( 3761 ) فصل : قال في رواية أحمد أبي الحارث ، في فهو من مال الباعث ; لأنه لم يأمره بمصارفته ، إنما كان [ ص: 65 ] من ضمان الباعث ; لأنه دفع إلى الرسول غير ما أمره به المرسل ، فإن المرسل إنما أمره بقبض ما له في ذمته ، وهي الدراهم ، ولم يدفعها ، وإنما دفع دينارا عوضا عن عشرة دراهم ، وهذا صرف يفتقر إلى رضى صاحب الدين وإذنه ، ولم يأذن ، فصار الرسول وكيلا للباعث في تأديته إلى صاحب الدين ومصارفته به ، فإذا تلف في يد وكيله . كان من ضمانه ، اللهم إلا أن يخبر الرسول الغريم أن رب الدين أذن له في قبض الدينار عن الدراهم . فيكون حينئذ من ضمان الرسول ; لأنه غره وأخذ الدينار على أنه وكيل للمرسل . رجل له على آخر دراهم ، فبعث إليه رسولا يقبضها ، فبعث إليه مع الرسول دينارا ، فضاع مع الرسول ،
وإن قبض منه الدراهم التي أمر بقبضها ، فضاعت من الرسول ، فهي من ضمان صاحب الدين ; لأنها تلفت من يد وكيله . وقال في رواية أحمد مهنا ، في فالضمان على الباعث . يعني الذي أعطاه الدينارين والثوبين ، ويرجع به على الرسول . رجل له عند آخر دنانير وثياب ، فبعث إليه رسولا ، وقال : خذ دينارا وثوبا . فأخذ دينارين وثوبين ، فضاعت ،
يعني عليه ضمان الدينار والثوب الزائدين ; إنما جعل عليه الضمان ; لأنه دفعهما إلى من لم يؤمر بدفعهما إليه ، ورجع بهما على الرسول ; لأنه غره ، وحصل التلف في يده ، فاستقر عليه الضمان . وللموكل تضمين الوكيل ; لأنه تعدى بقبض ما لم يؤمر بقبضه . فإذا ضمنه ، لم يرجع على أحد ; لأن التلف حصل في يده ، فاستقر الضمان عليه . وقال في أحمد ، فقال : أساء الوكيل في أخذ الرهن ، ولا ضمان عليه . إنما لم يضمنه ; لأنه رهن فاسد ، والقبض في العقد الفاسد ، كالقبض في الصحيح ، فما كان القبض في صحيحه مضمونا ، كان مضمونا في فاسده ، وما كان غير مضمون في صحيحه ، كان غير مضمون في فاسده . رجل وكل وكيلا في اقتضاء دينه ، وغاب ، فأخذ الوكيل به رهنا ، فتلف الرهن في يد الوكيل
ونقل البغوي ، عن في أحمد فلا شيء عليه . وإن ضاع أحدهما ، أيهما ضاع غرمه قال رجل أعطى آخر دراهم يشتري له بها شاة ، فخلطها مع دراهمه ، فضاعا ، : هذا محمول على أنه خلطها بما تميز منها . ويحتمل أنه أذن له في خلطها . أما إن خلطها بما لا تتميز منه بغير إذنه ، ضمنها ، كالوديعة . وإنما لزمه الضمان إذا ضاع أحدهما ، لأنه لا يعلم أن الضائع دراهم الموكل ، والأصل بقاؤها . ومعنى الضمان هاهنا ، أنه يحسب الضائع من دراهم نفسه القاضي
فأما على المحمل الآخر ، وهو إذا خلطها بما تتميز منه ، فإذا ضاعت دراهم الموكل وحدها فلا ضمان عليه ; لأنها ضاعت من غير تعد منه .