الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3939 ) فصل : وإن غصب أرضا ، فحفر فيها بئرا فطالبه المالك بطمها ، لزمه ذلك ; لأنه يضر بالأرض ، ولأن التراب ملكه ، نقله من موضعه ، فلزمه رده ، كتراب الأرض . وكذلك إن حفر فيها نهرا ، أو حفر بئرا في ملك رجل بغير إذنه .

                                                                                                                                            وإن أراد الغاصب طمها ، فمنعه المالك ، نظرنا ; فإن كان له غرض في طمها ، بأن يسقط عنه ضمان ما يقع فيها ، أو يكون قد نقل ترابها إلى ملك نفسه ، أو ملك غيره ، أو طريق يحتاج إلى تفريغه ، فله الرد ; لما فيه من الغرض .

                                                                                                                                            وبهذا قال الشافعي وإن لم يكن له غرض في طم البئر ، مثل أن يكون قد وضع التراب في ملك المغصوب منه ، وأبرأه المغصوب منه مما حفر ، وأذن فيه ، لم يكن له طمها ، في أحد الوجهين ; لأنه إتلاف لا نفع فيه ، فلم يكن له فعله ، كما لو غصب نقرة ، فطبعها دراهم ، ثم أراد جعلها نقرة . وبهذا قال أبو حنيفة والمزني وبعض الشافعية .

                                                                                                                                            وقال بعضهم : له طمها . وهو الوجه الثاني لنا ; لأنه لا يبرأ من الضمان بإبراء المالك ، لأنه إبراء مما لم يجب بعد ، وهو أيضا إبراء من حق غيره وهو الواقع فيها . ولنا ، أن الضمان إنما لزمه لوجود التعدي ، فإذا رضي صاحب الأرض ، زال التعدي ، فزال الضمان ، وليس هذا إبراء مما لم يجب ، وإنما هو إسقاط التعدي برضائه به . وهكذا ينبغي أن يكون إذا لم يتلفظ بالإبراء ، ولكن منعه من طمها ; لأنه يتضمن رضاه بذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية