخل في الشركة أكثر مما رضي الشريك بالمشاركة فيه ، فلم يجز ، كما لو ضم إليها ألفا من ماله . ويفارق [ ص: 14 ] الصرف ; لأنه بيع وإبدال عين بعين ، فهو كبيع الثياب بالدراهم . وليس له أن يقر على مال الشركة ، فإن فعل لزم في حقه دون صاحبه ، سواء أقر بعين أو دين ; لأن شريكه إنما أذن في التجارة ، وليس الإقرار داخلا فيها . أحمد
وإن أقر بعيب في عين باعها ، قبل إقراره ، وكذلك يقبل إقرار الوكيل على موكله بالعيب . نص عليه وكذلك إن أقر ببقية ثمن المبيع ، أو بجميعه ، أو بأجر المنادي أو الحمال ، وأشباه هذا ، ينبغي أن يقبل ; لأن هذا من توابع التجارة ، فكان له ذلك ، كتسليم المبيع وأداء ثمنه . وإن ردت السلعة عليه بعيب ، فله أن يقبلها . وله أن يعطي أرش العيب ، أو يحط من ثمنه ، أو يؤخر ثمنه لأجل العيب ; لأن ذلك قد يكون أحظ من الرد ، وإن حط من الثمن ابتداء ، أو أسقط دينا لهما عن غريمهما ، لزم في حقه ، وبطل في حق شريكه ; لأنه تبرع ، والتبرع يجوز في حق نفسه دون شريكه . أحمد
وإن كان لهما دين حال ، فأخر أحدهما حصته من الدين ، جاز . وبه قال أبو يوسف وقال ومحمد : لا يجوز . ولنا ، أنه أسقط حقه من المطالبة ، فصح أن ينفرد أحدهما به ، كالإبراء . أبو حنيفة
( 3638 ) فصل : وهل لأحدهما أن يبيع نساء ؟ يخرج على روايتين ، بناء على الوكيل والمضارب . وسنذكر ذلك .
وإن ، جاز ; لأنه إذا اشترى بجنس ما عنده ، فهو يؤدي مما في يديه ، فلا يفضي إلى الزيادة في الشركة . وإن لم يكن في يده نقد ولا مثلي من جنس ما اشترى به ، أو كان عنده عرض فاستدان عرضا ، فالشراء له خاصة ، وربحه له ، وضمانه عليه ; لأنه استدانه على مال الشركة ، وليس له ذلك ، على ما أسلفناه . اشترى نساء بنقد عنده مثله ، أو نقد من غير جنسه ، أو اشترى بشيء من ذوات الأمثال وعنده مثله
والأولى أنه متى كان عنده من مال الشركة ما يمكنه من أداء الثمن منه ببيعه ، أنه يجوز ; لأنه أمكنه أداء الثمن من مال الشركة ، فأشبه ما لو كان عنده نقد ، ولأن هذا عادة التجار ولا يمكن التحرز منه . ؟ على روايتين ; إحداهما ، له ذلك ; لأنه عادة التجار ، وقد تدعو الحاجة إلى الإيداع . والثانية ، لا يجوز ; لأنه ليس من الشركة ، وفيه غرر . وهل له أن يبضع أو يودع
والصحيح أن الإيداع يجوز عند الحاجة إليه ; لأنه من ضرورة الشركة ، أشبه دفع المتاع إلى الحمال . وفي التوكيل فيما يتولى مثله بنفسه وجهان ، بناء على الوكيل . وقيل : يجوز للشريك التوكيل ، بخلاف الوكيل ; لأنه لو جاز للوكيل التوكيل ، لاستفاد بحكم العقد مثل العقد ، والشريك يستفيد بعقد الشركة ما هو أخص منه ودونه ; لأن التوكيل أخص من عقد الشركة . فإن وكل أحدهما ، ملك الآخر عزله ; لأن لكل واحد منهما التصرف في حق صاحبه بالتوكيل ، فكذلك بالعزل .
وهل لأحدهما أن يرهن بالدين الذي عليهما ، أو يرتهن بالدين الذي لهما ؟ على وجهين ، أصحهما ، أن له ذلك عند الحاجة ; لأن الرهن يراد للإيفاء ، والارتهان يراد للاستيفاء ، وهو يملك الإيفاء والاستيفاء ، فملك ما يراد لهما . والثاني ، ليس له ذلك ; لأن فيه خطرا . ولا فرق بين أن يكون ممن ولي العقد ، أو من غيره ، لكون القبض من حقوق العقد ، وحقوق العقد لا تختص العاقد ، فكذلك ما يراد له . وهل له ؟ فيه وجهان ، نذكرهما في المضاربة . السفر بالمال
فأما الإقالة ، فالأولى أنه يملكها ; لأنها إن كانت بيعا فهو يملك البيع ، وإن كانت فسخا فهو يملك الفسخ بالرد بالعيب ، إذا رأى المصلحة فيه ، فكذلك يملك الفسخ بالإقالة إذا كان الحظ فيه ، فإنه قد يشتري ما يرى أنه قد غبن فيه . ويحتمل أن لا يملكها إذا قلنا : هي فسخ ، لأن الفسخ [ ص: 15 ] ليس من التجارة .
وإن . جاز له أن يعمل كل ما يقع في التجارة ، من الإبضاع ، والمضاربة بالمال ، والمشاركة به ، وخلطه بماله ، والسفر به ، والإيداع ، والبيع نساء ، والرهن ، والارتهان ، والإقالة ، ونحو ذلك ; لأنه فوض إليه الرأي في التصرف الذي تقتضيه الشركة ، فجاز له كل ما هو من التجارة . قال له : اعمل برأيك
فأما ما كان تمسكا بغير عوض ، كالهبة ، والحطيطة لغير فائدة ، والقرض ، والعتق ، ومكاتبة الرقيق ، وتزويجهم ، ونحوه ، فليس له فعله ; لأنه إنما فوض إليه العمل برأيه في التجارة ، وليس هذا منها .