( 3801 ) فصل : وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=25464وكله في شراء سلعة موصوفة ، لم يجز أن يشتريها إلا سليمة لأن إطلاق البيع يقتضي السلامة ، ولذلك جاز الرد بالعيب .
فإن اشترى معيبا يعلم عيبه ، لم يلزم الموكل ; لأنه اشترى غير ما أذن
[ ص: 81 ] له فيه ، وإن لم يعلم عيبه ، صح ، البيع ; لأنه إنما يلزمه شراء الصحيح في الظاهر ، لعجزه عن التحرز عن شراء معيب لا يعلم عيبه ، فإذا علم عيبه ملك رده ; لأنه قائم في الشراء مقام الموكل ، وللموكل رده أيضا ; لأن الملك له ، فإن حضر قبل رد الوكيل ، ورضي بالعيب ، لم يكن للوكيل رده ; لأن الحق له ، بخلاف المضارب ، فإن له الرد وإن رضي رب المال ; لأن له حقا فلا يسقط برضى غيره ، وإن لم يحضر ، فأراد الوكيل الرد ، فقال له البائع : توقف حتى يحضر الموكل ، فربما رضي بالعيب . لم يلزمه ذلك ; لأنه لا يأمن فوات الرد لهرب البائع ، وفوات الثمن بتلفه ، وإن أخره بناء على هذا القول ، فلم يرض به الموكل ، لم يسقط رده . وإن قلنا : الرد على الفور ; لأنه أخره بإذن البائع فيه .
وإن قال البائع : موكلك قد علم العيب فرضيه . لم يقبل قوله إلا ببينة ، فإن لم يكن له بينة لم يستحلف الوكيل ، إلا أن يدعي علمه ، فيحلف على نفي العلم . وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله عنه أنه لا يستحلف ; لأنه لو حلف كان نائبا في اليمين ، وليس بصحيح ، فإنه لا نيابة هاهنا ، وإنما يحلف على نفي علمه ، وهذا لا ينوب فيه عن أحد .
فإن رد الوكيل ، وحضر الموكل ، وقال : بلغني العيب ، ورضيت به . وصدقه البائع ، أو قامت به بينة ، لم يقع الرد موقعه ، وكان للموكل استرجاعه ، وللبائع رده عليه ; لأن رضاه به عزل الوكيل عن الرد ، بدليل أنه لو علمه لم يكن له الرد ، إلا أن نقول : إن الوكيل لا ينعزل حتى يعلم العزل . وإن رضي الوكيل المعيب ، أو أمسكه إمساكا ينقطع به الرد ، فحضر الموكل ، فأراد الرد ، فله ذلك إن صدقه البائع أن الشراء له ، أو قامت به بينة . وإن كذبه ولم تكن به بينة ، فحلفه البائع أنه لا يعلم أن الشراء له ، فليس له رده ; لأن الظاهر أن من اشترى شيئا فهو له ، ويلزم الوكيل ، وعليه غرامة الثمن . وهذا كله مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : للوكيل شراء المعيب ; لأن التوكيل في البيع مطلقا يدخل المعيب في إطلاقه ، ولأنه أمينه في الشراء ، فجاز له شراء المعيب ، كالمضارب . ولنا ، أن البيع بإطلاقه يقتضي الصحيح دون المعيب ، فكذلك الوكالة فيه ، ويفارق المضاربة من حيث إن المقصود فيها الربح ، والربح يحصل من المعيب كحصوله من الصحيح ، والمقصود من الوكالة شراء ما يقتني أو يدفع به حاجته ، وقد يكون العيب مانعا من قضاء الحاجة به ومن قنيته ، فلا يحصل المقصود .
وقد ناقض
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة أصله ; فإنه قال في قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فتحرير رقبة } : لا تجوز العمياء ولا معيبة عيبا يضر بالعمل . وقال هاهنا : يجوز للوكيل شراء الأعمى والمقعد ومقطوع اليدين والرجلين .
( 3801 ) فَصْلٌ : وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=25464وَكَّلَهُ فِي شِرَاءِ سِلْعَةٍ مَوْصُوفَةٍ ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَهَا إلَّا سَلِيمَةً لِأَنَّ إطْلَاقَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ ، وَلِذَلِكَ جَازَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ .
فَإِنْ اشْتَرَى مَعِيبًا يَعْلَمُ عَيْبَهُ ، لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ ; لِأَنَّهُ اشْتَرَى غَيْرَ مَا أَذِنَ
[ ص: 81 ] لَهُ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْبَهُ ، صَحَّ ، الْبَيْعُ ; لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ شِرَاءُ الصَّحِيحِ فِي الظَّاهِرِ ، لِعَجْزِهِ عَنْ التَّحَرُّزِ عَنْ شِرَاءِ مَعِيبٍ لَا يَعْلَمُ عَيْبَهُ ، فَإِذَا عَلِمَ عَيْبَهُ مَلَكَ رَدَّهُ ; لِأَنَّهُ قَائِمٌ فِي الشِّرَاءِ مَقَامَ الْمُوَكِّلِ ، وَلِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ أَيْضًا ; لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ ، فَإِنْ حَضَرَ قَبْلَ رَدِّ الْوَكِيلِ ، وَرَضِيَ بِالْعَيْبِ ، لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ رَدُّهُ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ ، بِخِلَافِ الْمُضَارِبِ ، فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ رَضِيَ رَبُّ الْمَالِ ; لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فَلَا يَسْقُطُ بِرِضَى غَيْرِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ، فَأَرَادَ الْوَكِيلُ الرَّدَّ ، فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ : تَوَقَّفْ حَتَّى يَحْضُرَ الْمُوَكِّلُ ، فَرُبَّمَا رَضِيَ بِالْعَيْبِ . لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ فَوَاتَ الرَّدِّ لِهَرَبِ الْبَائِعِ ، وَفَوَاتَ الثَّمَنِ بِتَلَفِهِ ، وَإِنْ أَخَّرَهُ بِنَاءً عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، فَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّلُ ، لَمْ يَسْقُطْ رَدُّهُ . وَإِنْ قُلْنَا : الرَّدُّ عَلَى الْفَوْرِ ; لِأَنَّهُ أَخَّرَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فِيهِ .
وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ : مُوَكِّلُك قَدْ عَلِمَ الْعَيْبَ فَرَضِيَهُ . لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَمْ يُسْتَحْلَفْ الْوَكِيلُ ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عِلْمَهُ ، فَيَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ . وَبِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْلَفُ ; لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ كَانَ نَائِبًا فِي الْيَمِينَ ، وَلَيْسَ بِصَحِيحِ ، فَإِنَّهُ لَا نِيَابَةَ هَاهُنَا ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ ، وَهَذَا لَا يَنُوبُ فِيهِ عَنْ أَحَدٍ .
فَإِنْ رَدَّ الْوَكِيلُ ، وَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ ، وَقَالَ : بَلَغَنِي الْعَيْبُ ، وَرَضِيت بِهِ . وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ ، أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ ، لَمْ يَقَعْ الرَّدُّ مَوْقِعَهُ ، وَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ اسْتِرْجَاعُهُ ، وَلِلْبَائِعِ رَدُّهُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ رِضَاهُ بِهِ عَزَلَ الْوَكِيلَ عَنْ الرَّدِّ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ ، إلَّا أَنْ نَقُولَ : إنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ حَتَّى يَعْلَمَ الْعَزْلَ . وَإِنْ رَضِيَ الْوَكِيلُ الْمَعِيبَ ، أَوْ أَمْسَكَهُ إمْسَاكًا يَنْقَطِعُ بِهِ الرَّدُّ ، فَحَضَرَ الْمُوَكِّلُ ، فَأَرَادَ الرَّدَّ ، فَلَهُ ذَلِكَ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَهُ ، أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ . وَإِنْ كَذَّبَهُ وَلَمْ تَكُنْ بِهِ بَيِّنَةٌ ، فَحَلَّفَهُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشِّرَاءَ لَهُ ، فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا فَهُوَ لَهُ ، وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ ، وَعَلَيْهِ غَرَامَةُ الثَّمَنِ . وَهَذَا كُلُّهُ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ الْمَعِيبِ ; لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا يَدْخُلُ الْمَعِيبُ فِي إطْلَاقِهِ ، وَلِأَنَّهُ أَمِينُهُ فِي الشِّرَاءِ ، فَجَازَ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ ، كَالْمُضَارِبِ . وَلَنَا ، أَنَّ الْبَيْعَ بِإِطْلَاقِهِ يَقْتَضِي الصَّحِيحَ دُونَ الْمَعِيبِ ، فَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ فِيهِ ، وَيُفَارِقُ الْمُضَارَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا الرِّبْحُ ، وَالرِّبْحُ يَحْصُلُ مِنْ الْمَعِيبِ كَحُصُولِهِ مِنْ الصَّحِيحِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْوَكَالَةِ شِرَاءُ مَا يَقْتَنِي أَوْ يَدْفَعُ بِهِ حَاجَتَهُ ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ مَانِعًا مِنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ بِهِ وَمِنْ قِنْيَتِهِ ، فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ .
وَقَدْ نَاقَضَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ أَصْلَهُ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=3فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } : لَا تَجُوزُ الْعَمْيَاءُ وَلَا مَعِيبَةٌ عَيْبًا يَضُرُّ بِالْعَمَلِ . وَقَالَ هَاهُنَا : يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدِ وَمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ .