[ ص: 178 ] كتاب الشفعة وهي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه المنتقلة عنه من يد من انتقلت إليه . 
وهي ثابتة بالسنة والإجماع ;  أما السنة ، فما روى  جابر  رضي الله عنه قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق ، فلا شفعة  } . متفق عليه .  ولمسلم  قال : { قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل شرك لم يقسم ; ربعة ، أو حائط ، لا يحل له أن يبيع حتى يستأذن شريكه . فإن شاء أخذ ، وإن شاء ترك ، فإن باع ولم يستأذنه فهو أحق به   } . 
 وللبخاري    : { إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة فيما لم يقسم ، فإذا وقعت الحدود ، وصرفت الطرق ، فلا شفعة .   } وأما الإجماع ، فقال  ابن المنذر    : أجمع أهل العلم على إثبات الشفعة للشريك الذي لم يقاسم ، فيما بيع من أرض أو دار أو حائط    . والمعنى في ذلك أن أحد الشريكين إذا أراد أن يبيع نصيبه ، وتمكن من بيعه لشريكه ، وتخليصه مما كان بصدده من توقع الخلاص والاستخلاص ، فالذي يقتضيه حسن العشرة ، أن يبيعه منه ، ليصل إلى غرضه من بيع نصيبه ، وتخليص شريكه من الضرر ، فإذا لم يفعل ذلك ، وباعه لأجنبي ، سلط الشرع الشريك على صرف ذلك إلى نفسه . 
ولا نعلم أحدا خالف هذا إلا الأصم  ، فإنه قال : لا تثبت الشفعة ; لأن في ذلك إضرارا بأرباب الأملاك ، فإن المشتري إذا علم أنه يؤخذ منه إذا ابتاعه ، لم يبتعه ، ويتقاعد الشريك عن الشراء ، فيستضر المالك . 
وهذا ليس بشيء لمخالفته الآثار الثابتة والإجماع المنعقد قبله . والجواب عما ذكره من وجهين ; أحدهما ، أنا نشاهد الشركاء يبيعون ، ولا يعدم من يشتري منهم غير شركائهم ، ولم يمنعهم استحقاق الشفعة من الشراء . الثاني ، أنه يمكنه إذا لحقته بذلك مشقة أن يقاسم ، فيسقط استحقاق الشفعة ، واشتقاق الشفعة من الشفع ، وهو الزوج ، فإن الشفيع كان نصيبه منفردا في ملكه ، فبالشفعة يضم المبيع إلى ملكه فيشفعه به . 
وقيل : اشتقاقها من الزيادة ; لأن الشفيع يزيد المبيع في ملكه . 
				
						
						
