( 3827 ) فصل : إذا قال : له هذه الدار هبة ، أو سكنى ، أو عارية  كان إقرارا بما أبدل به كلامه ، ولم يكن إقرارا بالدار ; لأنه رفع بآخر كلامه بعض ما دخل في أوله ، فصح ، كما لو أقر بجملة واستثنى بعضها . وذكر  القاضي  في هذا وجها ، أنه لا يصح ; لأنه استثناء من غير الجنس ، وليس هذا استثناء ، إنما هذا بدل ، وهو سائغ في اللغة . ويسمى هذا النوع من البدل بدل الاشتمال ، وهو أن يبدل من الشيء بعض ما يشتمل عليه ذلك الشيء ، كقوله تعالى : { يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه    } . فأبدل القتال من الشهر المشتمل عليه . 
وقال تعالى إخبارا عن موسى  عليه السلام ، أنه قال : { وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره    } . أي أنساني ذكره . وإن قال : له هذه الدار ثلثها . أو قال : ربعها . صح ، ويكون مقرا بالجزء الذي أبدله ، وهذا بدل البعض ، وليس ذلك باستثناء . 
ومثله قوله تعالى : { قم الليل إلا قليلا نصفه    } . 
وقوله سبحانه : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا    } . ولكنه في معنى الاستثناء ، في كونه يخرج من الكلام بعض ما يدخل فيه لولاه ، ويفارقه في أنه يجوز أن يخرج أكثر من النصف ، وأنه يجوز إبدال الشيء من غيره إذا كان مشتملا عليه ، ألا ترى أن الله تعالى أبدل المستطيع للحج من الناس ، وهو أقل من نصفهم ، وأبدل القتال من الشهر الحرام ، وهو  [ ص: 94 ] غيره ؟ ومتى قال : له هذه الدار سكنى أو عارية ثبت فيها حكم ذلك ، وله أن لا يسكنه إياها ، وأن يعود فيما أعاره . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					