( 3864 ) فصل : وإن ، قبل تفسيره بقليل المال وكثيره . وبهذا قال أقر بمال . وقال الشافعي : لا يقبل تفسيره بغير المال الزكوي ; لقول الله تعالى : { أبو حنيفة خذ من أموالهم صدقة تطهرهم } . وقوله : { وفي [ ص: 110 ] أموالهم حق } .
وحكى بعض أصحاب عنه ثلاثة أوجه ; أحدها ، كقولنا . مالك
والثاني ; لا يقبل إلا أول نصاب من نصب الزكاة ، من نوع أموالهم . والثالث ، ما يقطع به السارق ، ويصح مهرا ; لقول الله تعالى : { أن تبتغوا بأموالكم } . ولنا ، أن غير ما ذكروه يقع عليه اسم المال حقيقة وعرفا ، ويتمول عادة ، فيقبل تفسيره به ، كالذي وافقوا عليه .
وأما آية الزكاة فهي عامة دخلها التخصيص ، وقوله تعالى : { وفي أموالهم حق } . لم يرد به الزكاة ، بدليل أنها نزلت بمكة قبل فرض الزكاة ، فلا حجة لهم فيها ، ثم يرد قولهم قوله تعالى : { أن تبتغوا بأموالكم } . والتزويج جائز بأي نوع كان من المال ، وبما دون النصاب .
وإن قال : له علي مال عظيم ، أو كثير ، أو جليل ، أو خطير . جاز تفسيره بالقليل والكثير ، كما لو قال : مال . لم يزد عليه . وهذا قول . وحكي عن الشافعي : لا يقبل تفسيره بأقل من عشرة دراهم ; لأنه يقطع به السارق ، ويكون صداقا عنده . وعنه : لا يقبل بأقل من مائتي درهم . وبه قال صاحباه ; لأنه الذي تجب فيه الزكاة . وقال بعض أصحاب أبي حنيفة كقولهم في المال . ومنهم من قال : يزيد على ذلك أقل زيادة . ومنهم من قال : قدر الدية . وقال مالك : اثنان وسبعون ; لأن الله تعالى قال : { الليث بن سعد لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } . وكانت غزواته وسراياه اثنتين وسبعين .
قالوا : ولأن الحبة لا تسمى مالا عظيما ولا كثيرا . ولنا ، أن ما فسر به المال فسر به العظيم ، كالذي سلموه ، ولأن العظيم والكثير لا حد له في الشرع ، ولا في اللغة ، ولا العرف ، ويختلف الناس فيه ; فمنهم من يستعظم القليل ، ومنهم من يستعظم الكثير ، ومنهم من يحتقر الكثير ، فلم يثبت في ذلك حد يرجع إلى تفسيره به ، ولأنه ما من مال إلا وهو عظيم كثير بالنسبة إلى ما دونه .
ويحتمل أنه أراد عظيما عنده ; لفقر نفسه ودناءتها ، وما ذكروه فليس فيه تحديد للكثير ، وكون ما ذكروه كثيرا لا يمنع الكثرة فيما دونه ، وقد قال الله تعالى : { واذكروا الله كثيرا } . فلم ينصرف إلى ذلك ، وقال : { كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة } . فلم يحمل على ذلك . والحكم فيما إذا قال : عظيم جدا ، أو عظيم عظيم . كما لو لم يقله ; لما قررناه .