- النبوة والغيب
لذلك نعتقد أن الرسل -مع فضلهم وحب الله لهم- لا يشاركون الرب في معرفة الغيوب، بل كلهم يقول:
( لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب ) (المائدة:109) ،
وقد علم الله تعـالى نبيه أن يقول لما طلب منه المشركون أن يأتي ببعض الخوارق: ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هـل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون ) (الأنعام:50) .
وفسر ذلك أبو السعـود بقوله: «أي: قل للكفرة الذين يقترحون عليك تارة تنزيل الآيات وأخرى غير [ ص: 37 ] ذلك، لا أدعي أن خزائن مقدوراته تعالى مفوضة إلي أتصرف فيها كيفما أشاء استقلالا أو استدعاء حتى تقترحوا علي تنزيل الآيات أو إنـزال العذاب أو قلب الجبال ذهبا، أو غير ذلك مما لا يليق بشأني. وجعل هـذا تبرؤا عن دعوى الألهية مما لا وجه له قطعا... ولا أدعي أيضا أني أعلم الغيب من أفعاله تعالى حتى تسألوني عن وقت الساعة أو وقت نزول العذاب أو نحوهما» [1] . والجـدير بالذكر أن كلمة الغيب هـنا عامة، فهو -كما قال البغوي - كل ما غاب مما مضى ومما سيكون [2] .