( 3661 ) فصل : وليس له ، في أحد الوجهين ، وهو مذهب السفر بالمال ; لأن في السفر تغريرا بالمال وخطرا ، ولهذا يروى : " إن المسافر وماله لعلى خطر " قلت ، إلا ما وقى الله تعالى : أي هلاك ، ولا يجوز له الشافعي . التغرير بالمال بغير إذن مالكه
والوجه الثاني ، له السفر به إذا لم يكن مخوفا . قال : قياس المذهب جوازه ، بناء على السفر الوديعة . وهذا قول القاضي . ويحكى ذلك عن مالك ; لأن الإذن المطلق ينصرف إلى ما جرت به العادة ، والعادة جارية بالتجارة سفرا وحضرا ، . ولأن المضاربة مشتقة من الضرب في الأرض ، فملك ذلك بمطلقها ، وهذان الوجهان في المطلق . أبي حنيفة
فأما إن أذن في السفر ، أو نهي عنه ، أو وجدت قرينة دالة على أحد الأمرين ، تعين ذلك ، وثبت ما أمر به . وحرم ما نهي عنه . وليس له السفر في موضع مخوف ، على الوجهين جميعا .
وكذلك لو أذن له في السفر مطلقا ، لم يكن له السفر في طريق مخوف ، ولا إلى بلد مخوف ، فإن فعل ، فهو ضامن لما يتلف ; لأنه متعد بفعل ما ليس له فعله . وإن سافر في طريق آمن جاز ، ونفقته في مال نفسه .
وبهذا قال ، ابن سيرين . ظاهر مذهب وحماد بن أبي سليمان . الشافعي
وقال الحسن ، ، والنخعي والأوزاعي ، ، ومالك وإسحاق ، ، وأصحاب الرأي : ينفق من المال بالمعروف ، إذا شخص به عن البلد ; لأن سفره لأجل المال ، فكانت نفقته منه [ ص: 25 ] كأجر الحمال . وأبو ثور
ولنا ، أن نفقته تخصه ، فكانت عليه ، كنفقة الحضر ، وأجر الطبيب ، وثمن الطب ، ولأنه دخل على أنه يستحق من الربح الجزء المسمى ، فلا يكون له غيره ، ولأنه لو استحق النفقة أفضى إلى أن يختص بالربح إذا لم يربح سوى ما أنفقه .
فأما إن اشترط له النفقة ، فله ذلك ، وله ما قدر له من مأكول وملبوس ومركوب وغيره .
قال ، في رواية أحمد : أحب إلي أن يشترط نفقة محدودة ، وإن أطلق صح . نص عليه . الأثرم
وله نفقته من المأكول ، ولا كسوة له . قال : إذا قال : له نفقته . فإنه ينفق . قيل له : فيكتسي ؟ قال : لا ، إنما له النفقة . وإن كان سفره طويلا ، يحتاج إلى تجديد كسوة ، فظاهر كلام أحمد جوازها ; لأنه قيل له : فلم يشترط الكسوة ، إلا أنه في بلد بعيد ، وله مقام طويل ، يحتاج فيه إلى كسوة . فقال : إذا أذن له في النفقة فعل ، ما لم يحمل على مال الرجل ، ولم يكن ذلك قصده . هذا معناه . أحمد
وقال القاضي : إذا شرط له النفقة ، فله جميع نفقته ، من مأكول أو ملبوس بالمعروف وأبو الخطاب
وقال : ينفق على معنى ما كان ينفق على نفسه ، غير متعد بالنفقة ، ولا مضر بالمال لم يذهب أحمد إلى تقدير النفقة ; لأن الأسعار تختلف ، وقد تقل ، وقد تكثر . فإن اختلفا في قدر النفقة ، فقال أحمد : يرجع في القوت إلى الإطعام في الكفارة ، وفي الكسوة إلى أقل ملبوس مثله . أبو الخطاب
فإن كان معه مال لنفسه مع مال المضاربة ، أو كان معه مضاربة أخرى ، أو بضاعة لآخر ، فالنفقة على قدر المالين ، لأن النفقة إنما كانت لأجل السفر ، والسفر للمالين ، فيجب أن تكون النفقة مقسومة على قدرهما ، إلا أن يكون رب المال قد شرط له النفقة مع علمه بذلك .
ولو أذن له في السفر إلى موضع معين ، أو غير معين ، ثم لقيه رب المال في السفر ، إما بذلك الموضع ، أو في غيره ، وقد نض المال ، فأخذ ماله ، فطالبه العامل بنفقة الرجوع إلى بلده ، لم يكن له ; لأنه إنما يستحق النفقة ما داما في القراض ، وقد زال ، فزالت النفقة ، ولذلك لو مات لم يجب تكفينه . وقد قيل : له ذلك ; لأنه كان شرط له نفقة ذهابه ورجوعه وغيره ، بتسفيره إلى الموضع الذي أذن له فيه ، معتقدا أنه مستحق للنفقة ذاهبا وراجعا ، فإذا قطع عنه النفقة ، تضرر بذلك .